الحرب تنغص موسم جني الزيتون في الأراضي الفلسطينية

المحصول المتوقع لن يتجاوز نصف الكميات المسجلة في السابق.
الاثنين 2024/10/21
أفضل من لا شيء

يصطدم المزارعون وأصحاب بساتين الزيتون في الضفة الغربية وقطاع غزة بجدار منغصات الحرب المستمرة منذ أكثر من عام لجني محصول الموسم الحالي، حيث بات الوضع بالنسبة إليهم أكثر خطورة وسط دمار كبير لمساحات واسعة من الأراضي والأشجار.

غزة - يختلف موسم الزيتون في الأراضي الفلسطينية هذا العام عما سبقه، حيث يعاني من التبعات المدمّرة للحرب المتواصلة في غزة، بينما يخشى مزارعون في الضفة الغربية المحتلة قطاف الأشجار في أراضيهم خشية التعرض لاعتداءات مستوطنين إسرائيليين.

ويقول رامي أبوأسعد مالك حقل للزيتون في دير البلح وسط قطاع غزة “نفرح عندما يبدأ موسم الزيتون ولكننا خائفون في الوقت نفسه لأنها حالة حرب”.

ويعدّ الزيتون ركنا أساسيا في الهوية الثقافية الفلسطينية، وشكّل مدى العقود الماضية أحد أبرز رموز الصراع مع إسرائيل.

لكن هذا العام، بات موسم القطاف تجربة محفوفة بالمخاطر في غزة، حيث يضطر المزارعون والعمال إلى التنبه لتحليق المسيّرات والطائرات الحربية الإسرائيلية خوفا من أن تلقي صواريخها على مقربة منهم بدون سابق إنذار.

وتسببت المعارك بين حركة حماس وإسرائيل بدمار هائل في القطاع المحاصر. وتؤكد الأمم المتحدة أن نحو 68 في المئة من أراضيه الزراعية تضررت، بينما يعجز المزارعون عن ري المحاصيل أو الاعتناء بها.

وإلى جانب ذلك، يواجه قطاع الزيتون العديد من التحديات، بعضها مرتبط بعملية الإنتاج، وبعضها مرتبط بالمعاصر، والبعض الآخر مرتبط بالتسويق وتعامل المستهلكين.

ويؤكد أبو أسعد لوكالة فرانس برس أن “أعداد أشجار الزيتون قليلة للغاية مع الوضع. الحال صعبة والكلفة عالية للغاية”.

المزارعون في الضفة الغربية سوف يواجهون أخطر موسم زيتون لهم على الإطلاق
المزارعون في الضفة الغربية سوف يواجهون أخطر موسم زيتون لهم على الإطلاق

ووفق تقديرات وزارة الزراعة التابعة للسلطة الفلسطينية، يبلغ عدد أشجار الزيتون حوالي 13.2 مليونا، منها 10 ملايين شجرة مثمرة، ونحو 3 ملايين شجرة لم تصل بعد إلى مرحلة الإنتاج.

وتبلغ المساحة الإجمالية للأراضي المزروعة بالزيتون حوالي 935 ألف دونم، وتتم زراعة حوالي 300 ألف شتلة جديدة سنويا.

ويتوقع المهندس الزراعي جمال أبو شاويش انخفاضا كبيرا في المحصول هذا العام، ما سيترك المزارعين يتحسرون على مجال يشكل للكثير منهم مورد رزقهم الوحيد.

ويوضح أن “كمية الزيتون في الأعوام السابقة كانت تراوح بين 37 ألفا و40 ألف طن. العام الحالي ربما تقل عن 15 ألف طن وحتى جودة الزيتون أو الزيت لا تقارن بجودته في الأعوام السابقة”.

وفي عام 2023 الذي تزامن موسم الزيتون فيه مع بدء العدوان على غزة، لم يتمكن المزارعون من قطف نحو 60 ألف دونم، ما شكّل خسارة بنحو 10 في المئة من كامل الإنتاج.

وتوازيا مع هذا التراجع، يرجَح أن ترتفع أسعار الزيتون والزيت في ظل شح الوقود اللازم لتشغيل معاصر القطاع.

والوضع ليس أفضل حالا في الضفة الغربية المحتلة، وإن تفاوتت الأسباب. ويقول المزارع خالد عبدالله إنه لن يقطف الزيتون من أراضيه المحاذية لمستوطنة بيت إيل هذا الموسم خوفا من التعرّض لاعتداءات مستوطنين إسرائيليين.

