الحجر يعيد الأطباق التقليدية إلى المطابخ المغربية

عزّز بقاء المغاربة في منازلهم للوقاية من فايروس كورونا ارتباطهم بتقاليد الأسلاف في استقبال شهر رمضان، حيث غابت روائح الأطباق التقليدية من الأسواق وفاحت من جنبات المنازل المغلقة.
الرباط – أعاد الحجر الصحي الذي فرضته الإجراءات الاحترازية للحد من انتشار فايروس كورونا المستجد، إلى موائد المغاربة أطباقا تقليدية وأحيا عادات وطقوس الجدات في استقبال شهر رمضان من جديد.
وألقى كورونا هذا العام بظلاله على عادات واستعدادات المغاربة لاستقبال شهر رمضان الذي وافق أول أيامه السبت، حيث بدت العديد من الأسواق خاوية وغابت الأنشطة والعادات التي كانت تعرفها البلاد وتغيرت سلوكات المواطنين بسبب بقاء الأسر في منازلها.
وطبعت مشاهد الشوارع الفارغة والمحلات والمقاهي المقفلة كافة مدن المملكة، فالناس الذين اعتادوا ارتياد الأسواق والمحلات التجارية بكثافة، خففوا من تحركاتهم هذه السنة، وحوّلوا كل النشاطات الرمضانية إلى البيوت.
وغابت روائح ونكهات الأطباق المختلفة والحلويات المغربية المتنوعة التي كانت تظهر في كل ركن من شوارع المدن المغربية، خاصة في المدن العتيقة، وفاحت من جنبات المنازل المغلقة.
وبدأت النساء في المغرب مع حلول الشهر الفضيل في استثمار الحجر الصحي بالتحضير بشكل مبكر عن المعتاد لكل الأطباق والحلويات المغربية التي لا تخلو مائدة إفطار أو سحور رمضان منها.
ووفقا لوكالة الأنباء المغربية، أكدت فاطمة، وهي موظفة تعمل عن بعد في إطار الحجر الصحي، أن “شهر رمضان مقدس لدى المغاربة، وبالرغم من انتشار فايروس كورونا، حافظ المجتمع المغربي على عاداته في استقبال الشهر الكريم”.
وتابعت أنها أضافت أصنافا جديدة إلى قائمة الأصناف التي تعودت على تقديمها خلال شهر رمضان بفضل استفادتها من البقاء في البيت، قائلة “قمت هذه السنة بتحضير أكلة (الزميطة) التي أعشقها وكنت دائما أقتنيها من الأسواق.. لقد كانت جدتي وأمي تحضرانها دائما في المنزل، وبسبب ظروف الحجر الصحي صار لدي الوقت الكافي لتحضيرها في البيت”.
وشهر رمضان في المغرب هو مناسبة للسيدات لإعداد أشهى أنواع الأطعمة سواء لمائدة الإفطار أو السحور، وكثيرا ما يشتكين من انشغالهن بالعمل مما يجعلهن يقبلن على شراء بعض الأطباق التقليدية كحلوى “الشباكية” بدل إعدادها في المنزل.
وأكدت العديد من السيدات المغربيات أنهن لم يقتنين أي شيء جاهز من السوق هذه السنة، بل يحرصن على أن يكون كل ما يقدمنه صناعة منزلية مئة بالمئة، مشددات على أن للظرفية الصعبة جانب إيجابي يتجلى في التلاحم الأسري.
وقال محسن بنزاكور، المتخصص في علم النفس الاجتماعي، إن للمغاربة عادات وتقاليد خاصة تصاحب عادة حلول الشهر الفضيل، وهم حريصون عليها وعلى ممارستها حتى في ظروف استثنائية كالتي يعيشها العالم بصفة عامة أو المغرب على وجه الخصوص، مؤكدا أنه حتى في ظل هذه الظرفية الصعبة “لن يستغني المغاربة عن عاداتهم وتقاليدهم وممارسة طقوسهم”.
وأشار بنزاكور إلى أن الحد من هذه العادات والتقاليد وممارسة الطقوس والشعائر الدينية خلال الشهر الكريم كان له تأثير نفسي كبير على المغاربة وتم لمس هذا الأثر النفسي من خلال التفاعلات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تعبر عما يخالجهم من أحاسيس ومشاعر في عيش هذه الظرفية الاستثنائية.
كما استبدل المغاربة عادات تبادل الزيارات والهدايا بين العائلات والجيران وقضاء السهرات الرمضانية خارج المنازل، بمشاركة كل ما يتم تحضيره وتزيين الموائد به عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي مكّنت من تقاسم اللحظات الجميلة والتخفيف من وطأة العزل.