#الحدود_تحميها_الزنود.. الإفصاح العسكري كدعاية سياسية في الأردن

بيان عسكري أردني على لسان مدير الإعلام العسكري بخصوص حرب المخدرات على الحدود السورية، جديد تماماً في سياق الإفصاح العسكري، ما عده معلقون “دعاية سياسية” خاصة أنه نجح في شد اهتمام الرأي العام وحول وجهته نحو قضية جديدة.
عمان - يتصدر هاشتاغ #الحدود_تحميها_الزنود منذ يومين الترند الأردني على مواقع التواصل الاجتماعي بعد بيان الإعلام العسكري الأردني حول ”حرب المخدرات السورية” الذي شغل الإعلام والناس.
وبدا أن الإعلام العسكري الذي يعتبر نوعًا من أنواع الصحافة المتخصصة، والتي تهتم بالجانب العسكري، لديه القدرة على التأثير في الرأي العام وحشده على خلاف الإعلام الأردني الرسمي الذي يشهد قطيعة من الأردنيين وعدم ثقة في روايته.
ولا يكف المسؤولون الأردنيون عن الحديث عن أهمية قطاع الإعلام في الدفاع عن مختلف مصالح الدولة العليا، دون جدوى إذ أن الإعلام الأردني يعاني منذ سنوات أزمات مركبة لم تحرك السلطات تجاهها ساكنا، أبرزها الأزمة المالية، كما يعاني التضييق والقمع.
واعتبر مراقبون أن بيان الإعلام العسكري “إفصاح إعلامي غير مسبوق عن تفاصيل المواجهة مع الميليشيات على الحدود”، إذ للمرة الأولى على الإطلاق، وجه الأردن اتهامات رسمية ومباشرة إلى إيران وميليشياتها في سوريا بالمسؤولية عن تهريب المخدرات.
ورغم أن الأردن عسكرياً وأمنياً وسياسياً في حالة تحذير طارئة على أساس احتمالات التصعيد على الحدود، فقد ذهب بعض المحللين إلى القول إن الإفصاح الإعلامي غير المسبوق “دعاية إعلامية” في إطار استحقاقات سياسية موجهة للداخل في ظل تبعات قضية الفتنة بين العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وأخيه الأمير حمزة إذ اعتبروها محاولة لصرف أنظار الأردنيين على القضية نحو أخرى لا تقل أهمية.
يذكر أنه في فبراير الماضي أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية، إطلاق مسمى جديد لمديرية التوجيه المعنوي، لتصبح “مديرية الإعلام العسكري”، وذلك بتوجيه من رئيس هيئة الأركان المشتركة اللواء الركن يوسف أحمد الحنيطي، “ترجمةً للرؤى الملكية السامية المتعلقة بأهمية الإعلام ودوره الرئيسي في التنمية والتطوير وحماية المصالح الوطنية وتعزيزا لقيم الولاء والانتماء الأردني”.
محللون قالوا إن الإفصاح الإعلامي غير المسبوق دعاية إعلامية موجهة للداخل في ظل تبعات قضية الفتنة
يشار إلى أن المديرية تأسست في عام 1968 بالمسمى السابق “مديرية التوجيه المعنوي” وقد تجاوزت نصف قرن في عمرها، ومرّت بالعديد من مراحل التحديث والتطوير في مجال الإعلام العسكري إلى أن أصبحت بتنظيمها الحالي الذي يواكب التطور والتحديث في الإعلام.
وتعدّ “مديرية الإعلام العسكري” الجهة الرسمية الناطقة باسم “القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي”، وتعنى بتغطية ونشر الأخبار والنشاطات العسكرية والمسؤولة عن إدامة التواصل مع مختلف وسائل الإعلام المحلية، إضافة إلى إظهار الأدوار التنموية التي تقوم بها القوات المسلحة وتعزيز القيم المثلى في المجتمع الأردني، بالتنسيق مع الوزارات والمؤسسات الحكومية المختلفة.
وأضاف بيان “يأتي الاهتمام بالإعلام العسكري نابعا من اهتمام القائد الأعلى للقوات المسلحة الملك عبدالله الثاني بالعمل الإعلامي ورغبته بأن يكون رائدا في المنطقة، قائما على المهنية والتميز والإبداع وسلاحا قويا في نقل المعلومة بكل موضوعية ومنتهى الدقة”.
وتزامنت أجواء التحشيد داخليا مع زيارة مهمة قام بها الملك عبدالله الثاني إلى قيادة الجيش لإظهار الدعم، بعد ساعات من الإعلان عن مقتل مهربين مدعومين من إيران على الحدود الأردنية السورية. وأطلق العاهل الأردني في ديسمبر عام 2004 مصطلح “الهلال الشيعي”، عبّر فيه عن تخوفه من وصول حكومات موالية لإيران في دول عربية، تتعاون مع إيران لإنشاء هلال يكون تحت نفوذ الشيعة.
وضمن هاشتاغ #الحدود_تحميها_الزنود، تغنى آلاف الأردنيين على تويتر ببطولات قواتهم المسلحة وتناقلوا بكثافة صوراً ومقاطع فيديو لوحدات تقوم بدوريات الحراسة على واجهة الحدود مع سوريا.
وكانت التغريدات المشيدة بالجيش اقترنت في معظمها بأخرى تتغنى بالملك عبدالله الثاني بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة.
بالنسبة إلى دولة ملكية يجب أن تقيس باستمرار درجة حرارة الرأي العام، الذي غالبا ما يكون مضطربا. وكتب مغرد:
وأضاف آخر:
ويحاول الملك عبد الله الثاني استعادة شعبيته التي خصمت منها نقاط لفائدة أخيه الأمير حمزة، إذ فاز الأخ غير الشقيق لملك الأردن بقلوب وعقول العديد من مواطنيه في السنوات الأخيرة. وقد أدى تورطه في “محاولة غامضة للغاية لزعزعة استقرار المملكة الصغيرة” إلى زيادة شعبية الأمير الشاب في بلاده، بينما كشف عنه للعالم كله.
وبات “انتقاد” الملك عبدالله الثاني، أمرا غير مستغرب على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أصبح الأردنيون أكثر جرأة في التعبير عن مواقفهم وردود أفعالهم، حيث يتبادلون المعلومات والصور ومقاطع الفيديو والمواقف ووجهات النظر دون الاعتراف بقيود السلطة ولا بروايتها. وأصبحت مواقع التواصل التي يستخدمها أكثر من 6 ملايين أردني سلطة رقابية حقيقية على أرض الواقع؛ تصنع الرأي العام وتؤثر في سياسات الحكومة الأردنية.
وتمتلك الحكومة الأردنية، بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، معظم وسائل الإعلام داخل حدودها.
ويؤكد مراقبون للشأن الإعلامي الأردني ضعف قدرة الإعلام الرسمي على التأثير في الرأي العام الأردني، ويقولون إن “التقصير الحكومي سبب رئيسي في ضعف الإعلام؛ بما لا يمكّنه من أن يؤدي الدور المنوط به، لاسيما في ظل ما يجري داخل الأردن، وما يحيط به من أحداث خطيرة”، إذ أهملت الحكومة الإعلام الرسمي إلى درجة عدم الاكتراث، في حين أن الظروف الصعبة التي يمر بها الأردن تحتاج إعلاماً يقود ويوجه، وإليه يتوجه الناس.