ويضيف لفرانس برس “لم أفكّر حتى في التوجّه الى تلك الأراضي القريبة من المستوطنة، لأن الوضع خطير جدا”.

ولهذا السبب، اختار عبدالله الاكتفاء بما تحمله أرضه الواقعة في قرية جفنا شمال رام الله في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967.

ويوضح بينما يقطف بعض أشجار الزيتون مع زوجته ماجدة “لدينا بالقرب من المستوطنة حوالى 42 دونما مشجّرة بالزيتون، لكن للأسف لا أستطيع الوصول اليها”.

واعتاد عبدلله وغيره من الفلسطينيين المالكين لأراضٍ مزروعة بالزيتون قريبة من المستوطنات، التنسيق مع منظمات إسرائيلية غير حكومية للحصول على تصاريح خاصة تمكّنهم من قطف زيتونهم.

ويقول “خوفي الآن ازداد لأنه لم تعد هناك مؤسسات حقوقية قادرة على حمايتنا من هجمات المستوطنين، ولم يعد هناك تنسيق”.

ومنذ بداية الحرب، ارتفعت وتيرة التوتر في الضفة الغربية، حيث تزايدت هجمات المستوطنين على الفلسطينيين والمواجهات بين الطرفين، بالإضافة الى تكثّف العمليات العسكرية الإسرائيلية.

وتؤكد مؤسسة يش دين الإسرائيلية ارتفاع حدة هجمات المستوطنين على الفلسطينيين، الأمر الذي يمنعهم من الوصول الى أراضيهم الزراعية.

وتقول المتحدثة باسم المؤسسة فادية القواسمي لفرانس برس “هذا العام لم يحصل تنسيق لوصول الناس الى أراضيهم مثل كل عام، والسبب الحرب الدائرة منذ السابع من أكتوبر”.

13.2

مليون شجرة زيتون في الضفة وغزة، منها 10 ملايين مثمرة وفق وزارة الزراعة الفلسطينية

وتضيف المحامية بينما تعمل على تسجيل أسماء أشخاص غير قادرين على الوصول الى أراضيهم في قرية ترمسعيا إن “أصحاب الأراضي خائفون وخوفهم مبرر بسبب ارتفاع وتيرة الاعتداءات من المستوطنين المسلحين”.

وفي قرية مادما جنوب مدينة نابلس في الضفة الغربية والتي يقطنها نحو 2500 نسمة، مُنع أصحاب الأراضي من الوصول اليها لقطف الزيتون الأسبوع الماضي. وتكرّر الأمر لثلاثة أيام، وعمد مستوطنون الى إعطاب مركباتهم.

ويقول رئيس مجلس قرية مادما عبدالله زيادة لفرانس برس “طُرد أصحاب الأراضي من أراضيهم على أيدي مستوطني يتسهار. وكلّ يوم، هناك مواجهات”. ويقع حوالي 1500 دونم مزروعة بالزيتون في شمال القرية.

ويضيف زيادة “لا نستطيع تمييز من يمنعنا إن كانوا مستوطنين أو جنودا، لأنهم مرة يكونون بزيّ مدني ومسلحين، ومرة أخرى بزيّ عسكري”. ويتابع “كنا نتعرّض لاعتداءات من المستوطنين، لكن هذا العام مختلف عن الأعوام السابقة ومخاوفنا أضعاف”.

وفي قرية تل قرب نابلس والبالغ عدد سكانها 7 آلاف شخص، يقول رئيس المجلس القروي نعمان رمضان إن سكانها تمكنوا حتى الآن من الوصول إلى حوالي ثلث ما وصلوا إليه العام الماضي من الأراضي المزروعة بالزيتون.

ويمتلك أهالي قرية تل قرابة 5 آلاف دونم مزروعة بالزيتون، وهي تقع على جانب طريق استيطاني تتواجد عليه بؤرة حفات غلعاد المحروسة من الجيش.

ويوفّر موسم الزيتون للفلسطينيين مصدر دخل أساسيا من الزيت، وتحديدا للأسر الفقيرة، ولكن خبراء في الأمم المتحدة حذروا من أن المزارعين في الضفة سيواجهون “أخطر موسم زيتون على الإطلاق”.

واعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان الأسبوع الماضي أن هجمات المستوطنين في موسم الزيتون و”سرقته” وتقطيع وإحراق الأشجار ومنع أصحابها من الوصول اليها هو “إرهاب دولة منظم”.

10