الجيش السوري يعزز حضوره في سد تشرين باتفاق مع قسد

دمشق - دخلت قوات الجيش السوري وقوى الأمن العام إلى سد تشرين بريف حلب الشرقي، لفرض الأمن والاستقرار في المنطقة، تنفيذًا للاتفاق المبرم بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية (قسد).
وأفادت وكالة أنباء "سانا" على حسابها الرسمي بمنصة إكس، بـ"بدء دخول قوات الجيش العربي السوري وقوى الأمن العام إلى سد تشرين بريف حلب الشرقي، لفرض الأمن والاستقرار بالمنطقة". وأوضحت أن ذلك يأتي "تنفيذا" للاتفاق المبرم مع قوات "قسد".
ويمثل دخول الجيش السوري إلى سد تشرين منعطفا هاما في مسار الأزمة السورية، وقد يكون مؤشرا على مرحلة جديدة تتسم بتغير في التحالفات والتوازنات، وإن كانت استدامة هذا التوافق وتأثيره على مستقبل شمال شرق سوريا يبقى مرهونا بتطور العلاقات المعقدة بين مختلف الأطراف المحلية والإقليمية والدولية.
وكانت الحكومة المركزية السورية قد توصلت خلال الشهر الماضي إلى اتفاق مع "قسد" التي تتمركز في مدينة حلب ومحيطها، وشمل الاتفاق وقفا لإطلاق النار ودمج القوة الرئيسية المدعومة من الولايات المتحدة في صفوف الجيش السوري.
وقد تم توقيع هذا الاتفاق من قبل الرئيس المؤقت أحمد الشرع ومظلوم عبدي، القائد العام لقوات "قسد" التي يقودها الأكراد وتدعمها الولايات المتحدة.
وقد سبق هذا التحرك مغادرة رتل لقوات "قسد" مدينة حلب قبل نحو أسبوعين متوجهًا نحو مناطق شرق الفرات، وذلك في أعقاب الاتفاق مع الحكومة السورية.
إلى ذلك، كشف موقع "تلفزيون سوريا" المقرب من السلطات نقلا عن مصدر مطلع على الأمر، عن انعقاد اجتماع ثلاثي في سد تشرين ضم وفدًا من الحكومة السورية وممثلين عن "قسد" والتحالف الدولي، لبحث آليات تثبيت الاتفاق الموقع سابقًا بشأن إدارة السد.
وأوضح المصدر أن النقاشات تركزت على تفاصيل تسليم الحكومة السورية إدارة سد تشرين بشكل كامل وسحب جميع التشكيلات العسكرية من محيطه، تمهيدًا لتحييده عن أي نشاط عسكري.
وبالتوازي مع إعلان "سانا" عن بدء دخول القوات السورية، أكد المصدر على أن الاتفاق ينص أيضا على تشكيل قوة أمنية مشتركة من الطرفين تتولى مهمة حماية السد وضمان استمرارية عمله كمنشأة مدنية حيوية خارج نطاق التوترات العسكرية.
ويُعد سد تشرين من أكبر السدود على نهر الفرات ويحظى بأهمية استراتيجية كبيرة لتوليد الكهرباء وتخزين المياه، مما يجعله نقطة محورية في أي تفاهمات ميدانية بين "قسد" والحكومة السورية.
وقد سبقت عملية دخول القوات السورية، دخول فرق فنية قبل أيام لمباشرة عمليات الصيانة والتأهيل في السد تمهيدًا لعودة خدماته وتوليد الكهرباء فيه. وذكرت "سانا" أن فرق الصيانة القادمة من منبج وسد "الفرات" باشرت أعمال إصلاح الأعطال الفنية بهدف إعادة تشغيل محطة التحويل بشكل "كامل وآمن".
وكان المصدر قد كشف في وقت سابق عن توصل "قسد" والحكومة السورية إلى اتفاق يقضي بتسليم إدارة سد تشرين إلى الحكومة المركزية، وذلك ضمن تفاهمات تركية-أميركية بالتنسيق مع الحكومة السورية لوقف المعارك شمالي البلاد.
وبحسب المصدر، سيُعلن رسميا خلال أيام عن اتفاق وقف إطلاق النار وتسليم إدارة سد تشرين إلى الحكومة السورية، مع انتشار لقوات من الأمن العام ووزارة الدفاع في جسم السد والمناطق التي تشهد اشتباكات.
ويمثل دخول قوات الجيش السوري إلى سد تشرين تطورا هاما في شمال شرق سوريا، ويحمل دلالات متعددة، حيث يعكس هذا التحرك سعي الحكومة السورية لاستعادة سيادتها على مناطق كانت تحت سيطرة "قسد"، خاصة المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية مثل سد تشرين.
ويكتسب السيطرة على سد تشرين أهمية استراتيجية كبيرة، فهو ليس فقط مصدرًا حيويًا لتوليد الكهرباء والمياه، بل يمثل أيضًا نقطة نفوذ وسيطرة على مناطق واسعة. وبالتالي، فإن تسليم إدارته للحكومة السورية يمثل مكسبا رمزيا وماديا لدمشق، وقد تم هذا التحرك بفضل ضغوط إقليمية ودولية، بما في ذلك التفاهمات التركية-الأميركية، التي دفعت "قسد" إلى الموافقة على هذا الاتفاق، حيث تسعى تركيا إلى إنهاء وجود "قسد" على حدودها، بينما قد تكون الولايات المتحدة تسعى إلى تجنب تصعيد أكبر في المنطقة.
ومن المرجح أن تكون الضغوط الإقليمية والدولية، بما في ذلك التفاهمات التركية- الأميركية، قد لعبت دورا في دفع "قسد" إلى الموافقة على هذا الاتفاق. وتسعى تركيا إلى إنهاء وجود "قسد" على حدودها، بينما قد تكون الولايات المتحدة تسعى إلى تجنب تصعيد أكبر في المنطقة.
وتزامن هذا التطور مع دعوة غير بيدرسون، مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، اليوم السبت لرفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، وهو ما يشير إلى اعتراف دولي متزايد بضرورة معالجة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية المتدهورة في البلاد.
قد يكون هناك ربط ضمني بين هذه الدعوات وبين خطوات الحكومة السورية نحو إعادة بسط سيطرتها على مناطق خارج سيطرتها. وخلال جلسة ضمن منتدى أنطاليا الدبلوماسي.
وشدد بيدرسون على أهمية وقف ما تقوم به إسرائيل في سوريا، محذرًا من أن ذلك "يلعب بالنار"، وأشار إلى وجود "حوار جيد" مع الحكومة السورية، مؤكدًا على ضرورة مساعدة المجتمع الدولي لها على تحقيق النجاح.
ولا يزال مستقبل العلاقة بين الحكومة السورية و"قسد" غير واضح. ففي حين ينص الاتفاق على دمج "قسد" في الجيش السوري، لكن لا تزال هناك خلافات جوهرية حول هيكلية هذه القوات وولائها ومستقبل الإدارة الذاتية التي أقامتها "قسد" في مناطق سيطرتها.