الحرب الأوكرانية تغير الإستراتيجية الدفاعية لفرنسا

خطة استعجالية لتعزيز التواجد العسكري الفرنسي في شرق أوروبا.
الخميس 2022/10/13
تغيير الأولويات ضرورة ملحة

بدّلت الحرب الروسية على أوكرانيا الإستراتيجيات الدفاعية للدول الأوروبية وأولوياتها للأمن القومي، ما يدفع باتجاه تغير خارطة القوى في القارة العجوز مع إعلان ألمانيا تخصيص مبالغ ضخمة لتعزيز ترسانتها العسكرية وانكباب فرنسا على إعادة تقييم جيوشها.

باريس - أعلنت وزارة الدفاع الفرنسية، في خطوة ربما كانت متوقعة على خلفية الحرب الروسية المستمرة ضد أوكرانيا، عن خطة جادة وسريعة التنفيذ من شأنها تعزيز تواجدها العسكري في شرق أوروبا، لاسيما في كل من ليتوانيا وإستونيا ورومانيا.

وكشفت الصحافة الفرنسية أن ذلك القرار اتخذ الاثنين من قبل رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون، باقتراح من رئيس أركان القوات المسلحة، لكن وزير الدفاع سيباستيان لوكورنو هو الذي أعلن عنه الثلاثاء أمام مجلس الشيوخ خلال جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والقوات المسلحة.

وقال لوكورنو خلال جلسة الاستماع إن “قرار ماكرون بتعزيز وضعنا الدفاعي في الجانب الشرقي من أوروبا اتخذ في ضوء وضع الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي (الناتو) والقتال العنيف الدائر في أوكرانيا”.

700

مليون يورو في العام تكلفة نشر القوات الفرنسية الجديدة في شرق أوروبا

وكشف موقع “ويست فرانس” أنه في إطار خطة تعزيز التواجد الفرنسي في شرق أوروبا، ستنشر باريس في رومانيا وحدة عسكرية معززة بمركبات القتال المشاة المدرعة (VBCI)، بالإضافة إلى سرب قوامه 8 دبابات من طراز (ليكليرك) الفرنسية على أن تظل 4 دبابات على الأرجح في الاحتياط.

وأوضح أن باريس تخطط لزيادة عدد قوات مهمتها العسكرية في رومانيا المسماة “Aigle” بنحو مئتي جندي إضافيين.

وتقود فرنسا بالفعل مهمة الناتو في رومانيا التي تضم حاليا 350 جنديا فرنسيا، بالإضافة إلى قوات بلجيكية وهولندية. كما تتضمن الخطة الفرنسية نشر مقاتلات رافال في ليتوانيا لتوفير الدعم الجوي اللازم.

وبينما لم يتم تحديد عدد المقاتلات المقرر نشرها وفق الخطة، وامتنع أيضا مكتب وزير الدفاع عن الإفصاح عن العدد، فإنه من المتوقع نشر 4 مقاتلات بحيث تكون هناك طائرتان في الخدمة، وفقًا لمعايير الناتو، حسب المصدر ذاته.

وفي السياق ذاته، تخطط باريس لنشر وحدة عسكرية صغيرة مكونة من 120 جندي في إستونيا معززة بمركبات غريفون، تنضم إلى أخرى تعمل بالفعل كجزء من مهمة “لينيكس” التابعة لحلف الناتو في قاعدة تابا شمالي البلاد.

باريس ستنشر في رومانيا وحدة عسكرية معززة بمركبات القتال المشاة المدرعة (VBCI)، بالإضافة إلى سرب قوامه 8 دبابات من طراز (ليكليرك) الفرنسية

ومنذ نهاية أبريل 2019، تنشر فرنسا كتيبة عسكرية قوامها 300 جندي في إستونيا لتعمل إلى جانب القوات المسلحة الإستونية وشركاء آخرين في الناتو، استمرارًا لنهج باريس في الالتزام تجاه حلفائها في حلف شمال الأطلسي.

ومن المنتظر أن تبدأ باريس في تنفيذ خطتها في رومانيا خلال الأسابيع المقبلة، على أن تنشر الكتيبة الجديدة في إستونيا خلال العام المقبل.

ووفقا لتقديرات وزارة الدفاع الفرنسية، فإن جهود تعزيز الموقف الدفاعي لحلف شمال الأطلسي في دول الشرق ستكلف الموازنة الفرنسية ما بين 600 و700 مليون يورو هذا العام.

ونشرت وزارة الدفاع الأوكرانية الأربعاء مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يهدف إلى لفت انتباه فرنسا لإظهار دعمها من خلال إمدادات الأسلحة بعد الانتقادات المتكررة لباريس لعدم فعل ما يكفي.

وجاء المقطع ومدته 41 ثانية على تويتر بعد ساعات من اجتماع مجلس الوزراء الأمني الفرنسي الذي عقده الرئيس إيمانويل ماكرون وخلص إلى اتخاذ قرارات جديدة بهدف “دعم أوكرانيا عسكريا” عقب التحدث إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

باريس ستنشر في رومانيا وحدة عسكرية معززة بمركبات القتال المشاة المدرعة (VBCI)، بالإضافة إلى سرب قوامه 8 دبابات من طراز (ليكليرك) الفرنسية

وسلمت فرنسا مدافع هاوتزر من طراز قيصر وأنظمة دفاع جوي محمولة ومركبات مدرعة ثقيلة لأوكرانيا في بادئ الأمر.

