الحبة البيضاء تتسبب في ثورة عين توران

بيروت - تدور أحداث الرواية الجديدة الرابعة للكاتبة اللبنانية جنى فواز الحسن تحت عنوان “أسوار عين توران” في بلدة نائية تقع في إحدى بقاع هذا العالم، يعيش سكانها مخاوف وهواجس مرتبطة بحلول لعنة غامضة الأسباب على قريتهم في الماضي. وحدها “الحبة البيضاء” التي يتناولونها بانتظام وبتوصيات من القائمين على البلدة (الطبيب والآغا) تهدئ من روعهم وتمدهم بالقوة والقدرة على التحلي بالصبر والعيش بثبات.
وتبدو “عين توران” مختلفة عن أي مكان آخر، فكل ما فيها منتظم بشكل دقيق، ساعات النوم وجداول الطعام الأسبوعية، وحتى أنواع السيارات المسموح بها هناك. ومع كل هذه القوانين، هناك خطة لبناء سور يمتد على طول حدود البلدة لحمايتها من الحسّاد والطامعين.
وتسير الأمور على ما يرام في البلدة حتى يخرج صوت معترض، شاب يرفض تناول “الحبة” كسائر السكان، مشككا بالثوابت في “عين توران”. تبدأ الرواية بمحاولات حثيثة لإخراس ذلك الصوت وإجباره على تناول “الحبة” من قِبل الجميع، بمن في ذلك زوجته ووالداه وأقرباؤه، لكنه يبقى صامدا في وجه الضغوطات، مقررا في نهاية المطاف أن يقود ثورة ضد الطبيب والآغا.
وتكشف الرواية أن الطبيب حصل على هذا اللقب لكونه يمد أهالي البلدة بمخزونهم من “الحبة البيضاء”، وهو شخص مهووس بالسيطرة على النفس البشرية، له وجهات نظر فلسفية اتخذ من البلدة حقل تجارب لها، بينما يبدو الآغا زعيما مهووسا بالسلطة والمال. وحين يبدأ هيثم بثورته، تنكشف الكثير من الخبايا حول “عين توران” ومن ضمنها وجود ذهب غير مكتشف تحت حدودها، وحكاية بائعة الحليب التي تخفي وراءها الكثير.
يتحول المكان الصغير الذي لم يسمع به أحد إلى مركز للأحداث، ليتصدر نشرات الأخبار العالمية، وتدور حوله الصراعات المرتبطة بـ”ثورة” البطل. وتطرح التساؤلات هنا: هل يكون مصير البلدة التغيير أم الهلاك؟ وهل ينجح البطل في مقاومة تأثير “الحبة”، أم أنه سيتحول مع مرور الأحداث إلى نسخة مما حارب ضده؟ وهل يمكن فعلا للإنسان أن يعيش “حرا” وأن يكون نفسه، أم إنه نتاج لكل ما يحيط به من أشخاص وأفكار؟
وبذلك، فإن رواية “أسوار عين توران”، الصادرة عن منشورات ضفاف ومنشورات الاختلاف وبطبعة مصرية عن “ديوان للنشر”، لا تتحدث فقط عن الأسوار التي تسيج لرسم حدود جغرافية، بل أيضا عن الأسوار التي يحيط بها الإنسان نفسه، ليصبح أسيرها في الكثير من الأوقات.