الحرب تدفع المستثمرين إلى النزوح من صناديق الشرق الأوسط

تخارج جزء من الأموال المتداولة في البورصة المنكشفة على الأسهم في السعودية وقطر والإمارات وإسرائيل.
الاثنين 2023/11/13
أغلب المؤشرات ليست على ما يرام

يواجه المستثمرون في الشرق الأوسط وضعا متقلبا هذه الفترة بسبب ما يجري في غزة، الأمر الذي أثر على أعمالهم وزاد من المخاطر، مما انجر عنه هروب الملايين من الدولارات من الصناديق العاملة بالمنطقة ناهيك عن بورصات الأسهم.

لندن – سحب مستثمرون أجانب مبلغا قياسيا من صناديق الأسهم الأميركية التي تتبع السعودية خلال أكتوبر الماضي، في ظل تسبب أسوأ أعمال عنف يشهدها الشرق الأوسط منذ سنوات في اهتزاز الوضع الداعم للأعمال التجارية في المنطقة.

وأظهرت بيانات أل.أس.إي.جي أن صندوق آي شير أم.أس.سي.آي السعودية شهد خروج تدفقات نقدية صافية قياسية الشهر الماضي تجاوزت 200 مليون دولار، وهو ما يعادل نسبة 20 في المئة مما كان عليه في بداية الشهر.

وعانت صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة المنكشفة على الأسهم في قطر والإمارات وإسرائيل من نزوح التدفقات في ظل قلق المستثمرين من عدم الاستقرار، كما تراجعت التدفقات هذا الشهر.

ويضع صائدو الأسهم في اعتبارهم التحديات العالمية الجديدة عند مناقشة مستقبل الاستثمار، إذ يواجه العالم إشكاليات اقتصادية وسياسية واجتماعية وبيئية كبيرة، تُفاقمها مخاوف الركود بسبب جنوح التضخم والارتفاع التاريخي لمعدلات الفائدة.

توربيورن سولفيت: هناك تصور بأن المخاطر تتزايد في جميع أنحاء المنطقة
توربيورن سولفيت: هناك تصور بأن المخاطر تتزايد في جميع أنحاء المنطقة

وأضافت الصراعات الجيوسياسية والمرتبطة بحرب روسيا وأوكرانيا أعباء على تكلفة الغذاء والطاقة، ما يعزز التوجهات الاستثمارية نحو مشاريع تتعلق بالأمن الغذائي والتحول نحو الطاقة النظيفة.

ولكن منذ بداية الشهر الماضي ظهرت على الساحة الدولية إشكالية أكبر ترتبط بمنطقة الشرق الأوسط في ضوء الحرب، التي تفجرت مجددا بين الفلسطينيين وإسرائيل.

وكان ناصر التميمي محلل شؤون الشرق الأوسط في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية قد قال على هامش مؤتمر مستقبل الاستثمار في السعودية مؤخرا إنه “لا يمكن تجاهل ما يجري لأنه سيؤثر على اقتصاد المنطقة بأكملها وليس فقط في السعودية”. ومع تزايد المخاوف من اتساع رقعة الصراع بدخول أطراف أخرى إلى حرب غزة، فقد ينعكس ذلك على التوجهات الاستثمارية إلى المنطقة.

وفعليا يراقب الخبراء والمحللون التأثيرات السلبية التي بدأت تظهر على الأسواق المالية في المنطقة، وأسعار النفط التي تتقلب بحدّة مع تواتر أخبار الحرب، وهو ما قد يطغى على المناقشات في إجراء الصفقات الجديدة بالتوازي مع تذبذب التداولات في الشرق الأوسط. وقال توربيورن سولفيت، المحلل الرئيسي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى شركة فيريسك مابلكروفت، لوكالة رويترز إن “هروب رؤوس الأموال يمكن أن يكون عشوائيا تماما”.

وأضاف “ليس من الضروري أن يكون مبنيا بنسبة 100 في المئة على الأسس المتعلقة بكل دولة. ومن الواضح حاليا أن هناك تصورا بأن المخاطر تتزايد في جميع أنحاء المنطقة. ونرى تأثيرا سلبيا نتيجة لذلك”. وخسر صندوق آي شير أم.أس.سي.آي قطر تدفقات قدرها 7.7 مليون دولار في أكتوبر، في حين بلغت خسائر صندوق آي شير أم.أس.سي.آي الإمارات نحو 2.75 مليون دولار.

