الحب يعلّم الحمير الرقص
"الحب يعلم الحمير الرقص" يقول المثل الفرنسي، وأنا لا أملُّ من رؤية مشهد الممثل الأميركي آل باتشينو وهو يرقص أعمى في فيلم عطر امرأة.
قوة الحب سحرته ودفعته إلى أن يقدم مشهدا آسراً لا يُنسى. كانت الشابة مبهورة بأدائه في ما كان منهمكا في استحضار خيال امرأة أحبها يوما ما.
ليست هناك قوة في إمكانها أن تحول بين المرء والحب إلا إذا كان مصابا بالكراهية وهي من أكثر أمراض الشر فتكا. وكما يقول المثل “الحب يصنع المعجزات”، فإن الحب أعمى مثل آل باتشينو في الفيلم.
و”في الدنيا مفيش أبداً أبداً أحلى من الحب/ نتعب نغلب نشتكي منو لكن بنحب” كما تقول أم كلثوم.
ويمزج فريد الأطرش بين الطبيعة والعاطفة فيقول “يا أحلى أحلى شي في الكون يا روح الروح يا نور يا عبير/ عيونك أحلى خطين لولي/ وصوتك وشوشة عصافير” ومنذ القدم عرف العرب أن الحب يهلك.
ليس قيس بن الملوح الذي أصابه الجنون إلا واحد من ضحايا الحب.
قبله قال امرؤ القيس وهو من أقدم الشعراء العرب “أغرك مني أن حبك قاتلي/ وأنك مهما تأمري القلبُ يفعل” ومن بين عشرات القتلى حبا من أبناء قبيلة عذرة نذكر جميل بثينة “خليلي في ما عشتما هل رأيتما/ قتيلا بكى من حب قاتله قبلي” رقص آل باتشينو ذات مرة من أجل الحب ولكن لـ”ديك الجن” حكاية أفضّل أن أرويها في الختام.
صوت وردة الجزائرية يمزج الخيال بالواقع حين يقول “لولا الملامة يا هوى لولا الملامة/ لأفرش جناحي على الهوا زي الحمامة” لا أحد يتعب من الحب.
وكان من الممكن أن يختم عبدالحليم حافظ حياته بأغنية لم تسمح له ظروفه الصحية بأدائها على المسرح يقول فيها “مفيش مفيش/ الحب أحلى من حلاوتو مفيش/ وعن حلاوة نارو متقليش/ الحب هو روحي هو حياتي وهو لولا الحب حد يعيش” وهو الذي غنى في شبابه “بتلموني ليه/ لو شفتم عينيه/ حلوين قد إيه/ حتقولو إنشغالي/ وسهد الليالي/ مش كثير عليه”.
والآن أعود إلى حكاية الشاعر الحمصي “ديك الجن” وهو القائل “يا كثير الدل والغنج/ لك سلطان على المهج/ إن بيتا أنت ساكنه/ ليس محتاجا إلى السرج” يقول الشاعر العباسي في رثاء زوجته التي قتلها بيديه “فوحق نعليها وما وطئ الثرى/ شيء أعز عليّ من نعليها/ ما كان قتليها لأني لم أكن/ أبكي إذا سقط الغبار عليها” أليس من حق فيروز أن تقول “حبيتك في الصيف/ حبيتك في الشتا”.
