الجيش السوداني يفتعل أزمة مع قوات حفتر لتغطية خسائره في العوينات

الجيش الليبي ينفي تورطه في الهجوم على منطقة العوينات التي سيطرت عليها الدعم السريع، ويتهم القوات السودانية بمهاجمة دورياته أثناء تأمين الحدود.
الأربعاء 2025/06/11
البرهان يلجأ للاتهامات لتبرير الفشل

الخرطوم/بنغازي – اتهم الجيش السوداني قوات تابعة للمشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، بمهاجمة مواقع حدودية سودانية الثلاثاء، في خطوة تعكس حالة الارتباك والتخبط التي يعيشها، بعد خسارته منطقة العوينات.

وجاء الاتهام، الذي لم يقدم فيه قائد الجيش الفريق الأول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي أي أدلة تدعمه، بعد إعلان قوات الدعم السريع، عبر مقطع فيديو، سيطرتها على منطقة العوينات الحدودية.

وهذا التكتيك اليائس من الجيش السوداني، الذي دأب على كيل الاتهامات جزافا لعدة دول، أدى إلى تصدع علاقاته الخارجية مع بلدان المنطقة، ويهدد الآن بتسميم العلاقات مع ليبيا، في تصعيد خطير يبرز عثرات الجيش في إدارة الأزمة.

وهذه المرة الأولى التي يتهم فيها الجيش السوداني قوات شرق ليبيا بالضلوع المباشر في الحرب الدائرة منذ عامين بينه وبين قوات الدعم السريع، ما ينذر بتوترات دبلوماسية خطيرة، وربما أمنية، على الحدود.

يُعتقد أن فريق البرهان يسعى من خلال هذه الاتهامات إلى حشد الدعم الدولي ضد قوات الدعم السريع ومن يدعمها، وذلك بإبراز حجم التدخلات الخارجية التي تواجهها البلاد، خاصة بعد أن أثبتت هذه القوات قدرتها على استعادة زمام الأمور في الآونة الأخيرة.

ويُعيد هذا الاتهام إلى الأذهان الاتهامات المتبادلة بين السودان وليبيا بشأن دعم الإرهاب أو الميليشيات، ففي السابق، اتهم حفتر الخرطوم بدعم "الإرهابيين" في ليبيا، وفي عام 2017، أمرت السلطات المدعومة من حفتر في شرق ليبيا بإغلاق قنصلية سودانية وطرد 12 دبلوماسيًا بسبب "الإضرار بالأمن القومي الليبي".

وتعكس هذه الاتهامات المتبادلة والمستمرة علاقة معقدة ومتشابكة بين ليبيا والسودان، حيث يتأثر الاستقرار الداخلي لكل بلد بالوضع في الجارة، وتتداخل المصالح والتحالفات الإقليمية في ديناميكيات الصراع.

وشهدت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، التي اتهمها الجيش أيضا بالضلوع في الهجوم، تدخل العديد من الدول بينما لم تنجح المحاولات الدولية بعد في إحلال السلام.

وفي بداية الحرب اتهم السودان حفتر بمساندة قوات الدعم السريع عبر مدها بالأسلحة، واتهم الإمارات، بدعمها أيضا، عبر وسائل منها غارات جوية مباشرة بطائرات مسيرة الشهر الماضي استهدفت بورتسودان، بينما دحضت أبوظبي بالأدلة القاطعة المزاعم التي روجها فريق البرهان الذي قاد حملة تضليلية للتشويش على الجهود الإماراتية لوقف الصراع.

ودأب الجيش على توجيه اتهامات للإمارات مماثلة في ظاهرة يقول مراقبون إنّ الهدف من ورائها تبرير انتكاساته الكثيرة وعجزه عن حسم الحرب ضد قوات الدعم السريع لمصلحته.

ونفت  القيادة العامة للجيش الوطني الليبي تورطها في الهجوم، واتهمت قوة تابعة للقوات المسلحة السودانية بمهاجمة دورية عسكرية أثناء قيامها "بواجبها المشروع المكلفة به في تأمين الجانب الليبي من الحدود".

وأضافت في بيان "أن هذه المزاعم الإعلامية محاولة مفضوحة لتصدير الأزمة الداخلية السودانية وخلق عدو خارجي افتراضي".

