الجيش السوداني يقرّ بسقوط مقر قوات الاحتياطي المركزي

الخرطوم - أقرّ الجيش السوداني اليوم الاثنين بسيطرة قوات الدعم السريع على مقر قوات الاحتياطي المركزي جنوبي الخرطوم بعد معارك استمرت أياما، في حين امتدت المواجهات لأول مرة منذ بدء الصراع الحالي إلى ولاية النيل الأزرق.
مساء الأحد وبعد شهرين ونصف الشهر على بدء الحرب بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو، أعلنت قوات الدعم في بيان "الانتصار في معركة رئاسة الاحتياطي المركزي".
وأضافت "استولت قوات الدعم السريع بعد سيطرتها على رئاسة قوات الاحتياطي المركزي ومعسكر عوض خوجلي على كميات كبيرة من المركبات والأسلحة والذخائر".
وبعد سيطرة قوات الدعم السريع على المقر التابع للشرطة، قصف الجيش السوداني تجمعات لهذه القوات بالمنطقة.
وسعت قوات الدعم السريع لاستعادة هذا المعسكر بوصفه أحد أكبر المعسكرات التي يتم التزود منها بالعتاد والذخيرة.
والاحتياطي المركزي قوات جيدة التدريب، واستطاعت خلال الفترة الماضية التصدي لقوات الدعم السريع في عدد من مناطق العاصمة.
وتشكل منطقة مقر الاحتياطي المركزي للشرطة أهمية للدعم السريع، لأن المقر يمثل خطا دفاعيا متقدما للجيش باتجاه منطقتي الشجرة والكلاكلة، وأيضا لأنه يشكل خطا دفاعيا للجيش، حيث يقع شمال معسكر طيبة الذي كان تابعا للدعم السريع.
وقال ضابط متقاعد في الجيش، طلب عدم الكشف عن اسمه، إن سيطرة ما وصفه بـ"متمردي الدعم السريع على الاحتياطي المركزي إن استمرت، سيكون لها تأثير كبير على المعركة في الخرطوم".
وتابع المصدر نفسه "موقع رئاسة الاحتياطي جنوب الخرطوم يجعله يتحكم في المدخل الجنوبي للعاصمة كما أن الدعم السريع بوجوده في الاحتياطي ومعسكره الرئيسي في طيبة جنوب الاحتياطي وسيطرته على مصنع اليرموك للصناعات العسكرية، أصبح مهددا رئيسيا لقيادة سلاح المدرعات في الشجرة وهو أحد أدوات تفوق الجيش".
وحتى وإن خسرت قوات الدعم السريع لاحقًا هذا الموقع الاستراتيجي، تظهر أشرطة الفيديو التي بثتها أجهزة الدعاية التابعة لها رجالها يستولون على مخزونات كبيرة من الأسلحة والذخائر ما يجعلها قادرة على الاستمرار طويلا في حرب الاستنزاف التي اندلعت في 15 أبريل.
ولم تعلن قوات الدعم السريع منذ بداية النزاع عن أي حصيلة بخسائرها في المعارك العنيفة التي تستخدم فيها المدفعية فيما تتعرض مواقعها لغارات الجيش الجوية.
إلا أن مصدرا في الجيش قال إن قوات الدعم السريع "تجاوز عدد قتلاها 400" في المعركة للسيطرة على المقر.
وأسفرت المعارك منذ اندلاعها عن مقتل 2800 شخص، وفق منظمة أكلد غير الحكومية كما نزح في الداخل أو لجأ إلى الدول المجاورة 2.5 مليون سوداني، وفق الأمم المتحدة.
لكن يرجح أن تكون الحصيلة أعلى بكثير لأن أيا من الطرفين المتحاربين لم يصدر بيانات رسمية حول خسائرهما والكثير من الجثث ما زالت منتشرة في شوارع الخرطوم أو دارفور في غرب البلاد عند الحدود مع تشاد حيث تدور أعنف المواجهات.
ولم يتفق الجيش و"الدعم السريع" على هدنة جديدة تشمل أيام عيد الأضحى، وذلك منذ انتهاء آخر هدنة صباح الأربعاء الماضي. ولم تمنع الهدن المتتالية من خرقها من قبل طرفي الصراع.
