الحرب على أحمد حلمي

أحمد حلمي يبقى فنانا مصريا وعربيا من الطراز الأول، وهو مصري قلبا وقالبا.
الأحد 2025/02/16
الفن هو الجسر الأبرز الذي لا يزال يجمع بين العرب

انقلبت الدنيا ولم تقعد على الفنان أحمد حلمي بسبب جملة نطق بها أثناء أحد عروض مسرحيته "بني آدم" في الرياض. حملة ممنهجة تعرض لها من خلال وسائل الإعلام ومواقع الإنترنت وصفحات التواصل الاجتماعي وصلت إلى حد التشكيك في وطنيته والمساس من كرامته بشكل حاد ويحمل الكثير من العدوانية.

أثناء المسرحية تفاعل حلمي مع أحد الحاضرين وهو الملحن مصطفى جاد الذي كان مصحوبا بزوجته المطربة كارمن سليمان. سأله: من أيّ بلد أنت؟ فأجابه من مصر، حاول حلمي التعليق بأسلوب ساخر: مصري وجالس بالصف الأول؟ ربما لم يحالفه التوفيق في انتقاء مفرداته، ولكنه لم يكفر بمصر ولا بعظمتها ولا بعبقرية تاريخها وأصالة شعبها.

في أغلب المناسبات التي حضرها حلمي في مهرجان الرياض، كان يلاحظ أن الصف الأول مخصص للشخصيات المحلية أو بعض المدعوّين، وهذا أمر عادي ومعمول به في كل الدول تقريبا، والملحن الذي تفاعل معه قد يكون قدم أعمالا فنية جيدة وناجحة ولكنه لا يحظى بنجومية المطربين أو الممثلين الذين عادة ما يتم تداول صورهم وأخبارهم على نطاق واسع.

ولو كان مصطفى جاد نجما كبيرا ومنتشرا على نطاق واسع، ما كان لأحمد حلمي أن يسأله من أيّ بلد أنت؟ وما كان ليطرح السؤال لو أن الأمر يتعلق بصلاح الشرنوبي أو مصطفى كامل أو حسن الشافعي أو بأحد نجوم الأغنية البارزين لأنه يعرفهم من وجوههم التي كثيرا ما يراها على شاشة التلفزيون أو مواقع السوشيال ميديا أو صفحات الجرائد والمجلات.

المشكلة الكبيرة هي أن هناك ضاربي الطبل على الإنترنت ممن يتصيدون زلات اللسان أو القدم لصناعة الحدث عبر تضخيمها وتحويلها إلى جريمة أو كارثة وخصوصا عندما يتعلق الأمر بالنجوم البارزين في الفن أو الإعلام أو الرياضة مثلا، ليجدوا من يرقص على نقراتهم باندفاع عجيب من أجل الظهور وتسجيل الحضور والمزايدة على خلق الله سواء في التدين أو في الوطنية أو في الشرف والشهامة والأخلاق رغم أنه قد يكون على العكس تماما مما يزعم ويدّعي.

يبقى أحمد حلمي فنانا مصريا وعربيا من الطراز الأول، وهو مصري قلبا وقالبا، وقد يكون سعوديا وعراقيا وتونسيا وإماراتيا ومغربيا وأردنيا ويمنيا ومن أيّ بلد آخر، باعتبار أن الفن هو الجسر الأبرز والأهم الذي لا يزال يجمع بين العرب، والذي يشعرنا بالفعل أننا أمة واحدة بوجدان واحد، ومن الثابت والمؤكد أن الحملات الأوركسترالية قد تستهدفه أو تستهدف زوجته الفنانة منى زكي أو زميله بيومي فؤاد أو اللاعب محمد صلاح أو غيرهم كما استهدفت سابقا أم كلثوم وعبدالحليم وفؤاد المهندس وسعاد حسني أو عادل إمام وغيرهم. ولكن الحملات الحالية أشرس لأن نطاق انتشارها أوسع، كما أن بعض المندمجين فيها يبدون أكثر عدوانية وأقل ذوقا في التعبير عن الموقف أو في اختيار المفردات اللائقة به.

18