الجيش اللبناني يجهز الخرائط لترسيم الحدود البرية مع إسرائيل

بيروت - باشرت قيادة الجيش اللبناني تحضير ملفات الحدود البرية القديم منها والجديد مع التدقيق فيها كي تكون حاضرة عندما يأتي الوقت المناسب لانطلاق ورشة إعادة الترسيم البرية على الحدود الجنوبية مع إسرائيل.
وذكرت صحيفة "نداء الوطن" اللبنانية على موقعها الإلكتروني اليوم الأربعاء أن خرائط الحدود حاضرة أصلا، لكن قيادة الجيش تتحوط بالاستعداد لعرضها والدفاع عنها هندسيا ووفق اتفاق الهدنة والخط الأزرق.
ولفتت إلى أن ذلك يأتي غداة وصول كبير مستشاري البيت الأبيض لشؤون الطاقة عاموس هوكشتاين فجأة إلى إسرائيل، وهو الذي أنجز الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل، وأصبح هذا الترسيم منطلقاً لورشة تنقيب عن النفط والغاز في المنطقة البحرية التابعة للبلدين.
وبدت زيارة المسؤول الأميركي لإسرائيل -وفقا للصحيفة- مفاجئة في الشكل، لكنها في المضمون، منسجمة مع المعطيات حول اهتمام دولي لترسيم الحدود البرية على جانبي الحدود في الجنوب.
وقالت الصحيفة إنّ "مهمة هوكشتاين ترتبط تحديدا بتهدئة التوتر الذي تصاعد أخيراً على الحدود الجنوبية، وانطلاقاً من موقعه على مستوى ملف الطاقة في الإدارة الأميركية يسعى لاحتواء التوتر لئلا يؤثر في التحضيرات الجارية لإطلاق عملية التنقيب في البلوك البحري الرقم 9 التابع للبنان في سبتمبر المقبل.
وأفادت القناة "12" العبرية الثلاثاء بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أجرى لقاء مع المبعوث الخاص للرئيس الأميركي جو بايدن، الذي وصل إلى تل أبيب في زيارة سريّة للبحث في قضية خيام "حزب الله" وتطبيع العلاقات مع السعودية.
وأشارت القناة إلى أنّ جدول أعمال هوكشتاين، تضمّن البحث في "جهود الوساطة الأميركية لتهدئة الوضع والتوترات مع 'حزب الله' عند الحدود".
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن هوكشتاين التقى نتنياهو، وكذلك مستشار الأمن القومي الاسرائيلي تساحي هنغابي وكذلك مستشار الأمن القومي الاسرائيلي تساحي هنغابي، مشيرة إلى زيارة هوكشتاين لإسرائيل في سرية مطلقة، وتقرر إجراؤها في اللحظة الأخيرة، ورافقه فيها السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة مايك هرتسوغ.
ولفتت الصحيفة إلى أن زيارة المسؤول الأميركي جاءت على خلفية وجود خيام "حزب الله" على "الأراضي الإسرائيلية منذ أكثر من شهرين، الأمر الذي زاد حدة التوتر. ويعمل الأميركيون خلف الكواليس من أجل التهدئة التي يعتقد أنها أدت إلى تفكيك الخيمة الأولى".
وأشارت "يديعوت أحرونوت" الى أنّ المؤسسة الأمنية الاسرائيلية "أعدّت خيارات عدة إذا فشلت الجهود الديبلوماسية لإخلاء الخيمتين، بما في ذلك المواجهة لإزالتهما".
وقال مسؤولون أمنيون كبار قبل نحو أسبوع "إن إسرائيل لن تقبل بالوجود الدائم للخيمتين، هو استفزاز وليس تهديداً أمنياً لإسرائيل، ولكن هناك خوف من التقدم الزاحف لـ"حزب الله" وفرض الحقائق على الأرض".
وفق أحد الدبلوماسيين المطلعين، فإنّ "الهدف الأصلي من زيارة هوكشتاين للمنطقة حسب التقارير الدبلوماسية هو مناقشة أمور تتعلق بالمصالح الاقتصادية بين لبنان وإسرائيل، والعلاقة بين كونسورسيوم الشركات الدولية، "توتال إينرجيز" الفرنسية و"إيني" ألإيطالية، و"قطر غاز" مع الدولتين".
فالكونسورسيوم (وتحديداً توتال) ستباشر الحفر في البلوك الغازي الرقم 9 العائد للبنان والذي يتضمن حقل قانا، بعد أقل من شهرين، لكن مهمته ستتوسع إلى مسألة الحدود البرية.
ونصّ اتفاق الترسيم البحري على أن تتولى "توتال" تعويض إسرائيل عن جزء من كمية الغاز في الجزء (قرابة الثلث) من حقل قانا، الذي يقع في المنطقة الاقتصادية الخالصة الإسرائيلية، والذي بات تحت السيادة اللبنانية.
كما نصّ على دور الولايات المتحدة في معالجة أي تفاصيل تتسبب بتباين بين الدولتين. وورد ذلك في ثلاث حالات، في شكل أعطى لواشنطن صفة الراعي لتنفيذ الاتفاق.
ووفق الدبلوماسي فإن "البت في مسألتي الغجر والخيمتين سيقحم النقاش في تفاصيل توجب العودة إلى الخرائط وتاريخ الخطوات من الجانبين، فضلاً عن أنه سيعيد النقاش الممل حول ملكية مزارع شبعا، هي لبنانية أم سورية. وإذا كانت مشتركة ما هي المساحة العائدة لكل منهما".
