الجيش السوداني يفهم الرسالة المصرية على طريقته ويهاجم بحري

قوات الدعم السريع تتحدث عن صدّها الهجوم واستيلائها على آليات وقتْل وأسْر العشرات.
السبت 2023/07/15
البرهان يتمسك بالتصعيد العسكري

الخرطوم- تعامل الجيش السوداني مع الرسالة المصرية، التي تدعو إلى وقف العمليات والجلوس إلى طاولة الحوار، على طريقته بأن شن هجوما على محور بحري شمال الخرطوم، في موقف يظهر تمسك الجيش الذي يقوده عبدالفتاح البرهان بالتصعيد العسكري رغم إظهار ترحيبه بنتائج قمة دول الجوار التي عقدت الخميس في القاهرة.

وأقر الجيش السوداني بتكبده “بعض الخسائر في جزء من محور بحري شمال الخرطوم”، مستدركا أنها “لم تؤثر على مجرى العمليات”، إلا أن قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) قالت إنها كبدت الجيش خسائر فادحة في المعدات والأرواح.

وقالت هذه القوات في بيان إن “الجيش السوداني هاجم مواقع تمركز قواتنا في مدينة بحري من محورين؛ من ناحية منطقة حطاب، والآخر باتجاه جسر الحلفايا (يربط بين أم درمان وبحري على النيل)”.

وتابعت “تصدت قواتنا لقوة الجيش وسحقتها بالكامل واستولت على 130 مركبة بكامل عتادها”، و”استولت على آليات عسكرية جارٍ حصرها وأسرت العشرات من أفراد القوة منهم ضابط برتبة عميد ركن، وقتلت المئات، وجثثهم متناثرة في الطرقات، من بينهم قائد القوة برتبة لواء وقائد ثان بالرتبة ذاتها”.

وختمت بالقول إن “عملية الانهيار التي يشهدها الجيش لا مثيل لها تتطلب من شرفاء القوات المسلحة تدارك الأمر والانحياز الفوري لخيار الشعب”.

وصباح الجمعة تجددت الاشتباكات بين طرفي النزاع بالأسلحة الثقيلة والخفيفة في الخرطوم، بعد ساعات من الهدوء الحذر.

وتسبب الاقتتال الذي نشب يوم 15 أبريل الماضي في نزوح مدنيين من ولاية الخرطوم، التي تتكون من مدن الخرطوم وبحري وأم درمان، وتسبب أيضا في تنفيذ هجمات بدوافع عرقية في منطقة دارفور.

ولم تنجح جهود وساطة إقليمية ودولية حتى الآن في إنهاء الاقتتال، وقال مسؤولون في منظمة الأمم المتحدة إن السودان ربما ينزلق إلى حرب أهلية.

وجرت أحدث محاولة وساطة في مصر الخميس. ورحب الجيش السوداني، الذي تربطه بمصر علاقات وثيقة، وقوات الدعم السريع بجهود الوساطة.

محمد عبدالحكم: يجب الابتعاد عن عسكرة الحياة المدنية والعودة إلى الثكنات، والعمل على حلحلة كل أزمات البلاد
محمد عبدالحكم: يجب الابتعاد عن عسكرة الحياة المدنية والعودة إلى الثكنات، والعمل على حلحلة كل أزمات البلاد

وأعلن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ضمن كلمته في قمة دول جوار السودان، عن إطلاق حوار جامع للأطراف السودانية لبدء عملية سياسية شاملة، وضرورة وضع حلول عملية قابلة للتنفيذ لوقف الاقتتال، مع تكثيف الاتصالات والإجراءات التنفيذية المطلوبة ووضع ضمانات تحد من تداعيات الصراع في السودان.

وقررت القمة إنشاء آلية وزارية تعقد اجتماعها الأول في تشاد من أجل وضع خطة عمل تنفيذية لوقف الاقتتال وإيجاد حل شامل للأزمة السودانية، والتنسيق مع المنظمات الدولية لتمكين المساعدات من العبور بأمان.

وبينما ركزت قوات الدعم السريع على الانتشار بسرعة في أنحاء العاصمة خلال أول أيام الاقتتال، ركز الجيش على الضربات الجوية والمدفعية التي لم تسهم في تغيير المشهد إلا قليلا.

