الجيش السوداني يقذف كرة الخلافات في ملعب القوى المدنية

قوى الحرية والتغيير تدعو الشعب إلى مواصلة التظاهر.
الأربعاء 2022/07/06
انقسام القوى المدنية يرفع الحرج عن البرهان

الخرطوم - رفضت قوى الحرية والتغيير، ائتلاف المعارضة الرئيسي في السودان، الثلاثاء قرارات قائد الجيش عبدالفتاح البرهان ووصفتها بأنها “مناورة مكشوفة وتراجع تكتيكي”، ودعت الشعب إلى مواصلة التظاهر.

وقذف قائد الجيش بكرة الخلاف المشتعلة على السلطة في جعبة القوى المدنية بإعلانه عن انسحاب يمكن وصفة بالتكتيكي من الحوار السياسي الذي ترعاه الآلية الثلاثية وترفض تيارات عديدة المشاركة فيه، في خطوة أراد بها بعثرة أوراق الشارع الذي أصبح أكثر قناعة بأن العمل الثوري هو السبيل الأكثر تأثيرا على تصويب المسارات.

وأعلن رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان فجأة الاثنين عن عدم مشاركة المؤسسة العسكرية في الحوار الذي تسيّره الآلية الثلاثية وتضم البعثة الأممية والاتحاد الأفريقي وهيئة إيغاد.

شريف عثمان: الحديث عن عودة الجيش إلى ثكناته يحمل تضليلا

وقال إن القرار يرمي إلى إفساح المجال للقوى السياسية والثورية والمكونات الوطنية الأخرى للجلوس وتشكيل حكومة الكفاءات الوطنية المستقلة لإكمال متطلبات الفترة الانتقالية، متعهدا بحل مجلس السيادة بعد تشكيل الحكومة التنفيذية ومجلس أعلى يتولى قيادة القوات النظامية يكون مسؤولًا عن مهام الأمن والدفاع.

وفتح البرهان الباب لحضور فاعل للقوات المسلحة على الساحة السياسية إلى حين إجراء الانتخابات، والتي ستعمل مع جميع مكونات الشعب لتحقيق توافق وطني يكمل مسار الانتقال والتحول الديمقراطي وصولًا إلى إجراء الانتخابات.

وأكد القيادي بالمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير شريف عثمان أن البرهان أراد تحصين موقعه في المجلس الأعلى للقوات المسلحة وتأمين صلاحياته على الأجهزة الأمنية، وحديثه عن تشكيل حكومة مدنية يبرهن على أنه يبحث عن شخصيات تنقذه من مأزق عدم القدرة على تشكيل حكومة تعمل لصالح هيمنة الجيش على السلطة.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن الحديث عن عودة الجيش إلى ثكناته يحمل تضليلا لأنه مازال الطرف المؤثر في معادلة الحكم، وهو أمر يدركه مواطنون لديهم إصرار على مواصلة حركة الجماهير لإسقاط الانقلاب وإقرار التحول الديمقراطي.

وتجاهل قائد الجيش مصير الطرف المتحكم في أمور الحكم بالبلاد في الفترة المقبلة، وما إذا كانت الحكومة المدنية التي تحدث عن تشكيلها بديلة لمجلس السيادة من عدمه، وهل من الوارد تشكيل مجلس سيادة جديدة يضم القوى المدنية فقط.

وتم التغافل أيضا عن موقف الحركات المسلحة التي تحالف معها الجيش، وهل ستقبل بأن يتم الاستيلاء على بنود اتفاق سلام جوبا التي أضحت ضمن الوثيقة الدستورية وتقضي بتمثيل الجبهة الثورية في هياكل السلطة بما فيها مجلس السيادة.

وزادت الخطوة من ارتباك تصورات القوى السياسية المفتتة، والتي لم تستطع التوافق على موقف واحد منذ الانقلاب العسكري في أكتوبر الماضي، وبدا أنه يسعى لتأمين حضوره المستقبلي ليكون طرفًا مشرفًا على عملية الانتقال وصولاً إلى الانتخابات من خلال سيطرته الفاعلة على الأجهزة الأمنية التي لها الكلمة العليا في توجيه دفة السلطة.

البرهان فتح الباب لحضور فاعل للقوات المسلحة على الساحة السياسية إلى حين إجراء الانتخابات

وأراد البرهان أن يبدو متجاوبا مع مطالب المجتمع الدولي الذي مارس ضغوطاً لإجباره على التراجع ومنح الفرصة للمدنيين لقيادة المرحلة الانتقالية.

