الحرب على غزة تنهي عامها الأول دون أفق لاتفاق لوقف إطلاق النار

غزة – تدخل الحرب في قطاع غزة عامها الثاني، دون أن تظهر أي بوادر لاتفاق قريب لوقف إطلاق النار، ويبدو المشهد اليوم بالنسبة للفلسطينيين أكثر تعقيدا من أي وقت مضى، في ظل تنامي الصراع على الجبهة الشمالية.
ويجد سكان غزة أنفسهم وسط كابوس لا ينتهي مع تعالي الأصوات من داخل القطاع، التي تحمل حركة حماس المسؤولية حيال الوضع الذي انتهوا عليه نتيجة الهجوم غير المسبوق الذي شنته الحركة في السابع من أكتوبر الماضي، على جنوب إسرائيل.
ويرى جزء من الشارع الغزي أن حماس منحت، بمغامرتها غير المحسوبة، اليمين المتطرف في إسرائيل فرصة للتنكيل بهم، بينما يقف المجتمع الدولي عاجزا عن وضع حد لمعاناتهم، ووقف الحرب الإسرائيلية.
ويعتقد الغزيون أن التصعيد الجاري حاليا على الجبهة الشمالية بين حزب الله وإسرائيل من شأنه أن يحرف أنظار العالم عن معاناتهم، وبالتالي استمرار إسرائيل في هجماتها دون عين رقيب.
وأجلى الجيش الإسرائيلي عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين من شمال غزة، الأحد، أثناء اجتياح بلدة جباليا للمرة الرابعة، منذ بدء الحرب.
وبحسب صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، فإن الخطوة التي اتخذها الجيش الإسرائيلي بمثابة موقف وسطي، لنقل جزء كبير من المدنيين الفلسطينيين الذين يتراوح عددهم ما بين 150 و250 ألفا، من شمال غزة.
أو ربما تكون هذه الخطوة بمثابة مقدمة لإخلاء تدريجي ومتعمد لشمال غزة، لكن بوتيرة أبطأ لتقليص المعارضة الدولية لاسيما من جانب الولايات المتحدة.
وفجر الأحد، قتل 30 فلسطينيا وجرح العشرات، في سلسلة غارات إسرائيلية على شمال قطاع غزة، هي الأعنف منذ مايو الماضي، بينما توغلت آليات عسكرية إسرائيلية شرق بلدة جباليا تحت غطاء ناري مكثف.
وكان الجيش الإسرائيلي ذكر في وقت سابق الأحد أنه بدأ هجوما بريا جديدا في غزة، قبل يوم واحد على الذكرى الأولى للهجمات التي شنتها حركة حماس في السابع من أكتوبر.
وأضاف الجيش الإسرائيلي أن قواته تقدمت بدبابات قتالية إلى بلدة جباليا، في شمال شرق غزة، ليل السبت/ الأحد، مشيرا إلى أن حماس حاولت إعادة تجميع صفوفها في المنطقة.
ونشر الجيش صورا لمركبات تتحرك عبر التضاريس الرملية تعكس صور الهجوم الأول الإسرائيلي في المنطقة الساحلية العام الماضي.
وذكر الجيش الإسرائيلي أيضا أنه فتح طريقين للهروب من شمال غزة إلى منطقة آمنة موسعة في الجنوب، استعدادا لدعوات جديدة محتملة للسكان إلى الفرار.
وعادة ما تمهد إنذارات الإخلاء لهجمات شرسة تؤدي بحياة العشرات من المدنيين بمن فيهم أطفال ونساء ومسنون.
ويقول مسؤولون فلسطينيون ومسؤولون بالأمم المتحدة إنه لا يوجد مكان آمن في القطاع بما في ذلك المناطق الإنسانية التي ضربتها الصواريخ الإسرائيلية عدة مرات.
وصرح رائد (52 عاما) من جباليا قبل أن يغادر هو وعائلته إلى مدينة غزة الأحد “الحرب رجعت تاني”.
وأضاف رائد لرويترز عبر تطبيق للتراسل “عشرات الانفجارات من قصف طيران ومدفعية دبابات هزت الأرض والعمارات.. حسينا زي أيام الحرب الأولى”.
وردا على سؤال حول ما إذا كان سيذهب وعائلته إلى المواصي مثلما أمر الجيش، قال “وكأنهم يعني ما قتلوا ناس نزحوا للمناطق اللي بيقولوا عنها مناطق آمنة؟ مش راح نرحل من شمال غزة”.
واندلعت أحدث حلقة في الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني المستمر منذ عقود عندما قادت حركة حماس هجوما مباغتا على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 تقول الإحصاءات الإسرائيلية إنه أدى إلى مقتل 1200 واحتجاز نحو 250 رهينة.
ووفقا لوزارة الصحة في القطاع، أسفرت الحملة العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة عن مقتل ما يقرب من 42 ألف فلسطيني، فضلا عن تشريد كل سكان القطاع تقريبا البالغ عددهم نحو 2.3 مليون نسمة وتفشي أزمة جوع.
وأدت الحملة إلى توجيه اتهامات لإسرائيل بالإبادة الجماعية في دعوى تنظرها محكمة العدل الدولية، وهي اتهامات تنفيها إسرائيل.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة الأحد إن إسرائيل قصفت 27 منزلا ومدرسة وملجأ للنازحين في أنحاء القطاع خلال 48 ساعة.
وأضاف المكتب في بيان “تأتي هذه الجرائم الجديدة بالتزامن مع صعوبة الواقع الصحي في قطاع غزة… حيث إن ما تبقى من المستشفيات غير قادر على تقديم الخدمة الصحية والطبية بشكل جيد للجرحى والمرضى الذين يزداد عددهم بشكل طردي يوميا“.
ويعتقد محللون أن التوصل إلى وقف لإطلاق النار بعيد المنال على المدى القريب وأن الأمر قد يطول إلى ما بعد الانتخابات الأميركية.
ويقول المحللون إن الإدارة الأميركية الحالية لا تبدو في وارد تفعيل أي جهود أو ممارسة أي ضغوط على حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وأن ما يصرح به المسؤولون الأميركيون لا يعدو كونه تقطيعا للوقت.