الحرب بين غزة وإسرائيل: الأسوأ لم يأت بعد

عملية "طوفان الأقصى" تشعل تضامنا عربيا شعبيا مع الفلسطينيين.
الأربعاء 2023/10/11
إلى أين اللجوء

توحي جميع المؤشرات بأن الاجتياح البري الإسرائيلي لقطاع غزة بات وشيكا، وسط مخاوف إقليمية ودولية من تمدد نطاق الصراع، لاسيما في ظل الأجواء الملتهبة على الجبهة الشمالية.

غزة - قال الجيش الإسرائيلي الثلاثاء إن طائراته ضربت قطاع غزة وإن القوات أغلقت الحدود تماما، في علامة على أن الهجوم البري على القطاع قد يكون وشيكا.

وذكر الجيش الإسرائيلي أنه في “اليوم الرابع من العدوان غير المسبوق والوحشي لمئات من مقاتلي حركة حماس على المستوطنات الإسرائيلية من قطاع غزة، تمكن من استعادة السيطرة الكاملة على الحدود مع غزة، ولم يدخل أي مسلح من القطاع منذ مساء الاثنين”.

وأسفر الهجوم متعدد الجبهات الذي أطلقته حماس السبت الماضي عن مقتل 900 شخص في إسرائيل وإصابة ما يربو على 2800 آخرين.

وقال مصدر أمني مصري إنه تم إغلاق معبر رفح جنوبي غزة على الحدود مع مصر حتى إشعار آخر. وذكر المصدر أن هناك حالة تأهب على طول الحدود المصرية لوقف أي عملية تسلل.

وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الاثنين عن فرض بلاده “حصارا شاملا” على قطاع غزة، في ظل استمرار الحرب مع نشطاء حركة حماس لليوم الثالث. وقال غالانت “لن تكون هناك كهرباء، ولا مواد غذائية، ولا وقود”.

وأجلت إسرائيل في تلك الأثناء جميع مستوطنات غلاف غزة تقريبا، وهو ما اعتبر استعدادا جديدا لشن هجوم بري.

معبر رفح تم إغلاقه حتى إشعار آخر، وهناك حالة تأهب على طول الحدود المصرية لوقف أي عملية تسلل

وواصلت إسرائيل دك المئات من الأهداف في غزة، التي تحكمها حماس، من الجو واستدعت نحو 300 ألف من قوات الاحتياط قبيل غزو بري محتمل.

وقال ريتشارد هيخت، وهو متحدث آخر باسم الجيش الإسرائيلي، “نركز هجوما الآن على غزة”. وأضاف أن الجيش أنشأ ما وصفه بـ”بنية تحتية لعمليات مستقبلية”.

وجعلت هجمات حماس إسرائيل تترنح، لا من حصيلة القتلى المرتفعة فحسب، وهي الأعلى خلال فترة قصيرة منذ تأسيس الدولة، وإنما أيضا بسبب حقيقة أنها فاجأت وكالات الاستخبارات.

ويقول محللون إن الأسوأ يبدو أنه لم يأت بعد، وهناك مخاوف جدية من أن يتسع نطاق الصراع ليتحول إلى حرب إقليمية، في ظل المناوشات التي تجري أيضا على الجبهة الشمالية.

وكشف مصدران أمنيان في لبنان أن حزب الله استهدف الثلاثاء دبابة إسرائيلية بصاروخ موجه، فيما قال الجيش الإسرائيلي إن طائرة هليكوبتر قصفت نقطة مراقبة تابعة للحزب ردا على صاروخ مضاد للدبابات أُطلق من الأراضي اللبنانية باتجاه مركبة عسكرية في منطقة أفيفيم.

ويثير التصعيد الجاري قلقا إقليميا ودوليا بالغا، فيما أيقظ تضامنا عربيا شعبيا لافتا مع الفلسطينيين.

ومنذ اللحظات الأولى لعملية حماس المباغتة وغير المسبوقة من ناحية الحجم والأسلوب في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حفلت مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات مؤيدة ومهلّلة للهجوم الذي تزامن مع الذكرى الخمسين لحرب أكتوبر 1973.

وفي أحياء عدة في بيروت وفي ضاحيتها الجنوبية، معقل حزب الله، سارع سكان السبت إلى توزيع الحلويات ابتهاجاً. وتكرّر المشهد في دمشق ومدن عدة في الضفة الغربية حيث انطلقت تظاهرات مؤيدة حمل فيها المشاركون رايات حركة حماس الخضراء، دون أن تتدخل الشرطة التابعة للسلطة الفلسطينية كالعادة لإنزالها.

وقال بائع القهوة فرح السعدي (52 عاماً) في رام الله لوكالة فرانس برس “أنا فخور بما جرى في غزة، لأنني طوال عمري أرى إسرائيل وهي تقتل فينا (تقاتلنا) وتصادر أراضينا وتعتقل أبناءنا”.

ويضيف الرجل الذي له ابن معتقل لدى إسرائيل “فرحت بما قامت به حماس، لكنني أتخوّف مما ترتكبه إسرائيل من جرائم في غزة”.

استعداد جديد لشن هجوم بري
استعداد جديد لشن هجوم بري

وحلّ التضامن بدل الانقسام المزمن القائم بين الفلسطينيين منذ العام 2007، تاريخ طرد حركة فتح من قطاع غزة وتفرد حركة حماس بالسيطرة عليه.

ويقول منسّق القوى الوطنية والإسلامية في الضفة الغربية عصام أبوبكر “لا أعتقد أن هناك فلسطينياً واحداً لا يؤيد ما جرى”، مذكرا بأن “إسرائيل أدارت ظهرها لكل عمليات التفاوض السياسي”.

وحسب وزارة الصحة الفلسطينية، قتل خلال الأيام الأربعة الماضية 18 فلسطينيا وأصيب أكثر من 85 آخرون بجروح خلال مواجهات في أنحاء مختلفة من الضفة الغربية عقب تظاهرات تضامنية مع قطاع غزة، ومنهم من قتل خلال تنفيذ هجمات ضد أهداف إسرائيلية.

وفي لبنان، حيث ينقسم الرأي العام عموماً تجاه حركة حماس، يجاهر كثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي بتأييدهم لحقّ الفلسطينيين في استعادة حقوقهم.

وكتبت دارين دندشلي على منصة إكس “نجلس خلف الشاشة ونتابع الأخبار. لسنا قادرين على فعل شيء إلا أن نكتب رسائل تضامن مع أهلنا في غزة وكل فلسطين”.

وفي مدينة صيدا (جنوب) بثّت مساجد عدة في المنطقة المتاخمة لمخيم عين الحلوة، أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في البلاد، تكبيرات وابتهالات دينية نصرة “للمقاومين الفلسطينيين”.

وشهدت الكثير من الدول العربية، على غرار الكويت والمغرب وقطر ومصر، تحركات احتجاجية داعمة لغزة، فيما تدعو الحكومات العربية إجمالا إلى وقف التصعيد وضبط النفس، معتبرة أن ما جرى نتيجة عدم إعطاء الفلسطينيين حقوقهم، لاسيما حقهم في إقامة الدولة الفلسطينية.

2