وتدعم مصر، التي تساند حفتر أيضا، الجيش السوداني.

وفي تطور يكشف هشاشة سيطرته، قال الجيش السوداني في بيان "هاجمت اليوم مليشيا آل دقلو الإرهابية مسنودة بقوات خليفة حفتر الليبية (كتيبة السلفية) نقاطنا الحدودية في المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا بغرض الاستيلاء على المنطقة"، والتي تقع إلى الشمال من مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، إحدى أهم خطوط المواجهة في الحرب.

وهذا الإعلان يأتي بعد أن أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على منطقة العوينات الاستراتيجية، مما يمثل ضربة موجعة للجيش السوداني ويمنح قوات الدعم السريع ورقة ضغط جديدة.

وتمثل سيطرة الدعم السريع على هذه المنطقة الحدودية الحيوية، التي طالما كانت تحت سيطرة الجيش السوداني والقوة المشتركة، أن الجيش السوداني أصبح يواجه تحديات أكبر في تأمين حدوده، وتزيد من صعوبة منع تدفق الأسلحة والعتاد عبر مسارات الصحراء الشمالية، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.

وهذا التطور يضع الجيش السوداني في موقف دفاعي، ويؤكد على فشله المتواصل في حسم الحرب لصالحه، مما يضطره إلى اختلاق الروايات لتبرير تراجعاته.

وأضاف الجيش السوداني في بيانه "سندافع عن بلدنا وسيادتنا الوطنية وسننتصر مهما بلغ حجم التآمر والعدوان المدعوم من دولة الإمارات العربية المتحدة ومليشياتها بالمنطقة".

وبعد هذه الاتهامات أعلن الجيش السوداني في بيان اليوم الأربعاء أنه "في إطار ترتيباتها الدفاعية لصد العدوان، أخلت قواتنا اليوم منطقة المثلث المطلة على الحدود بين السودان ومصر وليبيا"، دون الخوض في تفاصيل.

وشهدت منطقة العوينات، الجمعة، اشتباكات بين القوة المشتركة للحركات المسلحة السودانية المتحالفة مع الجيش السوداني، وكتيبة "سبل السلام" التابعة للجيش الوطني الليبي ، ما أدى إلى سقوط قتلى وأسرى من الجانبين، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى وأسرى من الطرفين، وفقا لموقع "دارفور24" نقلا عن مصادر متطابقة.

وأكدت المصادر أن المواجهات جرت بين القوة المشتركة السودانية وكتيبة "سبل السلام" السلفية التابعة لرئاسة أركان القوات البرية بالجيش الليبي.

وفي هذا السياق، صرح عبدالرحمن هاشم، قائد كتيبة السلام التابعة للرئاسة أركان القوات البرية بالقيادة العامة، بأن المواجهات أسفرت عن مقتل اثنين من أفراد القوة السودانية وأسر عدد من جنودها، فيما تم أسر ثلاثة جنود من كتيبة "سبل السلام" الليبية.

وتنشط القوات المشتركة في صحراء شمال البلاد، وهي منطقة تقع قرب الحدود الليبية، وتقول إنها تعمل على إغلاق مسارات تعتمد عليها قوات الدعم السريع على الأسلحة والعتاد.

وتتحالف القوات المشتركة مع الجيش في الحرب ضد قوات الدعم السريع، وساعدت هذه القوات الجيش السوداني في الحفاظ على مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، كما شاركت في العمليات العسكرية بالعاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة.

وتأتي هذه التطورات بعد نحو شهر من قرار السلطات الليبية إغلاق الحدود البرية مع السودان، عقب حادثة اختطاف ثلاثة مواطنين ليبيين. وشمل القرار أيضًا منع دخول اللاجئين السودانيين وتعليق حركة المعابر التجارية، وهو ما ساهم في زيادة حدة التوتر في المناطق الحدودية، ودفع بالأمور نحو التصعيد العسكري.

ويخضع المثلث الحدودي بين السودان وليبيا ومصر لسيطرة الجيش السوداني والقوة المشتركة التابعة للحركات المسلحة، بينما تسيطر قوات الدعم السريع على مناطق واسعة من الصحراء الشمالية لدارفور وصولاً إلى تخوم بادية الزرق.