الحرب الكيمياوية على مواقع التواصل.. نفي التضليل بالتضليل

تلفزيون "روسيا1" يعرض صورا مزيفة على أنها دليلا لإدانة الخوذ البيضاء بفبركة الهجوم الكيمياوي.
الخميس 2018/04/19
حرب موازية على مواقع التواصل

باريس - شهدت مواقع التواصل الاجتماعي لفترة طويلة سجالا لم ينته حتى اليوم بشأن طبيعة عمل أصحاب الخوذ البيضاء، غذته التقارير الإخبارية الروسية التي استفاضت بكيل التهم لهم معتبرة أنهم ليسوا سوى “إرهابيين يقومون بدور تمثيلي”.

وعرض مؤيدو النظام السوري صورا انتشرت مؤخرا على مواقع التواصل، ويظهر فيها ممثلون يغطيهم الغبار والدماء، على أنها دليل على أن الهجوم الكيمياوي المزعوم في مدينة دوما في 7 أبريل، كان مفبركا.

وتبين أن هذه اللقطات التي اعتبرت دليل اتهام للخوذ البيضاء السوريين، هي في الواقع من فيلم نُفذ بتمويل من الحكومة السورية، وفق ما ذكرت مدونة “فاكتويال” لتقصي الحقائق التابعة لوكالة فرانس برس.

والتقطت الصور في الواقع في الاستوديو خلال تصوير فيلم “رجل الثورة” الذي شاركت وزارة الثقافة السورية في تمويله وعرض في فبراير على فيسبوك.

وقالت وكالة الأنباء السورية (سانا) في 9 مارس إن “الفيلم يروي قصة صحافي يسعى إلى الشهرة ويدخل سوريا بصورة غير شرعية لالتقاط صور وأشرطة عن الحرب. وبعد فشله في تحقيق هدفه يقوم بمساعدة إرهابيين على فبركة هجوم كيمياوي لتحصل صوره على انتشار عالمي”، وفقا للوكالة.

وقال موقع بيلينغكات الاستقصائي إن الصور عرضتها كذلك قناة تلفزيون “روسيا 1” العامة بصفتها دليلا على فبركة الهجوم الكيمياوي.

وأنقذت منظمة “الخوذ البيضاء” التي تضم نحو ثلاثة آلاف متطوع، حياة الآلاف وانتشلت أناسا من تحت الأنقاض من مواقع القصف ويتم تداول أشرطتها على نطاق واسع في مواقع التواصل. وكانت مرارا هدفا لنظرية المؤامرة وحملات تضليل اتهم أنصار النظام السوري بتدبيرها.

وشنت بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة ضربات صاروخية السبت في سوريا ردا على الهجوم الكيمياوي المفترض. وقالت فرنسا إن لديها “دليلا” يلقي المسؤولية على كاهل النظام السوري الذي نفى الأمر تماما.

وقالت روسيا إن لديها “أدلة لا لبس فيها” على أن الهجوم “تمثيلية” بمساعدة بريطانيا. وصرح قائد قوات الحماية الشعاعية والكيميائية الروسية، إيغور كريلوف، في مؤتمر صحافي، أن من شارك في أحداث خان شيخون هم أنفسهم المشاركون في عملية دوما المزعومة.

لقطات دليل اتهام الخوذ البيضاء التقطت في الاستوديو خلال تصوير فيلم "رجل الثورة"

وأشار إلى أن صور الأطفال في الهجوم المزعوم، تظهر أعراضا لا علاقة لها بالإصابة بالمواد الكيمياوية السامة.

وكان مندوب روسيا لدى منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية، ألكسندر شولغين، اتهم في وقت سابق الأجهزة الأمنية البريطانية بتورطها في فبركة فيديو الهجوم الكيمياوي المزعوم في دوما.

ولم يستبعد شولغين تورط الأجهزة الأمنية الأميركية أيضا في إخراج الفيديو، مشيرا إلى أن روسيا تمكنت من تحديد متورطين في تصوير الفيديو بدوما.

وكشفت صحيفة التايمز البريطانية قبل أيام، أن أكاديميين بريطانيين كبارا يقومون بنشر معلومات مضللة ويروجون لإشاعات أطلقتها روسيا بشأن تورط بريطانيا في فبركة هجوم كيمياوي بسوريا.

وقالت الصحيفة إن الأكاديميين هم مؤسسو مجموعة أطلقوا عليها “مجموعة العمل حول سوريا، الدعاية والإعلام (SPM)” ويشغلون وظائف في جامعات بريطانية منها إدنبرة وشيفيلد ولستر.

وذكرت أن “أعضاء المجموعة التي تضم 4 أساتذة نشروا المزاعم التي كررها السفير الروسي في بريطانيا بأن الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) فبركوا مقطع فيديو لاتهام الأسد بارتكاب هجمات (كيمياوية) بدعم من الكرملين”.

وتضم مجموعة العمل أيضا مستشارين من بينهم أميركي الجنسية كان كذّب الرواية الأميركية بشأن أحداث سبتمبر 2001، واعتبرها مؤامرة، وآخر أسترالي الجنسية يؤمن بأن وكالة الاستخبارات الأميركية هي وراء الهجوم الكيمياوي الأخير بدوما.

وقالت الصحيفة البريطانية إن أحد أعضاء مجموعة العمل ويدعى تيم هايوارد، أستاذ النظرية السياسية البيئية بجامعة إدنبرة، أعاد نشر تغريدة على تويتر حول هجوم في الغوطة الشرقية، مفادها أن “أصحاب الخوذ البيضاء والفصائل الإرهابية فبركوا أحداثا كاذبة واختطفوا وخدّروا أطفالا لاستخدامهم كأدلة على مزاعمهم”.

وورد في التغريدة أيضا أن “شهادات المدنيين والمسؤولين في الغوطة تثير تساؤلات مزعجة جدا”.

ونشر البروفيسور هايوارد مقالا في مدونته لزميله باول مكيج، وهو أستاذ علم الأوبئة الوراثية والوراثة الإحصائية، زعم فيه أن احتمالية استخدام الأسد لأسلحة كيمياوية “صفر”، واستخدم “حساب التفاضل والتكامل” لتقييم الدليل.

كما استخدم هايوارد هاشتاغ Syriahoax# ويعني خدعة سورية عند حديثه عن الهجمات الكيمياوية، ليروّج أن هجمات سوريا الكيمياوية خدعة لا أساس لها، وتم تداول هذا الوسم بشكل كبير في الولايات المتحدة من قبل شخصيات في حركة “اليمين البديل” التي تؤمن بتفوق العرق الأبيض وتدافع عنه.

عضو آخر في المجموعة هو بيرز روبينسون، بروفيسور السياسة والمجتمع والصحافة السياسية بجامعة شيفيلد نشر منشورا لابنة هارولد بيلي الدبلوماسي البريطاني الراحل، يدعو لاستهداف “الخوذ البيضاء بسوريا”، ويقول عنهم بأنهم إرهابيون ويجب أن يكونوا “هدفا مشروعا”.

وقال تارا ماكورماك، عضو آخر في مجموعة العمل ومحاضر في العلاقات الدولية بجامعة لستر، إن “من الحقائق الثابتة أن ذوي الخوذ البيضاء هم بالأساس من تنظيم القاعدة”.

19