لكن مع زيادة المخاطر في ظل تكثيف الهجمات على المدن الأوكرانية، طلبت كييف من شركائها توفير المزيد من الإمدادات، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي، وهو أمر لم ترغب باريس في القيام به حتى الآن. وأوضح مقطع الأربعاء لفرنسا أن أوكرانيا تريد أكثر من مجرد كلمات ووعود.

ويعرض المقطع مصحوبا بعبارة “الإيماءات الرومانسية تتخذ العديد من الأشكال” بينما تعزف أغنية كلاسيكية في الخلفية.

ويعرض المقطع صورا متداخلة لعاشقين متشابكي الأيدي في باريس وشوكولاتة وورود وماكرون مبتسما مع زيلينسكي. وكل هذا بصحبة صور لمدافع هاوتزر فرنسية الصنع تعمل بكامل طاقتها في ساحة المعركة.

وورد في المقطع المصور “إذا كنت تريد حقا الفوز بقلوبنا… لا شيء يضاهي المدفعية الثقيلة عيار 155 ملم ذاتية الدفع… شكرا جزيلا لفرنسا. من فضلك أرسل لنا المزيد!”.

19

قتيلا و105 جرحى عدد ضحايا الهجمات الروسية الأخيرة على عدد من المدن الأوكرانية

وأعلنت أوكرانيا الأربعاء استعادة بلدات عدّة من الروس في جنوب البلاد، ورحّبت بتسليمها نظاما دفاعيا جويا جديدا، متوقّعة “حقبة جديدة” بعد يومين على القصف المكثّف.

واستهدفت البلاد قبل أيام بوابل من الصواريخ وبتحليق للطائرات المسيرة التي استهدفت بشكل خاص البنية التحتية للطاقة المدنية، في ضربات اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنها ردّ انتقامي على الهجوم التفجيري الذي دمّر جسر القرم، والذي وصفته موسكو بـ”الإرهابي” ونسبته إلى كييف.

والأربعاء أعلنت أجهزة الأمن الروسية أنها اعتقلت ثمانية أشخاص، بينهم خمسة روس، للاشتباه في ضلوعهم في التفجير الذي استهدف جسر القرم السبت.

وكذلك أعلنت إحباط هجومين قالت إن الاستخبارات الأوكرانية كانت تعتزم تنفيذهما على الأراضي الروسية.

وأعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ أن حلفاء أوكرانيا الغربيين يدرسون تزويد كييف بالمزيد من الأنظمة الدفاعية الجوية لحمايتها من الهجمات الصاروخية الروسية “العشوائية” على مختلف أنحاء البلاد.

وقال ستولتنبرغ في مستهل اجتماع للحلف بشأن تسليم أسلحة لكييف “سنناقش كيفية تعزيز الدعم لأوكرانيا وستكون الأولوية للمزيد من أنظمة الدفاع الجوي لأوكرانيا”.

وتسببت موسكو الاثنين في تصاعد حدة القتال مع تنفيذ هجمات صاروخية ضد عدد من المدن الأوكرانية بينها العاصمة كييف، بعد هدوء نسبي ساد العاصمة لنحو عدة أشهر.

حلفاء أوكرانيا الغربيين يدرسون تزويد كييف بالمزيد من الأنظمة الدفاعية الجوية لحمايتها من الهجمات الصاروخية الروسية

وأعلنت هيئة الطوارئ الأوكرانية الثلاثاء أن عدد ضحايا الهجمات الروسية الأخيرة على عدد من المدن وصل إلى 19 قتيلا و105 جرحى.

وأوضحت الهيئة في بيان أن الهجمات الروسية الأخيرة استهدفت مناطق سكنية عديدة، وأسفرت عن تعطل وصول التيار الكهربائي إلى 301 حي سكني.

وجاءت الهجمات الروسية غداة اتهام الرئيس فلاديمير بوتين المخابرات الأوكرانية بتنفيذ “هجوم إرهابي” على جسر كيرتش (القرم) الذي يربط روسيا بشبه جزيرة القرم.

وقال بوتين، خلال اجتماع مع ألكسندر باستريكين رئيس لجنة التحقيق الروسية مساء الأحد، إنه “ما من أدنى شك في أنه هجوم إرهابي استهدف تدمير موقع حساس في البنية التحتية الروسية”.

ولم تعلن كييف مسؤوليتها بشكل صريح عن تفجير الجسر، لكن نائب مدير مكتب الرئيس الأوكراني ميخائيل بودولاك، قال إن التفجير كان مجرد “البداية”.

ومنذ الرابع والعشرين من فبراير الماضي، تشن روسيا هجوما عسكريا في جارتها أوكرانيا، ما دفع عواصم في مقدمتها واشنطن إلى فرض عقوبات اقتصادية شديدة على موسكو.

5