الحرب التجارية تعيد رسم خارطة تجارة غاز البترول المسال عالميا

سنغافورة/نيويورك - تواجه سوق غاز البترول المسال العالمية حالة من الاضطراب إذ تجبر الرسوم الجمركية المرتفعة على الواردات الأميركية المشترين الصينيين على إيجاد بدائل من منطقة الشرق الأوسط لتحل محل الشحنات من الولايات المتحدة.
ويأتي نشوء هذا الوضع الذي أفرزته المتغيرات المتسارعة بفعل إصرار الرئيس دونالد ترامب على الحمائية التجارية بينما تتجه الشحنات الأميركية إلى أوروبا وأماكن أخرى في آسيا.
ومن المتوقع أن يؤدي هذا التغيير إلى انخفاض أسعار المنتجات الثانوية للغاز الصخري الزيتي والطلب عليها والإضرار بأرباح منتجي الغاز الصخري الأميركيين وشركات البتروكيماويات الصينية وزيادة الإقبال على بدائل مثل النافتا.
كما يرجّح أن يفيد هذا الموردين من الشرق الأوسط، الذين يعتمد عليهم المستوردون الصينيون كبدائل، فضلا عن المشترين لغاز البترول المسال الذين ينتهزون الفرص في آسيا في أسواق مثل اليابان والهند ويستغلون انخفاض أسعار المنتج.
وتعد سوائل الغاز الطبيعي، البروبان والإيثان والبيوتان، أحدث منتجات الطاقة التي وقعت تحت وطأة الحرب التجارية المتصاعدة بين أكبر اقتصادين في العالم. وأوقفت الصين بالفعل وارداتها من النفط الخام والغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة.
وباتت شركات البتروكيماويات الصينية، التي تعتمد على إمدادات الغاز الطبيعي المسال والإيثان الوفيرة من الولايات المتحدة كمواد خام، من أقل الشركات كلفة على مستوى العالم.
ويحتاج منتجو النفط والغاز الأميركيون إلى الصين لشراء سوائل الغاز الطبيعي المسال، إذ يتجاوز العرض المحلي الطلب، ويمكن أن يلحق تضخم مخزونات هذه المنتجات الضرر بشركات حفر النفط الصخري التي تواجه بالفعل تحديات حادة في النمو.
وقال جوليان رينتون محلل بشركة إيست دالي أناليتكس للتحليلات إنه “في الوقت الذي تمكن فيه المصدرون الأميركيون من إعادة توجيه شحنات غاز البترول المسال بعيدا عن الصين خلال فترة الخلافات التجارية خلال الولاية الأولى لترامب، فإن تضاعف أحجام التجارة منذ ذلك الحين يصعّب على كل من البلدين استبدال الآخر.”
وأوضح في تصريح لوكالة رويترز “هناك قدر معين من التدفقات التي يمكن إعادة توجيهها، ولكن لا يمكن إيجاد سوق أخرى يمكنها استيعاب تحويل 400 ألف برميل يوميا.”
وأظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة أن الصين هي ثاني أكبر مشتر لغاز البترول المسال من الولايات المتحدة بعد اليابان.
وتتوقع شركة إيست دالي أن تنخفض صادرات الولايات المتحدة إلى الصين بنحو 200 ألف برميل يوميا على مدى ستة إلى تسعة أشهر، مما سيؤدي إلى ارتفاع المخزونات المحلية وانخفاض الأسعار.
وتتوقع شيريل ليو المحللة في شركة إنيرجي أسبكتس أن يشتري مستوردون آخرون لغاز البترول المسال مثل الهند وإندونيسيا واليابان وكوريا الجنوبية المزيد من المنتج الأميركي الأقل سعرا، بينما ستزيد دول الشرق الأوسط إمداداتها إلى الصين.
وقالت “الرابحون هم جميع المشترين الآخرين والمصدرين من الشرق الأوسط. أما الخاسرون، أعتقد، الصين والولايات المتحدة.”
وذكر مصدر في شركة يابانية كبرى لغاز البترول المسال أنه على عكس إمدادات الشرق الأوسط، من السهل استبدال غاز البترول المسال الأميركي بإمدادات من دول أخرى، لأن الشحنات من الولايات المتحدة غير مرتبطة بوجهات محددة.
وأظهرت بيانات أولية من شركة تتبع السفن أويل إكس ومجموعة بورصات لندن أن واردات اليابان من غاز البترول المسال الأميركي ارتفعت من 12 إلى 15 في المئة على أساس شهري حتى الآن في أبريل لتصل إلى ما بين 274 ألف برميل و276 ألف برميل يوميا.
وأشارت معلومات من شركة كبلر لتتبع السفن أن هذه الواردات تضاعفت تقريبا لتصل إلى 639 ألف برميل يوميا في أبريل الحالي.
وكشفت بيانات الجمارك الصينية أن بكين اشترت العام الماضي رقما قياسيا بلغ 17.3 مليون طن أو 550 ألف برميل يوميا من البروبان الأميركي، أي ما يعادل 60 في المئة من إجمالي وارداتها من غاز البترول المسال.
وذكر متعاملون أن المشترين الصينيين ما زالوا يسارعون إلى مبادلة شحنات غاز البترول المسال الأميركي بإمدادات من دول أخرى لتجنب الرسوم الجمركية. وتدخل الرسوم الجمركية حيز التنفيذ في 14 مايو القادم.
وتقول شركة إنيرجي أسبكتس إنه من المتوقع أن تؤدي الرسوم الجمركية على الواردات من الولايات المتحدة إلى خفض طلب الصين على غاز البترول المسال بمقدار 150 ألف برميل يوميا في النصف الثاني من عام 2025 بمقارنة سنوية.
في المقابل، تتوقع أسبكتس أن يزيد استهلاك النافتا بمقدار 140 ألف برميل يوميا، الأمر الذي سيجعل من استقرار السوق في المرحلة المقبلة أمرا يشوبه الكثير من الضبابية.