الحرب في أوكرانيا تبرر عدم خوض واشنطن لأي قتال من أجل تايوان

التوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين يجعل تايوان أخطر منطقة في العالم.
الثلاثاء 2022/07/26
الالتزام الأميركي بالدفاع عن تايوان محل تساؤل

بكين - حذرت الصين الولايات المتحدة مجددا من زيارة من المقرر أن تقوم بها رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إلى تايوان، التي تعتبرها بكين تابعة لها، فيما يقول محللون إن دروس أوكرانيا تبرر ضرورة عدم خوض الولايات المتحدة أي قتال من أجل تايوان.

وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية زهاو ليجيان الاثنين “إذا أصر الجانب الأميركي على هذه الزيارة، فسوف تتخذ الصين إجراءات حازمة وقوية لحماية سيادتها ووحدتها الإقليمية”.

ويقول ساشا جلايسر، الخبير والباحث المشارك بمركز الأبحاث الأميركي “ديفينس برايورتيز”، إن “التوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين أدى إلى جعل تايوان أخطر منطقة توتر في العالم. فالحزب الشيوعي الصيني يؤكد أن تايوان إقليم منشق وإعادة توحيده مع البر الرئيسي هي فقط مسألة وقت”.

وأوضحت بكين أنها على استعداد لاستخدام القوة لتحقيق ذلك. وتبدو الولايات المتحدة من جانبها مصممة على منع حدوثه، حيث أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن في ثلاث مناسبات منفصلة أن الولايات المتحدة لديها التزام بالدفاع عن تايوان. وسرعان ما تراجع البيت الأبيض بالنسبة إلى كل تصريح من تصريحات الرئيس، ولكن يظل السؤال المطروح هو: إذا حدث فعلا هجوم صيني على تايوان، كيف ينبغي أن يكون رد فعل الولايات المتحدة؟

ضبط النفس العسكري، هو أهم درس من دروس رد فعل الولايات المتحدة تجاه الحرب الروسية في أوكرانيا

ويضيف جلايسر أنه “على الرغم من أنه يتعين على السياسة الأميركية الحالية أن تعطي الأولوية للدبلوماسية مع بكين وتسليح تايبيه لردع العدوان، من المهم أن تخطط لمثل هذا الطارئ من أجل أن ترد بحكمة بدلا من أن تسمح للعاطفة بأن تقود السياسة. ويوفر رد الفعل الأميركي إزاء الحرب الدائرة في أوكرانيا معرفة دقيقة بحصافة وحماقة بعض ردود الفعل”.

ويرى جلايسر أن “ضبط النفس العسكري هو أهم درس من دروس رد الفعل الأميركي تجاه الحرب في أوكرانيا، وينبغى أن يتحلى القادة الأميركيون بالحكمة لإتاحة نفس المنطق ليكون نبراسا لأي رد فعل تجاه أي هجوم صيني على تايوان”.

وبشكل صحيح، خلصت إدارة بايدن والحلفاء الأوروبيون الأكثر قربا من أوكرانيا إلى أن الصراع العسكري المباشر مع روسيا غير مطروح.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تشعر بالتعاطف مع الظروف السيئة التي يجد الأوكرانيون أنفسهم فيها، فإن الحرب ليست حرب واشنطن التي يتعين عليها خوضها؛ فأوكرانيا في نهاية المطاف لا تبرر التضحية بأرواح الأميركيين في حرب تقليدية مع روسيا، كما لا تستحق المخاطرة بتصعيد نووي.

ويرى جلايسر أنه بالمثل قد يتعاطف الأميركيون إزاء التهديد الحقيقي الذي تواجهه تايوان من جانب دولة مجاورة أكبر منها كثيرا. ومع ذلك، فإن أي حرب بين الولايات المتحدة والصين سوف تسفر عن نفس المخاطر غير المقبولة المتمثلة في خسائر كبيرة في الأرواح وتهديد خطير باستخدام السلاح النووي من الجانبين. وكما تجنبت الولايات المتحدة الصراع العسكري المباشر مع روسيا لصالح أوكرانيا، يتعين عليها تجنب الصراع العسكري المباشر مع الصين لصالح تايوان.

وبدلا من التدخل عسكريا تدعم الولايات المتحدة وأوروبا أوكرانيا بتزويدها بكميات كبيرة من المساعدات الإنسانية والأسلحة الفتاكة. وفي ظل حدود أوكرانيا الغربية مع الدول الصديقة، كان تزويدها بالمساعدات سهلا نسبيا.

نانسي بيلوسي تستفز التنين النائم
نانسي بيلوسي تستفز التنين النائم

وعالميا، تم جمع حوالي 82 مليار دولار لأوكرانيا، دفعت منها الولايات المتحدة حوالي 24 مليار دولار كمساعدات عسكرية فقط.

وعلى الرغم من أن حزم المساعدات الكبيرة قد توفر لأوكرانيا سبل الصمود في مقاومة قوية، ليس من المرجح أن يؤدي ذلك إلى ترجيح كفة الميزان لصالحها.

وفي حالة تايوان هناك عدة عوامل من المحتمل أن تحول دون أي محاولة مماثلة من جانب الولايات المتحدة وحلفائها لتقديم الدعم. ومن المؤكد أن الصين أدركت أنه لتجنب مخاطر أي حرب مطولة، ينبغى اتخاذ أي خطوة ضد تايوان في أسرع وقت ممكن؛ فتايوان، وهي جزيرة أكبر قليلا من ولاية مريلاند، تفتقر للعمق الاستراتيجي الذي تتمتع به أوكرانيا.

ورغم أن أي قتال على نطاق واسع سيكون وحشيا، من المحتمل أن يكون سريعا، وبالتالي يمنع تقديم المساعدات الأميركية أو العالمية في الوقت المناسب لاستخدامها.

وبالإضافة إلى ذلك فإن محاولة تقديم المساعدات إلى تايوان تحمل في طياتها خطر الانجرار دون قصد إلى أعمال قتالية؛ فقد تحاول الصين اعتراض السفن والطائرات التي تحاول إيصال المساعدات إلى تايوان.

وفي الحقيقة إذا هاجمت الصين تايوان ليس هناك ما يمكن أن تقوم به الولايات المتحدة لمساعدة تايوان أقل من خوض حرب مكلفة وخطرة بشكل كبير للغاية من أجلها. وبدلا من ذلك، فإن أي استراتيجية حكيمة وممكنة سياسيا تتمثل في القيام بردع إقليمي وتنوّع اقتصادي.

5