الحرب في غزة لا تؤثر على موقف الأردنيين من الشركاء الأساسيين: واشنطن حليف أساسي وداعم لا غنى عنه

الرأي العام الأردني لا يميل إلى علاقات مع روسيا والصين.
الأربعاء 2024/07/24
شعارات لا تعكس الواقع

شكل استطلاع للرأي أجراه مركز نماء مفاجأة بالنسبة إلى الكثيرين، حيث كشف عن ميل معظم الأردنيين إلى تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة ورفض أي تشويش قد يطالها، ما يعكس عقلية براغماتية ورهانا على الدور الذي تلعبه واشنطن في الحفاظ على استقرار المملكة في غمرة التحولات والصراعات التي تشهدها المنطقة.

عمان - لم تؤثر الحرب المستمرة في قطاع غزة على توجهات ومواقف الرأي العام الأردني من التحالفات القائمة لبلادهم، وذلك على عكس المتوقع.

وكشف استطلاع للرأي أن شريحة مهمة من الأردنيين تنظر إلى الولايات المتحدة وبدرجة أقل إلى المملكة العربية السعودية كحليفين وداعمين أساسيين للمملكة. في المقابل أبدى أغلب الأردنيين المشاركين في الاستطلاع قلقا من تنامي الحضور الإيراني في المنطقة، وانعكاسات ذلك على بلادهم.

وتمثل نتائج الاستطلاع الذي أعده مركز نماء لاستطلاع الرأي “صوتي” – نماء للاستشارات الإستراتيجية، مفاجأة بالنسبة إلى الكثيرين،  وتمثل تحولا ملحوظا مقارنة باستطلاعات رأي سابقة نشرها المركز حول مواقف الأردنيين من علاقات بلادهم الخارجية، وتحديدا استطلاعين تم تنفيذهما في فبراير الماضي ونوفمبر 2023.

38

في المئة من الأردنيين يعتبرون الولايات المتحدة أهم داعم اقتصادي للأردن

ويرى محللون أن ما كشف عنه الاستطلاع يعكس حرصا من الأردنيين على الحفاظ على استقرار المملكة، وأن هناك قناعة لدى المواطنين بأن دعمهم للفلسطينيين في قطاع غزة لا يجب أن يكون على حساب الداخل، وأن هناك حاجة إلى الحفاظ على العلاقات مع الشركاء الرئيسيين مثل الولايات المتحدة. ويقول المحللون إن الاستطلاع يكشف أن الوضع الاقتصادي يبقى المحرك الرئيسي لتوجهات الرأي العام في الأردن.

وذكرت نتائج الاستطلاع التي عرضتها وكالة عمون المحلية أن 38 في المئة من الأردنيين يعتبرون الولايات المتحدة أبرز شريك وأهم داعم اقتصادي للأردن، مقارنة بـ32.3 في المئة أشاروا إلى المملكة العربية السعودية. ويرى 62.1 في المئة من عينة قادة الرأي أن الولايات المتحدة هي الحليف والداعم الذي لا غنى عنه للأردن.

وعلى الرغم من أن ما يقرب من 80 في المئة من الأردنيين يعتقدون أن الولايات المتحدة تتحمل المسؤولية الكاملة في الصراع الحالي في غزة، إلا أن 14.2 في المئة فقط يفضلون تقليص العلاقات السياسية بين الحكومتين الأردنية والأميركية.

ويفضل أكثر من نصف الأردنيين حاليا تعزيز العلاقات بين الحكومتين الأردنية والأميركية، وهو ما يمثل زيادة من 40.2 في المئة المسجلة في نوفمبر الماضي.

وعلى مدار الأشهر الماضية شهدت الساحة القريبة من السفارة الأميركية في عمان مسيرات احتجاجية على المواقف الأميركية حيال الحرب في قطاع غزة، لكن هذه الاحتجاجات انحسرت بشكل واضح في الفترة الأخيرة، ما ربطه البعض بتخوّف الشارع الأردني من أن يستغل البعضُ الحراكَ لخلق فتنة في الداخل، وهو ما سبق أن حذرت منه الحكومة مرارا.