وعبّر هذا التحرك عن طبيعة المفاوضات الثنائية التي خاضها المكون العسكري مع المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير وتضمنت الحديث عن ترك السلطة وعودة الجيش إلى ثكناته والاكتفاء بمهام حماية الحدود والأمن القومي.

ويرى الجيش أنه وضع القوى المدنية في مأزق لإصرارها على رفض التفاوض معه ما يجعلها في مواجهة انتقادات عدة لعدم توصلها إلى توافق بشأن تشكيل الحكومة.

ومن المتوقع اندلاع مواجهات مفتوحة بين القوى المدنية في ظل وجود أحزاب وتيارات متحالفة مع الجيش وأخرى لديها رغبة في العودة إلى الوثيقة الدستورية، وأطراف ثالثة تُصر على هدم المعبد تماما والتأسيس لفترة جديدة.

وأضفى حديث البرهان المقتضب المزيد من الغموض على مستقبل الفترة الانتقالية ما فتح المجال لتجاذبات ومشاحنات سياسية بين قوى منقسمة على نفسها وستدفع البلاد نتيجتها وقد تأتي بنتائج عكسية بالنسبة إلى المكون العسكري الذي أراد غض الطرف عن الاعتصامات المستمرة في عدد من الأقاليم منذ مظاهرات الثلاثين من يونيو الماضي، ويزيد من إصرار قوى ثورية ترى أن العمل الثوري هو الحل الوحيد للخروج من الأزمة.

وأثار خطاب البرهان ردود فعل فاترة ولم ترحب غالبية القوى السياسية بما جاء فيه، وبدا واضحا أن مواقف المكون العسكري التي يتخذها في كل مرة يواجه فيها خروج الملايين إلى الشارع تستهدف تهدئة الأجواء دون الرغبة في إنهاء الانقلاب.

ودعا تجمع المهنيين الذي يقود حراك الشارع إلى توسيع دائرة الاعتصامات السلمية إلى حين تحقيق مطالب الثورة القائمة على إسقاط الانقلاب.

ويمكن أن تدخل البلاد في مرحلة التغيير الجذري القائمة على توحيد العمل بين لجان المقاومة وتجمّع المهنيين بهدف الشروع في حالة العصيان المدني الشامل.

Thumbnail

وشدد المتحدث باسم تجمع المهنيين السودانيين بشري الفكي لـ”العرب” على أن قائد الجيش يسعى لدحض شعار القوى الثورية “لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية”، ووصف خطابه بأنه “مخابراتي بامتياز يريد تصوير المدنيين على أنهم ليس بإمكانهم الوصول إلى توافق في ما بينهم، ما يساعده على الانفراد بالسلطة حال فشلهم”.

وأوضح أن “رئيس مجلس السيادة لم يحدد القوى المدنية التي تحدث عنها ما إذا كانت تشمل فلول النظام السابق وتيارات محسوبة على الانقلاب من عدمه، وهو يدرك استحالة التوافق بين قوى سياسية بينها تناقضات عدة”.

وذكر أن الشارع أضحت لديه قيادة موحدة بيد تجمع المهنيين ولجان المقاومة، والذين يتحدثون عن عدم وجود توافق على المستوى الثوري يغردون خارج السرب ويحلمون بوصول قيادة من الأحزاب السياسية القديمة، في حين أنها أثبتت فشلها، لافتًا إلى قرب تشكيل المجلس التشريعي الثوري الذي سيتولى إنجاز مهام الثورة السودانية.

وتمارس القوى الفاعلة في الشارع ضغوطاً فاعلة على القوى السياسية للانضمام إليها وتأييد مواقفها الخاصة بقلب الطاولة والمشاركة بفاعلية في الاعتصامات الراهنة، غير أن الخلافات العميقة بين الحزب الشيوعي وحزب الأمة القومي وغيره من الأحزاب المحسوبة على تحالف الحرية والتغيير تعرقل ذلك.

ووجه الحزب الشيوعي اتهامات إلى قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي)، واعتبر أن خطوة البرهان تؤكد ما تردد عن التوصل إلى تسوية مع مكونات عسكرية والجيش، مؤكدا أن الخطوة لم تضف جديدا على الساحة السياسية.

2