الحجز على بعض أصول مصرف لبناني في منازعة مع مودع أجنبي

بيروت – أمر قاضٍ لبناني بحجز احتياطي على بعض الأصول العقارية لمصرف “سوسيتيه جنرال” في لبنان ورئيسه التنفيذي واثنين من أعضاء مجلس الإدارة في قضية رفعها رجل أعمال أردني يسعى إلى استعادة ودائع بالملايين من الدولارات.
وهذه أول خطوة من نوعها في القضايا التي يرفعها زبائن ضد مصارف لبنانية للحصول على ودائعهم الدولارية المجمّدة بموجب قيود غير رسمية على رأس المال. وتمنع القيود، التي فرضتها المصارف في أواخر 2019، أيضا إلى حد كبير الزبائن من عمل تحويلات للخارج.
والقضية المرتبطة بمصرف “سوسيتيه جنرال” في لبنان قد تدفع آخرين إلى اتخاذ خطوات مماثلة تستهدف أصول أعضاء مجالس إدارات المصارف اللبنانية، غير أن خبيرا قانونيا قال إن هناك حاجة بالفعل إلى تشريع لإضفاء الطابع الرسمي على قيود رأس المال ووضع معايير لها.
وقال المحامي نزار صاغية، المدير التنفيذي لمجموعة “المفكرة القانونية” للأبحاث والمناصرة غير الهادفة للربح ومقرها بيروت، “لا يمكن حل هذه الأزمة على المستوى الفردي وهناك حاجة إلى تسوية لجميع المودعين.. هناك الكثير من عدم القدرة على التنبؤ ولا توجد شفافية”.
وصرّح رئيس دائرة تنفيذ بيروت القاضي فيصل المكي في وثيقة بتاريخ الرابع من نوفمبر، اطلعت عليها رويترز، أنه بناء على طلب من طلال أبوغزالة، تقرر الترخيص بالحجز الاحتياطي ضمانا لدين طالب الحجز البالغ 1.035 مليون دولار لدى مصرف سوسيتيه جنرال في لبنان، والذي اعتبره القاضي محتملا.
وصدرت الوثيقة، وهي ليست علنية، عن دائرة بوزارة العدل مختصة بتنفيذ الأحكام القضائية، وكانت صحيفة الأخبار اللبنانية هي أول من نشرت عنها.
وقال مصرف سوسيتيه جنرال في لبنان، إنه أودع لدى دائرة التنفيذ في بيروت شيكا مصرفيا ضمانة لكامل المبلغ المقدر بغية رفع الحجز الاحتياطي، في حين سيقوم المصرف بالاعتراض على القرار.
وأوضح في بيان أنه “بصدد الاعتراض أصولا على هذا القرار توصلا للرجوع عنه، وذلك لوروده في غير محله الواقعي والقانوني على حد سواء”، مضيفا أن “المبلغ الاحتمالي” البالغ 1.035 مليون دولار يمثل الفوائد المترتبة على وديعته.
النظام المالي اللبناني انهار تحت وطأة أحد أكبر أعباء الدين العام في العالم. وفقدت الليرة اللبنانية حوالي 80 في المئة من قيمتها منذ أكتوبر 2019
وأضاف المصرف أنه “أوفى بالتزاماته القانونية والتعاقدية كافة تجاه الزبون المعني بحيث وضع تحت تصرفه كامل المبالغ المطالب بها قضائيا”.
وقال مصدر قضائي إن المصرف أصدر لأبوغزالة شيكا مصرفيا بودائعه البالغة 23 مليون دولار لكن رجل الأعمال الأردني رفض قبول الشيك غير القابل للتحويل إلى الخارج بسبب الأزمة المالية.
وأوضح المصدر أن المصرف أغلق بعد ذلك حساب أبوغزالة. وقال مصدران قضائيان إن بعض المصارف تصدر شيكات مصرفية للمودعين الذين يتخذون إجراءات قانونية في مثل تلك الحالات ثم تغلق حساباتهم. وقال مصدر مصرفي إن أبوغزالة يطالب بالفاقد في الفوائد منذ إصدار المصرف الشيك المصرفي بقيمة ودائعه.
وامتنع أبوغزالة عن التعقيب على القضية، فيما تحفّظ المصرف عن الرد على التعليق بشأن وضع ودائع رجل الأعمال الأردني أو تأكيد ما إذا كان قد أصدر له شيكا مصرفيا مقابل حيازاته لدى المصرف، عازيا ذلك إلى اعتبارات السرية المصرفية.
وامتنع القاضي مكي عن التعقيب على القضية التي ما زالت قائمة. وفي وقت سابق هذا العام، دعا حاكم المصرف المركزي رياض سلامة إلى وضع معايير للقيود على رؤوس الأموال حتى تتسنى معاملة المودعين بمساواة وشفافية.
وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب إن الحكومة ستقدم مشروع قانون لوضع معايير للقيود، لكن ذلك لم يحدث بعد، إذ تعصف بالبلاد سلسلة من الأزمات، منها انفجار هائل بمرفأ بيروت في الرابع من أغسطس الماضي وبطء التقدم على صعيد تشكيل حكومة جديدة.
وانهار النظام المالي اللبناني تحت وطأة أحد أكبر أعباء الدين العام في العالم. وفقدت الليرة اللبنانية حوالي 80 في المئة من قيمتها منذ أكتوبر 2019.
وكانت المصارف المحلية لسنوات تجذب المدخرين من لبنان والخارج بأسعار فائدة مرتفعة وتحول الودائع إلى الدولة التي تعثرت في سداد دينها بالعملة الأجنبية في مارس الماضي. والغالبية العظمى من الدين السيادي للمصارف اللبنانية.
وطفت الضغوط المالية على السطح في العام الماضي بعد أن تباطأت تدفقات رؤوس الأموال واندلعت احتجاجات بسبب الأزمة المالية ضد النخب الحاكمة. والأزمة الاقتصادية التي تعود جذورها إلى عقود من الفساد والهدر هي الأسوأ في لبنان منذ حربه الأهلية بين 1975 و1990.