ويرى المحللون أن الوعي الجمعي في الأردن يدرك أن الوضع الجيوسياسي للبلاد حساس ومعقد، كما أن أي هزة للعلاقات مع واشنطن ستكلفهم الكثير لاسيما في ظل التحديات التي تواجه المملكة في الداخل، خاصة على الصعيد الاقتصادي.

وإثر سؤال الأردنيين عن مدى تقبلهم لوجود استثمارات أميركية في الأردن، أفاد أكثر من ثلثي الأردنيين بأنهم يتقبلون كثيرا أو إلى حد ما وجود الاستثمارات الأميركية في البلد، مقارنة بنحو 82 في المئة من عينة قادة الرأي، وبرز قطاع الصناعة كأهم القطاعات التي يفضل الأردنيون وقادة الرأي أن يتم توجيه هذه الاستثمارات نحوها.

78.3

في المئة من الأردنيين يشعرون بالقلق حيال أي تصعيد محتمل بين حماس وإسرائيل.

ومع وصف ما يقرب من ثلثي الأردنيين للأوضاع الاقتصادية الحالية في الأردن بأنها سيئة جداً أو سيئة إلى حد ما، واعتبار 78.6 في المئة منهم قضايا اقتصادية مثل البطالة (43 في المئة) والفقر (20.5 في المئة) وارتفاع الأسعار (15.1 في المئة) أهم التحديات التي تواجه الأردن اليوم، يتفهم الأردنيون ضرورة التمييز بين المصالح الاقتصادية الوطنية والتحفظات السياسية، وخاصة في ظل أهمية دعم الولايات المتحدة لاقتصاد الأردن، والذي سيبلغ 2.1 مليار دولار سنويا.

وعلى الجانب المقابل كشف استطلاع الرأي لمركز نماء أن الأردنيين غير متحمسين لأي علاقات مع الصين وروسيا على حساب العلاقات الأردنية – الأميركية. وقال حوالي 76 في المئة من الأردنيين إنهم لا يدعمون تعزيز العلاقات مع أي من الصين أو روسيا إن كان ذلك سيضعف من العلاقات الأردنية – الأميركية.

وخلال السنوات الأخيرة تنامى الحضور الصيني والروسي في المنطقة، وهناك من النخب وحتى الأوساط الشعبية العربية من تقر بضرورة التوجه شرقا لكسر الاحتكار الأميركي، لكن الوضع يبدو مختلفا في الأردن، حيث أن الأردنيين يعتقدون أن العلاقة مع الولايات المتحدة تشكل في جانب منها مظلة أمان للمملكة، سواء على الصعيد الأمني أو الاقتصادي.

وحول الأوضاع الراهنة في المنطقة أعرب 56 في المئة من الأردنيين عن قلقهم إزاء توسع نفوذ إيران الإقليمي. وكشف الاستطلاع أن 78.3 في المئة من الأردنيين يشعرون بالقلق حيال أي تصعيد محتمل بين حماس وإسرائيل.

وتم إجراء الاستطلاع على عينة وطنية تمثل 1525 أردنيا وأردنية تمت مقابلتهم بشكل مباشر في شهر مايو 2024 مع هامش خطأ بلغ 2.5 في المئة ونسبة ثقة بلغت 95 في المئة، بالإضافة إلى عينة من قادة الرأي العام بلغ حجمها 324 من السياسيين والصحافيين والأكاديميين والحزبيين والنقابيين والمدراء التنفيذيين.

وهدف الاستطلاع إلى تقديم إطار للرأي العام بشأن الأوضاع الراهنة في المنطقة بالإضافة إلى مجموعة من المواضيع التي تشمل الشؤون المحلية والإقليمية والعالمية.

2