الحرب تغير مزاج الفلسطينيين لصالح حماس وتعزل عباس

استهداف المدنيين وراء ارتفاع نسب الداعمين للحرب في إسرائيل والأراضي الفلسطينية.
الجمعة 2023/12/15
الغذاء مطلب أطفال غزة بالحرب أو دونها

القدس – أظهر استطلاع رأي أن نحو ثلاثة من كل أربعة فلسطينيين يعتقدون أن هجوم السابع من أكتوبر الماضي الذي شنته حماس على إسرائيل كان صائبا، كما أظهر أن الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة قد زادت من نسب التأييد للحركة في القطاع وفي الضفة الغربية فيما تراجعت شعبية السلطة الفلسطينية بشكل كبير.

يأتي هذا في وقت يظهر فيه استطلاع رأي آخر أن أغلب الإسرائيليين يدعمون الاستمرار في الحرب إلى حين القضاء على حماس رغم كلفتها الباهظة.

وقال استطلاع رأي، نشره المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، إن 72 في المئة من المشاركين في الاستطلاع يعتقدون أن قرار حماس شن الهجوم عبر الحدود على غلاف غزة كان صائبا بالنظر إلى نتيجته حتى الآن، بينما قال 22 في المئة منهم إنه “خاطئ”، فيما لم تحدد النسبة الباقية موقفها من حماس.

وعزا مراقبون تغير المزاج لصالح حماس في غزة، بعد أن كانت نسبة عالية من الغزيين تحمّل الحركة مسؤولية الأزمات التي يعانيها القطاع من حصار وافتقاد للأغذية والأدوية وارتفاع نسبة البطالة، إلى طريقة إدارة الحرب من جانب إسرائيل التي بدلا من أن تخوض حربا مباشرة مع حماس اعتمدت على التدمير الشامل للقطاع دون تمييز، ما زاد من أعداد الضحايا بشكل غير مسبوق.

الحرب على الهوية التي تخوضها إسرائيل على الفلسطينيين دفعتهم دفعا إلى صف حماس، بمن في ذلك من كانوا ضدها

وقال المراقبون إن إسرائيل دفعت الفلسطينيين دفعا إلى صف حماس، وإن سلوكها العدواني الشامل أظهر أنها تخوض الحرب على الفلسطينيين وليس على حماس كتنظيم احتكر السلطة لنفسه بالقوة وساهمت سياسته في عزل القطاع.

ومن شأن إستراتيجية الحرب على الهوية التي تشنّها إسرائيل على الفلسطينيين أن تمنح خطابَ المقاومة لدى حماس والجهاد الإسلامي مشروعيةً في الشارع الفلسطيني وتهمّش السلطة الفلسطينية التي تطالب بالعودة إلى خيار المفاوضات مع إسرائيل.

ويقابل الفلسطينيون سيطرة اليمين الإسرائيلي على الحكومة، وشعاراته بشأن الاستيطان والمسجد الأقصى، بدعم التيارات الفلسطينية التي تؤمن بالعنف والسلاح وسيلة وحيدة لمواجهة إسرائيل بدلا من مسار السلام الذي يتمسك به الرئيس الفلسطيني محمود عباس من موقع ضعف.

وخلُص المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية إلى أن تأييد حماس حاليا -مقارنة باستطلاع رأي سابق للحرب- ارتفع في قطاع غزة وزاد إلى أكثر من ثلاثة أمثال في الضفة الغربية التي تشهد تحولا واضحا من خيار المواجهة مع إسرائيل بالاحتجاجات والإضرابات إلى إستراتيجية المقاومة المسلحة، في ظل مؤشرات على تسلل السلاح إلى الضفة من حماس والجهاد الإسلامي وانخراط عناصر من فتح في هذا الخيار، وهو ما يزيد في إحراج السلطة.

وقبل أيام، وعلى مقربة من مقر السلطة الفلسطينية، حمل العشرات من الشبان رايات حركة حماس الخضراء عند استقبال الأسرى المفرج عنهم، وهتفوا لحماس وتأييدا لكتائب عزّالدين القسام، الجناح العسكري للحركة، في تحد واضح لهيبة عباس وسلطته.

