الجيش السوداني يقصف مناطق المدنيين لتحسين موقعه في مفاوضات جدة

قوات الدعم السريع تتصدى لهجوم مباغت على مواقعها بمنطقة شمال بحري وتسيطر على معسكر السواقة وعدد من معسكرات وتأسر أكثر من 700 من عناصر الجيش.
الثلاثاء 2023/05/16
قصف مكثف للطيران الحربي في المناطق السكنية

الخرطوم – تجددت الاشتباكات بين طرفي الصراع السوداني، في العاصمة الخرطوم اليوم الثلاثاء، فيما سمع دوي انفجارات بمناطق عدة متفرقة، وهو ما يؤشر على أن توقف آلة الحرب عن الدوران لا يزال بعيدا في ظل مساعي الجيش تحقيق تقدم على الأرض يحسن به موقعه خلال المفاوضات التي ترعاها السعودية والولايات المتحدة بمدينة جدة، مع حرص قوات الدعم السريع على الحفاظ على المواقع التي انتزعتها.

وقال سكان في العاصمة السودانية الخرطوم إن الضربات الجوية والقصف المدفعي تصاعدا بشدة في العاصمة اليوم الثلاثاء مع سعي الجيش إلى استعادة مواقع سيطرت عليها قوات الدعم السريع مع دخول المعارك شهرها الثاني.

وذكر شهود أنهم سمعوا أصوات ضربات جوية واشتباكات وانفجارات في جنوب الخرطوم وكان هناك قصف عنيف أثناء الليل في أجزاء من مدينتي بحري وأم درمان المجاورتين.

وكانت العاصمة شهدت الاثنين أيضاً اشتباكات وقصفا جويا في منطقة "شرق النيل" شرقي الخرطوم، وفي مدينة أم درمان، على الرغم من محادثات وقف النار التي انطلقت في مدينة جدة السعودية الأسبوع الماضي، والتي أسفرت عن اتفاق مبدئي للتهدئة بهدف السماح بإيصال المساعدات الإنسانية، وحماية المدنيين.

واستأنفت الاثنين المفاوضات بين ممثلي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مدينة جدة السعودية لبحث سبل التوصل إلى اتفاق يضمن وقف إطلاق النار.

وأوضح مسؤولون سعوديون وأميركيون سابقا أن جولات أخرى ستعقد لاحقا، من أجل إرساء هدنة طويلة الأمد. تليها كذلك مفاوضات لاحقة قد تجمع القوى المدنية إلى جانب القوات العسكرية، من أجل التوصل إلى حل يعيد البلاد إلى الطريق الديمقراطي.

وتسود الشكوك في مدى جدية الطرفين في إنهاء الاقتال، فكل المؤشرات على الأرض تقول إن مواصلة ممثلي الجيش وقوات الدعم السريع الحوار في مدينة جدة على ساحل البحر الأحمر كان بهدف ربح الوقت وتجنب غضب السعودية والولايات المتحدة اللتين ترعيان الحوار.

وأعلنت قوات الدعم السريع في بيان مرفقا بمقطع فيديو اليوم الثلاثاء أن "قوات الانقلابيين وفلول النظام البائد فجر اليوم (الثلاثاء) حاولت مباغتة ارتكازات قواتنا في منطقة شمال بحري حيث تصدت قواتنا للقوة المعتدية بجسارة وطاردتها حتى نقطة انطلاقها".

وأكدت أنها قواتها تمكنت من الاستيلاء على معسكر السواقة وعدد من معسكرات شمال بحري بالكامل وأسر أكثر من 700 من قوات الانقلابيين ومقتل العشرات، وجاري حصر العتاد العسكري.

وأعلنت وزارة الخارجية الكويتية، مساء الاثنين، تعرض مقر سكني بسفارتها في العاصمة السودانية الخرطوم، إلى "اقتحام وتخريب" في ثالث واقعة خلال شهر تطول مقرا دبلوماسيا عربيا بعد الأردن والسعودية بالسودان.