وأعلن لبنان، الثلاثاء، تقديمه شكوى لدى الأمم المتحدة ضد إسرائيل على خلفية "تكريس" احتلالها الجزء اللبناني من بلدة "الغجر" الحدودية، وذلك في بيان صادر عن الخارجية اللبنانية، بعد أيام من إنشاء الجيش الإسرائيلي سياجًا شائكًا حول المنطقة، ما وصفه لبنان بأنه "خرق خطير ومحاولة ضم القرية" لإسرائيل.
وأعزت وزارة الخارجية –وفق البيان- بتقديم شكوى إلى الأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيريش) ومجلس الأمن الدولي، حول تكريس الجانب الإسرائيلي احتلاله الكامل واستكمال ضمّ الجزء الشمالي اللبناني لبلدة الغجر، ما يشكل خرقًا فاضحًا وخطيرًا".
وطالبت الوزارة بـ "الانسحاب الفوري وغير المشروط من كافة الأراضي اللبنانية المحتلة، وإدانة هذا الخرق المتعمد للسيادة اللبنانية (..) الذي يضاف إلى الخروقات الإسرائيلية اليومية والمستمرة للقرار 1701".
وفي أغسطس 2006، أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 1701 الذي أوقف 33 يومًا من المعارك بين القوات الإسرائيلية و"حزب الله" فيما عرف بـ"حرب تموز" الإسرائيلية على لبنان، ونصّ على نشر 15 ألف جندي لقوات حفظ السلام الدولية (يونيفيل) على الحدود المشتركة.
وتحظى بلدة الغجر بموقع جغرافي مهم، حيث تقع عند نقطة الالتقاء الحدودية الثلاثية بين لبنان وسوريا وفلسطين، واحتلتها إسرائيل عام 1967، واعتبرتها ضمن الجولان المحتل، إلا أن سكانها استغلّوا غياب الحكومة اللبنانية وفترة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان وتوسعوا باتجاه الأراضي اللبنانية، بحيث أصبح ثلثا المنازل داخل الحدود اللبنانية.
وانسحبت إسرائيل من جنوب لبنان عام 2000 بعد أكثر من عقدين على احتلاله، إلا أنها لا تزال تحتل مساحة صغيرة من أراضيه، هي مزارع شبعا وتلال كفر شوبا وجزء من بلدة الغجر.
يأتي ذلك في وقتٍ تتواصل الاتصالات الدبلوماسية الخارجية لمعالجة التوتر القائم في الجنوب بين إسرائيل، ربطا بإجراءاتها الأخيرة في القسم الشمالي اللبناني من بلدة الغجر، و"حزب الله"، الذي بدوره، يتمسّك بالإبقاء على الخيمتين اللتين أنشأهما في خراج بلدة كفرشوبا، والتي تعتبر إسرائيل أنهما ضمن أراضيه.
وجال الاثنين قائد القوات الدولية العاملة بالجنوب، الجنرال أرولدو لازارو، على مسؤولين لبنانيين لبحث التوترات الأمنية في الجنوب، ومحاولة إيجاد صيغة اتفاق تعيد التهدئة إلى الحدود اللبنانية الجنوبية مع فلسطين المحتلة.
وقال وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب إنه "جرى بحث الأوضاع الأمنية في الجنوب، ونقلوا إلينا مطلب الجانب الإسرائيلي بإزالة الخيمتين، فكان ردنا أننا نريدهم أن يتراجعوا من شمال الغجر التي تعتبر أرضاً لبنانية، ونحن من ناحيتنا سجلنا نحو 18 انتهاكاً إسرائيلياً للحدود".
بمناسبة الذكرى الـ17 لحرب يوليو 2006، قال رئيس البرلمان نبيه بري، الثلاثاء، إن "الخلاف والاختلاف السياسيين حول الكثير من القضايا والملفات والاستحقاقات على أهميتها والتي تستوجب ضرورة الإسراع والعمل على حلها بروح المسؤولية الوطنية الجامعة، لكنها بالتوازي يجب أن لا تحجب الرؤيا لدى جميع اللبنانيين على مختلف توجهاتهم وانتماءاتهم السياسية والروحية والحزبية حيال نوايا إسرائيل العدوانية المبيتة ضد لبنان انتهاكاً يومياً لسيادته جواً وبحراً، وهذه المرة انطلاقاً من ضم قوات الاحتلال الإسرائيلي الشطر اللبناني الشمالي من قرية الغجر، واستمرار احتلالها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا".
وأشار إلى أن "مقياس الانتماء الوطني والدفاع عن السيادة والاستقلال والهوية ليس وجهة نظر، فهو يبدأ من الجنوب في مواجهة عدوانية إسرائيل وأطماعها ثباتاً ووحدة وطنية لا تقبل التنازل أو التفريط بذرة تراب لبنانية من أعالي العرقوب إلى رأس الناقورة".
ويطلّ الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله اليوم الأربعاء، بمناسبة الذكرى السنوية لحرب تموز، إذ من المرتقب أن يتطرق في كلمته إلى أبرز المستجدات السياسية الداخلية والإقليمية، وإلى الأوضاع جنوباً، خصوصاً بعد استهداف إسرائيل، الخميس الماضي، مناطق مفتوحة حرجية تقع بين كفرشوبا وحلتا، بحوالي 15 قذيفة، رداً على صاروخ أطلق من الأراضي اللبنانية، علماً أن الجانب اللبناني لم يصدر بياناً رسمياً بهذا الشأن.