في غضون ذلك، تجددت الاشتباكات صباح اليوم الاثنين في مناطق بالعاصمة السودانية.
وأفاد شهود بسماع دوي انفجارات متقطعة دوت جنوب مدينة أم درمان، بالتزامن مع سماع أصوات أسلحة ثقيلة غربي مدينة الخرطوم.
وتزامنت الاشتباكات مع تحليق مستمر للطائرات الحربية التابعة لسلاح الجو في الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان.
وشهدت الخرطوم وبحري وأم درمان، وهي المدن الثلاث التي تشكل منطقة العاصمة الكبرى، الأحد ومساء السبت، قتالا عنيفا مع دخول الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع أسبوعه الحادي عشر.
وفي تطور آخر، قال مسؤول حكومي سوداني الإثنين، إن الجيش يتصدى لهجوم من "الحركة الشعبية- شمال" التي يقودها عبد العزيز الحلو على ولاية النيل الأزرق جنوب شرق البلاد.
وأفاد مدير الشركة السودانية للمعادن الحكومية مبارك أردول في تغريدة، بأن "القوات المسلحة تتصدى لهجوم على منطقة جنوب الكرمك بالنيل الأزرق من "الجيش الشعبي/ شمال" (تابع للحركة الشعبية شمال).
وأضاف "المعارك تدور حاليا بعد توقف الحرب في هذه المنطقة لأكثر من عشرة أعوام"، مشيرا إلى "عبور المواطنين إلى إثيوبيا نسبة للأحداث".
ولم يصدر أي تعليق من الجيش أو "الحركة الشعبية/ شمال" بهذا الخصوص.
وكان الجيش السوداني والحركة الشعبية وقعا اتفاقا لوقف إطلاق النار ظل ساريا بشكل منتظم حتى اندلاع الصراع الحالي منتصف أبريل الماضي.
والأربعاء، اتهم الجيش السوداني "الحركة الشعبية" بقيادة الحلو، بمهاجمة قواته في مدينة كادوقلي بولاية جنوب كردفان (جنوب) رغم الهدنة.
وخلال الأعوام الأربعة الأخيرة، مددت حكومة الخرطوم والحركة الشعبية قطاع الشمال اتفاق وقف إطلاق النار بينهما في المناطق الخاضعة لسيطرة كل منهما.
وينشط قتال الحركة الشعبية في منطقتي جنوب كردفان (جنوب)، والنيل الأزرق (جنوب شرق)، منذ العام 2011 من أجل الحصول على وضع خاص للمنطقتين.
وتعتبر المواجهات في ولاية النيل الأزرق الأولى من نوعها في الولاية منذ بدء الصراع الحالي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
ومنذ بدء الحرب بات ثلثا المستشفيات والمؤسسات الصحية خارج الخدمة بعدما تعرض بعضها للقصف فيما احتل المتحاربون البعض الآخر أو انها عالقة وسط المعارك. أما تلك التي ما زالت في الخدمة فعليها التكيف مع نقص حاد في الأدوية وانقطاع الكهرباء والمياه لفترات طويلة فيما فر الكثير من أفراد طواقم الرعاية الصحية أو قضوا في الحرب.
وتتواصل المعارك أيضا في نيالا كبرى مدن جنوب دارفور حيث قتل ما لا يقل عن 12 مدنيا الأحد على ما أفاد طبيب لفت إلى عدم إحصاء عدد كبير من الجرحى والقتلى لأن المعارك تحول دون إمكان التنقل.
خلال الليل أفاد سكان في نيالا عن قصف مدفعي كثيف. وقال أحدهم لوكالة الصحافة الفرنسية إن "القذائف تسقط في منازل المدنيين".
ويحمل كل يوم عدد جديد من الناس على النزوح هربًا من المعارك وأعمال العنف الجنسي والنهب المنتشرة.
وبالمجمل، نزح 2.2 مليون سوداني داخل بلادهم فيما لجأ نصف مليون آخرون إلى الدول المجاورة.