وأفادت الخارجية الكويتية، بـ"تعرض مقر سكن رئيس المكتب العسكري بسفارة دولة الكويت في الخرطوم للاقتحام والتخريب".

وأدانت الخارجية "هذا الاعتداء"، داعية السلطات وكافة الأطراف في السودان، لسرعة اتخاذ الإجراءات الكفيلة لتوفير الحماية الكاملة لمقار البعثات الدبلوماسية، و"معاقبة الجناة مرتكبي هذه الاقتحامات".

ولم تتهم الخارجية الكويتية، جهة أو طرف بأنه وراء هذا الاقتحام.

وفي وقت سابق الإثنين، أعلن الأردن، في بيان للخارجية تعرض مبنى سفارته في العاصمة الخرطوم إلى "الاقتحام والتخريب"، دون أن يتهم أحدا أيضا.

وأوائل مايو الجاري، أعلنت السعودية، في بيان للخارجية "تعرض مبنى الملحقية الثقافية السعودية لدى السودان لاقتحام من قبل مجموعة مسلحة قامت بالتخريب".

الجيش السوداني يستهدف السكان بالطيران الحربي
الجيش السوداني يستهدف السكان بالطيران الحربي

واتهم الجيش السوداني قوات الدعم السريع باقتحام مقرات سفارات السعودية والأردن وجنوب السودان والصومال في مخالفة لحرمة البعثات الدولية،

ونفت قوات الدعم السريع مساء الاثنين صحة تلك الاتهامات وأوضحت أنها لا تتعدى كونها مغالطات وأكاذيب المراد منها تشويه سمعتها، وأشارت إلى نفي سفارات وبعثات دبلوماسية تعرض مقراتها لأي اعتداء من أي جهة.

واتهمت الجيش في بيان نشرته عبر صفحاتها على فيسبوك وتويتر بخرق تعهداته التي قطعها في جدة بعدم استخدام سلاح الجو في المناطق السكنية والمأهولة متحدثة عن العديد من التجاوزات بحق البعثات الأجنبية.

وقالت إن " استمرت القوات الانقلابية والفلول الارهابيين، في الهجوم بالطيران والمدافع الثقيلة على المستشفيات والمناطق المأهولة بالسكان، من بينها الهجوم الجوي على مستشفى شرق النيل ما أدى إلى تدمير مباني المستشفى".

ويشار إلى أن الجيش يستحوذ على الطيران الجوي والطائرات المسيرة ما يعزز اتهامات الدعم السريع، خاصة بعد نشر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صور القصف.

ويتركز القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع الذي دخل شهره الثاني في العاصمة لكنه أثار اضطرابات في أنحاء أخرى من السودان خاصة في إقليم دارفور بغرب البلاد.

وأجبر الصراع نحو 200 ألف شخص على الفرار إلى بلدان مجاورة، وأسفر عن نزوح ما يربو على 700 ألف داخل السودان، مما فجر أزمة إنسانية تنذر بزعزعة استقرار المنطقة.

ومع تصاعد القتال، أعلنت نقابة أطباء السودان، الثلاثاء، ارتفاع عدد القتلى المدنيين إلى 822 شخصا، منذ بدء الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع منتصف أبريل الماضي.

وقالت النقابة الطبية (غير حكومية) في بيان، إن "استمرار الاشتباكات أدى إلى سقوط مزيد من الضحايا بالعاصمة الخرطوم وعدد من الولايات".

وأضاف البيان "ارتفع عدد الوفيات بين المدنيين منذ بداية الاشتباكات إلى 822 حالة وفاة و3 آلاف و215 إصابة".

وأشار إلى أن "الوفيات والإصابات الجديدة التي تم حصرها شملت العاصمة الخرطوم ومدينة الأبيض (جنوب)، ومدينة الجنينة بولاية غرب دارفور (غرب)".

وكانت آخر حصيلة أعلنتها النقابة الطبية، السبت، سجلت 530 قتيلا و2940 مصابا بين المدنيين.