وشهدت صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة التي تتبع إسرائيل مثل آي شير أم.أس.سي.آي إسرائيل وأرك إزرائيل إنوفيتيف تكنولوجي وبلو ستار إزرائيل تكنولوجي تدفقات صافية إلى الخارج تتراوح بين 2.5 و9.3 مليون دولار منذ هجوم حماس الأخير.

وتجاوزت التدفقات النازحة من صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة التي تتبع دول الخليج تلك التي خرجت من معظم الأسواق الناشئة في الفترة ذاتها، في حين أن نسبة التدفقات النازحة من إسرائيل أعلى من المتوسط أيضا.

وهذه هي المرة الثانية التي تواجه فيها الأسواق الإسرائيلية اضطرابات هذا العام بعد التداعيات الناجمة في وقت سابق عن الإصلاحات القضائية التي قدمتها الحكومة وأدت إلى زيادة الضغوط على الأسوق. وقالت ناتاليا جوروشينا، كبيرة الاقتصاديين المعنيين بالأسواق الناشئة لدى شركة فان إيك، إن “الاضطرابات الأخيرة أدت إلى تفاقم نزوح التدفقات”.

وأضافت “مسألة الاستثمار الأجنبي المباشر في إسرائيل كوجهة للاستثمار التكنولوجي تلقت ضربة أخرى كبيرة بنظرة تحليلية لبنية الاقتصاد، كون إسرائيل مكانا آمنا وجذابا لهذا النوع من التدفقات”.

سيرجي ديرجاتشيف: الاضطرابات لم تبطئ الإصدارات الجديدة بمنطقة الخليج
سيرجي ديرجاتشيف: الاضطرابات لم تبطئ الإصدارات الجديدة بمنطقة الخليج

وأكدت جوروشينا أن ذلك كان أحد الأسباب التي دفعت وكالات التصنيف إلى التفكير في خفض التصنيف من قبل. وأشارت إلى أن هذه المخاوف “لن تتحسن في أي وقت قريب”. ومع ذلك، فإن صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة التي تتبع المنطقة نهضت غالبا من عثرتها بعد الخسائر التي تكبدتها بعد تنفيذ حماس هجومها على إسرائيل مباشرة.

ويشير هروب الأموال النقدية من صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة إلى اهتزاز ثقة المستثمرين في الأسواق التي كانت تتسم بالمرونة بصورة مدهشة. ولم تتعرض السندات في معظم دول الخليج لتأثير يذكر على الإطلاق بسبب الصراع في الوقت الذي عوضت فيه إسرائيل خسائر الشيكل وانتعشت سنداتها.

وقال سيرجي ديرجاتشيف، وهو مدير محفظة لدى يونيون للاستثمار، إن “الاضطرابات لم تبطئ الإصدارات الجديدة في منطقة الخليج”، مشيرا إلى صكوك أصدرها صندوق الاستثمارات العامة السعودي (صندوق الثروة). وأضاف “من المثير للاهتمام ملاحظة عدم رؤية أي خوف كبير من مخاطر العدوى”، مع الإشارة إلى عدم رصد مبيعات لديون الشركات في إسرائيل منذ بداية الحرب.

ويقول المستثمرون إن جميع الاقتصادات الرئيسية في المنطقة تقريبا قوية بما يكفي لتحمل بعض الاضطرابات. وتمتلك إسرائيل احتياطيات تبلغ قرابة 200 مليار دولار، في حين يدعم ارتفاع أسعار النفط والغاز دول الخليج.

لكن هروب أموال المستثمرين في الأسهم يسلط الضوء على المخاطر التي لا تزال شديدة على هذه الاقتصادات وجهودها الرامية إلى التنويع حال انزلاق المنطقة إلى صراع مرة أخرى. وقال سولفيت من شركة مابلكروفت إن “استمرار الحرب يقوض جهود السعودية للحد من اعتمادها على النفط”.

في المقابل يشير ديرجاتشيف ومستثمرون آخرون إلى أن طول أمد الصراع، ومدى الضرر الذي ألحقه بالشركات والاستثمارات الإسرائيلية، قد يلحق المزيد من الضرر باقتصادها. وتابع ديرجاتشيف قائلا إن “بالنسبة لإسرائيل السؤال الكبير هو ماذا سيحدث بعد ذلك؟ هذا ليس في الحسبان حقا”.

11