الحرب تثقل كاهل أصحاب النخيل مع موسم جني البلح في غزة

المزارعون لم يتمكنوا من الاعتناء بأشجار النخيل عبر سقايتها ورشها بالمبيدات ما أثر على كميات الإنتاج والجودة.
الاثنين 2024/09/30
تمسك بجني المحصول رغم هول القصف

غزة - بدأ مزارعون في جني محصول البلح داخل أرض بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة، حيث تتناثر خيام النزوح، في موسمه الذي شكا أصحاب النخيل من قلة كمياته وتردي جودته.

وفي تحد للحرب التي تشنها إسرائيل على غزة منذ نحو سنة، يتسلق أحد المزارعين قمم أشجار النخيل مستعينا بحبل متين، لجني محصول هذا العام من البلح رغم مخاطر القصف المحتمل في المنطقة، والتي قد تؤدي إلى إصابته أو سقوطه أرضا. وغابت هذا العام عن غزة ملامح موسم جني البلح والذي يتم افتتاحه سنويا في الفترة الممتدة بين أواخر سبتمبر وأوائل أكتوبر من كل عام.

ومن أبرز الملامح، إشراك أصحاب حقول النخيل أقاربهم في عملية الجني لإتاحة الفرصة لهم للحصول على مورد رزق، فضلا عن توزيع عناقيد البلح على جيرانهم وأصدقائهم لتقوية الروابط الاجتماعية فيما يوفر هذا الموسم فرص عمل للكثيرين.

وكان هذا الموسم يعد مصدر دخل جيد لمزارعين وعاملين فلسطينيين يتخذون من البلح مادة أولية لصناعتهم التحويلية كـ”العجوة والمربى والدبس”، لكن مع قلة الإنتاج يشعر المزارعون بالحزن.

وجراء الحرب لم يتمكنوا من الاعتناء بأشجار النخيل عبر سقايتها ورشها بالمبيدات اللازمة ما أثر بدوره على كميات الإنتاج والجودة، فيما استهدفت إسرائيل خلال حربها المتواصلة مساحات واسعة من الأراضي الزراعية المثمرة بعضها مزروعا بالنخيل.

كما تحولت الأراضي الزراعية المتبقية إلى مخيمات لإيواء النازحين الفارين من مناطقهم التي استهدفها الجيش الإسرائيلي بكثافة نارية، باحثين من مناطق أقل خطرا.

وتقول صاحبة الأرض أم يوسف أبوجميزة لوكالة الأناضول، إن موسم جني البلح تضرر بشكل كبير هذا العام بسبب الحرب وحالة الخوف من البدء بجني الثمار من قمم النخيل. وأضافت “تضررت الأشجار بشدة بسبب قلة السماد والأدوية والمبيدات الحشرية، وأيضا غياب السقاية بسبب انقطاع التيار الكهرباء المشغل لمولدات المياه”.

وبعد أن كانت أبو جميزة تتفاخر بجودة حبات البلح التي تجنيها من حقلها الذي ترعاه وعائلتها بعناية، تشكو اليوم من “قلة الإنتاج وتردي الجودة”. واستكملت قائلة “حبة البلح كانت ممتازة لكن الآن المحصول حباته صغيرة وكمياته قليلة، بالكاد قد نستطيع تحصيل كلفته بعد بيعه”.

◙ هذا العام غابت عن غزة ملامح موسم جني البلح والذي يتم افتتاحه سنويا في الفترة الممتدة بين أواخر سبتمبر وأوائل أكتوبر من كل عام

وفي موسم 2023، كان عدد أشجار النخيل في القطاع يبلغ نحو 240 ألف نخلة، منها 180 ألفا مثمرة، حيث بلغت توقعات إنتاجها نحو 15 ألف طن، بحسب وزارة الزراعة.

لكن الحرب أثرت على موسم العام الماضي كما أثرت على موسم هذا العام، حيث استهدف الجيش الإسرائيلي مساحات زراعية واسعة منذ بداية الحرب.

وتحت أشجار النخيل، جلست مجموعة من السيدات النازحات أمام كميات من البلح ليبدأن بفرزها ومن ثم نزع النوى منها. ويعد الانتهاء من هذه المرحلة، تغسلن الحبات من الغبار والتراب، وتشرعن لاحقا بترتيبها داخل صوان حديدية تمهيدا لتجفيفها تحت أشعة الشمس.

وعكفت أبوجميزة على تعليم هذه المراحل للنازحات المتواجدات في أرضها، فباتت لديهن فكرة عن صناعة العجوة بالطريقة التقليدية. كما توفر هذه الصناعة للنازحات مصدر دخل بسيط يعينهن على توفير احتياجات أطفالهن في ظل ندرة السلع الغذائية وغيرها المتزامنة مع غلاء المتوفر منها.

وأشارت أبوجميزة إلى أن حدوث قصف قريب منها من شأنه أن يضر بهذه الحبات حيث تمتلئ بالمواد الكيماوية ودخان القذائف ما يدفعها لرميها وخسارة كل هذا الجهد. ويشارك النازح محمد البلبيسي الذي التجأ لأرض أبوجميزة قبل 5 أشهر، قادما من مدينة غزة، في جني المحصول لتوفير لقمة العيش لأطفاله.

ويقول إن “الظروف القاسية التي أفرزتها الحرب والنزوح، من تردي الوضع الاقتصادي وانعدام فرص العمل، دفعتنا للعمل مع أبو جميزة”. وأوضح أنهم يسعون بقدر الإمكان وحسب الأعمال المتوفرة لتوفير لقمة العيش لأطفالهم في ظل الظروف الصعبة.

وبشكل سنوي، تعتبر وزارة الزراعة بغزة موسم النخيل من المواسم الزراعية الرئيسية ويعمل فيه عدد كبير من المزارعين والعمالة سواء على مستوى القطاف أو الصناعات التحويلية أو الخدمات المساندة.

ويعيش النازحون الفلسطينيون أوضاعا معيشية وصحية صعبة في ظل حرمان غالبيتهم من فرص العمل التي شغلوها قبل اندلاع الحرب. ويعجز هؤلاء عن توفير احتياجات عائلاتهم الأساسية بسبب انعدام السيولة لديهم، فيما يعمل العشرات منهم في مهن يومية مرهقة بالكاد تساهم في توفير القليل لعائلاتهم.

وفي مطلع مايو الماضي، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، ارتفاع نسبة البطالة في القطاع إلى 75 في المئة، مع زيادة الفقر إلى أكثر من 90 في المئة جراء الحرب المستمرة.

وأوضح المكتب في بيان آنذاك أن “95 في المئة من المنشآت الاقتصادية بغزة توقفت تماما عن العمل بسبب القصف والتدمير”. وقدَّر الخسائر الأولية المباشرة للحرب على غزة بنحو 33 مليار دولار، حيث دمرت إسرائيل 15 قطاعا من قطاعات العمل والحياة.

11