ويتبادل الجانبان اتهامات ببدء القتال وارتكاب خروقات خلال سلسلة من الهدنات التي لم تفلح في وضع نهاية لاشتباكات خلَّفت أكثر من 3 آلاف قتيل أغلبهم مدنيون، وما يزيد عن 2.8 مليون بين نازح ومهاجر لإحدى أفقر دول العالم، بحسب وزارة الصحة ومنظمة الأمم المتحدة.

ورغم أن الطرفين (الجيش وقوات الدعم السريع) أعلنا مرارا رغبتهما في الحل السلمي، وانخرطا في مفاوضات بمدينة جدة برعاية سعودية – أميركية، فإن الوقائع تسير عكس ذلك، حيث لم يتوقف الاقتتال طوال الأشهر الثلاثة الماضية.

ونفذ الجيش مزيدا من العمليات البرية في الأسابيع القليلة الماضية، وبالتحديد في أم درمان.

وقال سكان بحري إنهم سمعوا دوي ضربات جوية وقذائف مدفعية وأعيرة نارية استمرت إلى ما بعد الظهيرة.

وقال مصدر عسكري إن الجيش نجح في طرد قوات الدعم السريع من أحياء في أقصى شمال المدينة لكن قوات الدعم السريع قالت في بيان إنها استطاعت هزْم قوات الجيش وقتْل المئات.

وتدعو قوى سياسية ومجتمعية إلى إيقاف الحرب والشروع في تفاوض “لأن الصراع العسكري لن يكون الحل لأزمات البلاد المستمرة”.

ويرى القيادي في قوى الحرية والتغيير محمد عبدالحكم أن “الوضع الكارثي الذي يعيشه شعب السودان يحتم على أطراف الحرب الاضطلاع بمسؤوليتها الأخلاقية والأمنية ووقف الحرب بشكل فوري”.

وأضاف عبدالحكم “يجب الابتعاد عن عسكرة الحياة المدنية والعودة إلى الثكنات، والعمل على حلحلة كل أزمات البلاد عبر طاولات التفاوض، ومن ثم استعادة مسار الانتقال المدني الديمقراطي”.

وأشار إلى أنه “من المهم النأي بالمؤسسة العسكرية عن ممارسة الأنشطة السياسية والاقتصادية، والالتزام بأداء مهامها الطبيعية بحفظ الأمن وحماية البلاد ممّا يهدد أمنها”.

◙ الجيش السوداني رحب بجهود الوساطة المصرية مساء الخميس ودفع قواته وطائراته إلى الهجوم على محور بحري فجر الجمعة

وأردف “نحن في قوى الحرية والتغيير ندرك أن الهدف الأساسي من هذه الحرب هو عسكرة الحياة المدنية وإحكام العسكر قبضتهم على السلطة وإنهاء أي جهود لاستعادة الحكم المدني الكامل، وهو أمر لن يسمح به الشعب السوداني إطلاقا”.

وبحسب الكثير من المتابعين “ليس الانقسام في المشهد جديدا؛ فهو ملازم للحالة السودانية قبل الحرب وبعدها”.

ويرى المحلل السياسي أمير بابكر أن الانقسام كان واضحا في الشارع قبل اندلاع الحرب، واستمر بعدها بين أصوات تريد تأجيج الصراع وأخرى تتمسك بالحلول السلمية.

وأضاف بابكر “بعد اندلاع الحرب فعليا في 15 أبريل بدا المشهد منقسما بين دعوات لوقف الحرب وجنوح للسلم (من جهة)، ومن يدعون من مناصري طرفي النزاع إلى حسمها عسكريا (من جهة ثانية)، وكل طرف من أولئك يدعم موقف من يناصره”.

وذكر بابكر أنه على مستوى القوى السياسية كانت القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري ترى في الوصول بالعملية السياسية التي ابتكرتها الآلية الثلاثية، الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد)، مخرجا من مأزق الصراع أو الحرب.

ويوضح أن قطاعا واسعا من الشعب رافض للحرب التي وصفها قادة الجانبين المتصارعين بأنها “عبثية”، منطلقين في رفضهم من آثارها التي سترتدّ على البلاد وعليهم، وهو ما حدث بالفعل خلال ثلاثة أشهر من المعارك التي خلفت دمارا واسعا في العاصمة ومدن أخرى إلى جانب القتلى والجرحى والنازحين داخليا وخارجيا.

1