الحرب في الشرق الأوسط تضغط على نشاط سوق الأسهم السعودية

المخاوف تتزايد بشأن احتمال وقوع صدام عسكري مباشر بين الأطراف الإقليمية.
الاثنين 2024/10/07
وضع شائك

الرياض – رصد الخبراء تذبذبا في نشاط البورصة السعودية (تداول) منذ مطلع الشهر الحالي بعد ارتفاعها الصيفي، حيث عانت سوق الأسهم من أسوأ بداية لها في الربع الرابع من هذا العام منذ سنوات مع تصاعد التوترات الإقليمية.

وتراجع مؤشر تداول لجميع الأسهم بنسبة 2.2 في المئة خلال أول ثلاثة أيام تداول من أكتوبر الحالي، وسط تكثيف إسرائيل لحملتها ضد حزب الله المدعوم من إيران والتخطيط للانتقام من طهران على هجماتها الصاروخية الأخيرة.

وبينما تمكّن المؤشر من تجاهل التوترات المتصاعدة وأسعار النفط الخام الضعيفة لأشهر، فإن النكسة الأخيرة محت كل مكاسبه منذ بداية العام.

ويدور جدل حول ما إذا كانت السوق قادرة على تحمل المزيد من التصعيد في الصراع، بموازاة أسعار نفط أقل بكثير من المستويات المطلوبة لتمويل مشاريع التنويع الاقتصادي لدى السعودية.

جاسم الجبران: مؤشر بورصة تداول قد يتحسن إذا خفت حدة التوترات
جاسم الجبران: مؤشر بورصة تداول قد يتحسن إذا خفت حدة التوترات

وبالنسبة للعديد من المستثمرين، فإن الإجابة هي النفي على الأقل للمدى المنظور، حيث يشير ريان ليماند، الرئيس التنفيذي لشركة نيوفيجن لإدارة الثروات، إلى أن “المستثمرين يشعرون بالهلع إزاء الحروب والصراعات الجيوسياسية”.

ويتوقع جاسم الجبران، رئيس قسم أبحاث البيع في الجزيرة كابيتال، أن تظل السوق تحت الضغط في الأمد القريب، مرجّحا أن ينخفض مؤشر تداول إلى 11380 نقطة، أي بنحو 5 في المئة عن الإغلاق الأخير.

لكنه استطرد خلال حديث مع بلومبيرغ الشرق قائلا إنه “قد يرتفع بنفس القدر إذا تحسنت الظروف في منطقة الشرق الأوسط”. واعتبر الجبران أن المخاوف تتزايد بشأن احتمال وقوع صدام عسكري مباشر بين الأطراف الإقليمية.

وأضاف “في حين أن توجُّه السعودية هو البقاء على الحياد، فإن أي تصعيد قرب مضيق هرمز الحيوي من شأنه أن يؤدي إلى أزمة دولية بسبب أهميته لسلسلة إمداد النفط العالمية”.

وتظل حركة أسعار النفط جزءا لا يتجزأ من نشاط البورصة السعودية. ففي حين تنفق البلاد بكثافة لتحقيق رؤية 2030، التي تمثل أجندة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتنويع الاقتصاد، إلا أنها ما زالت تعتمد على عائدات النفط.

وأدّى ضعف أسعار الخام إلى إعادة النظر والمعايرة لخطط الاستثمار، كما أوردت بلومبيرغ في تقرير سابق.

وخفّض استراتيجيو بنك أتش.أس.بي.سي هولدنغز تصنيف الأسهم السعودية إلى محايدة من زيادة الوزن في المحفظة، منبّهين إلى المخاطر قريبة الأجل الناجمة عن تفاقم الاضطرابات الجيوسياسية وانخفاض أسعار النفط.

ومع أن العقود الآجلة لخام برنت ارتفعت بسبب المخاوف من انقطاع إمدادات النفط، إلا أنها تبقى أقل من 80 دولارا للبرميل. وهذا السعر بعيد بشكل كبير عن مستوى 96 دولارا الذي تحتاجه المملكة لتحقيق التعادل في موازنتها بين المصروفات والإيرادات، وفقا لصندوق النقد الدولي.

في المقابل يرى خبراء بلومبيرغ إنتليجنس ما يُسمى “نقطة التعادل” عند 112 دولارا عند الأخذ في الاعتبار ضمن الموازنة السنوية إنفاق صندوق الاستثمارات العامة (صندوق الثروة).

الحكومة خفضت تقديرات نمو الاقتصاد هذا العام على نحو كبير بعد انكماش الناتج المحلي الإجمالي في النصف الأول

لكن عبدالوهاب عابد، الرئيس التنفيذي بالإنابة لشركة سيدكو كابيتال لإدارة الأصول بحجم 8.5 مليار دولار، يرى أن بقاء سعر النفط لفترة غير قصيرة دون 69 دولارا للبرميل كفيل بتعريض سوق الأسهم السعودية لمخاطر.

بينما ينظر بعض المستثمرين مثل محمد السويد، الرئيس التنفيذي لشركة رازين كابيتال، إلى عمليات البيع المكثفة باعتبارها “فرصة”، منوّها بأن “التوترات الإقليمية تفرض دائما ضغوطا مؤقتة على السوق، وتوفر لنا خصومات سعرية جيدة”.

وخفضت الحكومة تقديرات نمو الاقتصاد هذا العام على نحو كبير بعد انكماش الناتج المحلي الإجمالي في النصف الأول.

كما زادت من تقديرات عجز الموازنة وسط زيادة الإنفاق بالتزامن مع هبوط أسعار النفط بنحو الخُمس منذ مطلع العام الحالي، وإبقاء السعودية على التخفيضات الطوعية للإنتاج.

ووفق البيان التمهيدي لموازنة 2025 الصادر عن وزارة المالية الأسبوع الماضي، تتوقع الحكومة الآن أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في 2024 بنسبة 0.8 في المئة مقابل تقديراتها السابقة البالغة 4.4 في المئة. كما قلصت المملكة توقعاتها للنمو للعامين المقبلين بشكل كبير أيضا.

وتتوقع وزارة المالية عجزا أعمق في الموازنة نسبته 2.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2024، وهو أعلى بنقطة مئوية عن التقديرات السابقة. ويعود اتساع العجز إلى زيادة كبيرة في الإنفاق ناهزت 27.7 مليار دولار. وهذه القفزة في الإنفاق واكبتها زيادة أقل في الإيرادات بلغت حوالي 17.3 مليار دولار، ما فاقم العجز المتوقع للعام الحالي.

11