الحرب الأهلية في إثيوبيا تهدد الأمن الإقليمي الهش

الأمين العام للأمم المتحدة يدعو إلى خفض فوري للتصعيد في تيغراي.
السبت 2020/11/07
نزاعات عرقية تدق ناقوس الخطر

أديس أبابا - أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد الجمعة أن العمليات العسكرية التي شنّتها قواته في منطقة تيغراي (شمال) أهدافها محدودة، في وقت تزداد الضغوط الدولية زخما لتجنّب حرب أهلية مدمّرة قد تمتد ألسنتها إلى منطقة القرن الأفريقي المضطرب بالفعل.

واشتد القتال في أعقاب إصدار آبي أحمد أمرا للجيش بتنفيذ المزيد من العمليات العسكرية في الإقليم هذا الأسبوع بعد أن اتهم جبهة تحرير تيغراي بشن “هجوم مميت” على قاعدة عسكرية في تيغراي منذ أيام.

ويشكل الرد العسكري بداية نزاع في إثيوبيا التي تشهد سلسلة من النزاعات الانفصالية والعرقية المتزايدة.

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى خفض فوري للتصعيد بينما تحدثت معلومات عن قصف عنيف وتحريك قوات، فيما حذّر مراقبون من أن أي حرب بين الجيشين القويين ستكون دامية وسيطول أمدها.

وهيمنت جبهة تحرير شعب تيغراي على الجيش والحكومة في البلاد قبل أن يتولى آبي أحمد السلطة في 2018 وتتمتّع بخبرة في الصراع إثر الحرب الحدودية التي دامت سنوات بين أثيوبيا وإريتريا. كما تقدر مجموعة الأزمات الدولية أن القوات شبه العسكرية التابعة لجبهة تحرير شعب تيغراي والميليشيات المحلية تشمل حوالي 250 ألف جندي.

وعيّن الائتلاف الحاكم في إثيوبيا آبي أحمد رئيسا للوزراء في 2018 للمساعدة في تهدئة أشهر من الاحتجاجات المناهضة للحكومة. وسرعان ما نال الثناء الذي شمل جائزة نوبل لمنحه مساحة سياسية وكبح الإجراءات القمعية في البلاد التي يبلغ عدد سكانها حوالي 110 ملايين شخص والتي تضم العشرات من الطوائف. لكن جبهة تحرير شعب تيغراي شعرت بتهميش متزايد، وانسحبت من الائتلاف الحاكم العام الماضي.

ولا يستبعد مراقبون أن يمتد الصراع إلى أجزاء أخرى من إثيوبيا، أين تدعو بعض المناطق إلى المزيد من الحكم الذاتي على غرار إقليم أورواميا، حيث دفع العنف العرقي الحكومة الفيدرالية إلى العودة إلى ممارسات سابقة تشمل اعتقال المنتقدين.

وردا على هذه المخاوف، قال نائب رئيس هيئة الأركان الإثيوبي، الجنرال برهانو غولا، الخميس عن تيغراي إن “الحرب ستنتهي هناك”.

أزمة قد تتمدد
أزمة قد تتمدد

وتطالب بعض الحكومات والخبراء بتنظيم حوار عاجل حول تيغراي، لكن دبلوماسيا غربيا في العاصمة أديس أبابا قال إن “الرسالة من الأثيوبيين تؤكّد أنّك إذا تحدثت عن حوار فأنت تساوي الطرفين، لكن الحكومة شرعية بينما المجموعة متمرّدة”.

وتابع الدبلوماسي بشرط ،عدم الكشف عن هويته، إن الهدف الذي طرحته إثيوبيا يكمن في سحق جبهة تحرير شعب تيغراي، و”إذا قلت إنني سأسحقك، فهل يوجد مجال لأي تفاوض؟”.

وقبل القتال، قالت جبهة تحرير شعب تيغراي إنها غير مهتمة بالتفاوض مع الحكومة الفيدرالية، وإنها سعت إلى إطلاق سراح القادة المحتجزين كشرط مسبق للمحادثات.

وقال مراقبون إنه يجب إجراء حوار شامل، ثم صدر بيان في وقت متأخر الخميس عن لجنة من الدبلوماسيين والخبراء العسكريين الأميركيين السابقين لصالح معهد الولايات المتحدة للسلام حذر من أنه لن يحقق الكثير “بينما يظل العديد من القادة السياسيين البارزين في البلاد في السجن”.

وأصبحت المنطقة التي لعب فيها آبي أحمد دور صانع سلام رفيع المستوى في خطر بعد تحذيرات من توسع نطاق المواجهة الداخلية لتشمل الدول المجاورة.

وتشمل هذه الدول المجاورة الصومال الذي بدأت القوات الإثيوبية الانسحاب منه للعودة إلى الوطن والسودان، الذي يواجه انتقاله السياسي الضخم، فيما لم تظهر إريتريا المجاورة سوى القليل من علامات الانفتاح على إثيوبيا ولم تتوافق حكومتها مع تيغراي.

ويحذر المراقبون من أن الصراع قد يجذب هذه البلدان ومعها واحدة من أكثر المواقع العسكرية الاستراتيجية في أفريقيا، حيث تمتلك العديد من القوى العالمية بما في ذلك الولايات المتحدة والصين قواعدها العسكرية الوحيدة في القارة في جيبوتي.

كما أثارت إثيوبيا بالفعل مخاوف بشأن نزاع مع مصر بشأن سد ضخم تقترب من الانتهاء منه على النيل الأزرق.

وقال الدبلوماسي الأميركي السابق بايتون كنوبف، وهو مستشار برنامج أفريقيا في معهد السلام الأفريقي “أعتقد أن مصر ستبقى جهة فاعلة ومسؤولة بدرجة كافية لإدراك خطر تجزئة أثيوبيا على أمنها الإقليمي”.

5