وأعرب 52 في المئة من المشاركين من قطاع غزة و85 في المئة من المشاركين في الضفة الغربية، أي 72 في المئة من كل المشاركين الفلسطينيين، عن رضاهم عن دور حماس في الحرب، بينما أعرب 11 في المئة فقط عن رضاهم عن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

opp

وشهد عباس تراجعا كبيرا في التأييد الشعبي له، في ظل جمود دامَ قرابة عقد في مفاوضات برعاية الولايات المتحدة لقيام دولة فلسطينية.

ووجد الرئيس الفلسطيني نفسه في وضع حرج، فهو لا يستطيع إدانة ما قامت به حماس ولا انتقاد المغامرة التي كلفت الفلسطينيين خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات. وأي كلام في هذا السياق سيتم تأويله على أنه انحياز إلى إسرائيل، وأن حساباته الخاصة تجعله في صفها.

في المقابل طلبت إسرائيل من السلطة الفلسطينية إدانة واضحة لما قامت به حماس. وبسبب غياب موقف واضح من عباس باتت إسرائيل تطالب بإخراجه من صيغ الحل التي ستأتي في مرحلة ما بعد وقف الحرب.

ويعتقد محللون أنه من الصعب أن تستعيد السلطة الفلسطينية تأثيرها في الضفة وغزة مع استمرار الرئيس عباس على رأسها، وأنه قبل البحث عن لعب السلطة دورا بعد الحرب في غزة لا بد من إعادة هيكلة مؤسسات السلطة وحكومتها على قاعدة تجديد القيادات وتوسيع دائرة المشاركة من فصائل حركة فتح وتغيير الرموز التي ساهمت في تراجع شعبية السلطة ودورها.

وفي إسرائيل أظهرت استطلاعات الرأي في الأسابيع الأخيرة تأييدا ساحقا للحرب على الرغم من ارتفاع كلفتها البشرية. وقال ستة إسرائيليين تحدثوا إلى رويترز الأربعاء إن الوقت الآن ليس وقت التراجع، بغض النظر عن انحسار التعاطف العالمي الذي انعكس في قرار الأمم المتحدة الثلاثاء.

وقالت الباحثة في علم السياسة تامار هيرمان “إن قتل حماس لنحو 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، أعاد إحياء شعور أحست به إسرائيل في السابق عندما شن العرب هجوما مفاجئا عام 1973، وهو الخوف من أن يتمكن جيرانها وأعداؤها من التخلص من الأمة اليهودية بأكملها”.

وأضافت هيرمان من المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، الذي يجري استطلاعات رأي منتظمة حول الحرب، “شعور الناس هو أن هذا يشكل تهديدا لوجود إسرائيل ذاته”. ومضت قائلة “إن الناس مستعدون لقبول مقتل المزيد من الجنود”.

oo

وقال المتقاعد بن صهيون ليفينجر متحدثا في القدس “إن أعداء إسرائيل سيعتبرون أي فترة راحة في ملاحقة حماس علامة ضعف”. وأضاف ليفينجر، وهو موظف سابق في مجال تكنولوجيا المعلومات، “إذا لم نواصل هذه المعركة حتى النهاية، فصباح الغد سنخوض معارك في الشمال والشرق والجنوب وربما إيران. لذلك ليس لدينا خيار آخر”.

وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست يولي إدلشتين خلال مقابلة “على الرغم من الكلفة الرهيبة يظل هدف العملية العسكريةِ تدمير البنية التحتية لحماس في غزة تدميرا كاملا”.

وقالت حماس إن مقتل الجنود يوم الثلاثاء يظهر أن إسرائيل لن تحقق أبدا أهدافها الحربية، وأضافت “كلما زادت مدة تواجدكم زادت فاتورة قتلاكم وخسائركم، وستخرجون منها تجرون ذيل الخيبة والخسران”.

وبعد توقف الأعمال القتالية لمدة أسبوع قال أكثر من ثلاثة أرباع الإسرائيليين “يتعين استئناف الهجوم دون أي تعديل يهدف إلى تقليل الخسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين أو تخفيف الضغوط الدولية”، وفقا لاستطلاع أجراه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية.

 

اقرأ أيضا:

       • السنوار على خطى صدام ومن معه يصفقون للخطيئة

1