الحجاب في التلفزيون اللبناني.. حرية شخصية أم رمز ديني يلغي الحيادية

ضجة واسعة حول منع مذيعة محجبة من تقديم برنامج.
السبت 2024/03/02
مؤسسة محايدة دينيا

تداولت صفحات دينية ومستخدمون لمواقع التواصل تصريحات الإعلامية ندى الحوت بشأن منعها من الظهور في برنامجها على التلفزيون اللبناني، وسط جدل حول أسباب القرار ومدى صحته، بينما حشد أنصار حزب الله لاستغلال الحادثة وتصدير موقف المدافع عن الحريات.

بيروت - أثارت الإعلامية اللبنانية ندى الحوت التي تعمل في تلفزيون لبنان الرسمي جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي حول الحجاب، بعدما اتهمت إدارة التلفزيون بمنعها من الظهور على شاشة التلفزيون بعد ارتدائها الحجاب، ليتدخل رجال الدين والموالين لحزب الله اللبناني لاستغلال الحادثة ومهاجمة التلفزيون بحجة “مصادرة الحريات”، فيما أكد التلفزيون أنه يمنع ظهور كافة الرموز الدينية التزاما بالحيادية.

وقالت ندى الحوت إنها كانت تقدم برنامج “اقتصادنا مع ندى الحوت” على شاشة تلفزيون لبنان الذي تستضيف فيه محللين اقتصاديين وتجري تحقيقات حول مواضيع اقتصادية مختلفة.

وأضافت في مقابلة خاصة مع “وكالة أنباء تركيا”، “بعد أن أكرمني الله بارتداء الحجاب، طلبت إدارة تلفزيون لبنان مني إجراء المقابلات مع الضيوف خارج الأستوديو بدلاً من داخله، بحجة أن هذا عرف يمنع ظهور المذيعة بالشعائر الدينية”. وأكدت أنها لم تجد أيّ قانون يمنع ظهور المحجبة على شاشة التلفزيون، مشيرة إلى أنها تعرضت لحملة من التهميش بعد ارتدائها الحجاب.

وتداولت صفحات دين ومستخدمون لمواقع التواصل تصريحات الحوت التي قالت فيها “تم استبدالي بشخص آخر يقوم بتقديم التقارير التي أعدها مع الضيوف خارج الأستوديو، لتحقيق شرط عدم ظهوري محجبة، كما تم تغيير عنوان البرنامج من ‘اقتصادنا مع ندى الحوت’ إلى ‘اقتصادنا’ فقط، ووضع ‘إعداد وإشراف’ بدلاً من ‘إعداد وتقديم’، وهنا تحولت مهنتي كإعلامية إلى معدة برامج لا مقدمة برنامج”.

وأشارت الحوت إلى أنها تحضر حاليا إلى عملها (في مقر تلفزيون لبنان في بيروت) لتطبيق ساعات العمل فقط، معتبرة ما يحدث ضدها بأنه نوع من التدمير والتهميش لإعلامية قامت بتقديم نشرات الأخبار في حرب يوليو 2006، وغيرها من الأزمات التي عصفت في لبنان، كما قالت.

تفاعل واسع لموالين لحزب الله لاستغلال الحادثة وإدانة قرار التلفزيون معتبرين أنه انحياز ضد من ترتدي الحجاب

وتساءلت “هل تتم مكافأتي بهذا الأسلوب؟ لبنان بلد الانفتاح على الثقافات المتعددة، فهل أصبح حجابي عائقًا أمام ممارستي لمهنتي الصحفية والإعلامية!”. وأكدت أن قرار المنع من الظهور على الشاشة كان شفهيًا ولا يوجد أيّ قانون يمنعها من ممارسة مهنتها، وتابعت “قضيتي أصبحت رأيًا عامًا في لبنان وتناولتها خطب الجمعة في بعض المساجد”.

وذكرت مصادر مطلعة، أن النظام الداخلي في التلفزيون يمنع ظهور جميع الشعائر الدينية للموظفين فيه ويلتزم بالحيادية الدينية، مشددة على أن “ما ينطبق على المحجبات، ينطبق أيضاً على المذيعين الذين يضعون الصليب مثلاً، أو أي مظهر آخر من المظاهر الدينية”. وترتبط بنود هذا النظام بصورة المؤسسة الرسمية التي يُفترض أن تكون محايدة دينياً.

وتابعت المصادر أن جميع الموظفين “يعرفون هذا النظام ويلتزمون به، وبالتالي فإن ذلك لا يمثل إقصاء لأحد ولا اضطهاداً دينياً لأيّ موظف لأن الجميع، بمن فيهم الحوت التي ارتدت الحجاب أخيراً، يعرفون هذا النظام مسبقاً”.

وأشارت إلى أن هذا الموضوع “تم تطبيقه في السابق على موظفين آخرين، وبينهم مقدمو نشرات أخبار، وأبلغوا سابقاً أن النظام الداخلي يمنع ظهور الشعائر الدينية على الشاشة، وبالتالي عليهم معرفة هذا الأمر بشكل مسبق”.

لكن الحادثة أثارت حالة واسعة من الجدل، مع تدخل هيئات ورجال دين لإدانة تصرف التلفزيون، واعتبروها انحيازا ومؤامرة ضد من ترتدي الحجاب، خصوصا مع تفاعل واسع لحسابات عديدة محسوبة على حزب الله الذي تلتزم المذيعات في تلفزيونه “قناة المنار” بالحجاب. وقالت صحافية:

وكتب ناشط:

كما وصل الأمر إلى تناول الواقعة في خطبة الجمعة لأحد رجال الدين وتم تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، وجاء في تعليق:

وقال آخر:

وجاء في تعليق:

من جهتها، استنكرت هيئة علماء المسلمين في لبنان، منع الإعلامية من الظهور على شاشة التلفزيون، مشددة على أن “التعرض للحجاب خط أحمر في لبنان”.

وجاء في بيان للهيئة “فوجئنا بخبر صادم من تلفزيون لبنان بمنع الإعلامية الأستاذة ندى الحوت من الظهور على شاشة التلفزيون والاستمرار في برنامجها الاقتصادي الذي اعتاد الناس على مشاهدته لأنها قررت الالتزام بفريضة الحجاب طاعة لله عز وجل”. وتابع “إن هذا الإجراء التعسفي يتناقض مع أبسط قواعد احترام الحريات العامة وخاصة حرية التدين وممارسة الشعائر الدينية”. ودعا نشطاء لضرورة التركيز على الخبرات بدل المظهر، وتشجيع المسلمات على التمسك بهويتهن بدل الانسلاخ والتبعية للغرب.

وإثر الضجة التي أثيرت حول الموضوع، ذكرت تقارير إخبارية محلية أنه تم التوجه إلى وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد مكاري، لتوضيح رأيه وسؤاله عما إذا كان هناك قانون في لبنان يمنع ظهور المحجبة على شاشة التلفزيون؟ وماذا عن اتهامات الحوت لإدارة تلفزيون لبنان وسوء معاملتها؟ وقال الوزير مكاري “الموضوع له علاقة بأدائها الوظيفي وليس بالحجاب”، مؤكداً أنه سيوضح تفاصيل القضية لاحقاً.

وزعمت بعض المواقع أن الحوت كانت قد أعلنت وقف برنامجها، على الهواء قبل ارتدائها الحجاب، لتعلن انتقالها إلى غرفة الأخبار مما يدحض روايتها.

5