الجيش السوداني يغلق كل الطرق إلى مقر قيادته قبيل المظاهرات

الخرطوم - أغلق الجيش السوداني الخميس كل الطرق الرئيسية والفرعية المؤدية إلى مقر قيادته وسط العاصمة الخرطوم، قبيل انطلاق مظاهرات تطالب بالحكم المدني وإنهاء الشراكة مع العسكريين في السلطة واستكمال الانتقال السلمي الديمقراطي.
وتولت عناصر من الجيش إغلاق الشوارع بحواجز أسمنتية وأسلاك شائكة، لمنع أي دخول محتمل لمتظاهرين إلى محيط القيادة العامة، كما انتشرت عربات عسكرية مدرعة، مع العشرات من الجنود المدججين بالأسلحة، في الشوارع المؤدية إلى مقر قيادة الجيش.
ويشهد السودان الخميس مسيرات احتجاجية ترفع مطالب عديدة، أبرزها تسليم السلطة الانتقالية للمدنيين وفض الشراكة مع المكون العسكري، وذلك في خضم أزمة سياسية تحيط بأطراف المنظومة الحاكمة في ظل انقسام الائتلاف الحاكم من جهة، والخلافات العميقة بين العسكريين والمدنيين من جهة أخرى، واتهامات العسكر بالانحياز إلى فصيل من المنشقين عن تحالف "الحرية والتغيير" الذي تتزعمه اثنتان من الحركات المسلحة في دارفور.
ومن المرجح، وفق مراقبين، أن تغير احتجاجات الخميس المعادلة السياسية، بعد أن تزايدت الدعوات إلى الخروج في مسيرات لدعم الانتقال المدني في كل مدن السودان.
والأربعاء، دعا تجمع المهنيين السودانيين كل القطاعات إلى المشاركة الفعالة في المواكب (المظاهرات) المليونية الخميس، في حين دعت واشنطن السودانيين إلى ممارسة حقهم في التجمع بسلام ودون عنف.
وحدد تجمع المهنيين 13 مطلبا لإنجاز مهام الثورة، التي أطاحت في الحادي عشر من أبريل 2019 بالرئيس عمر البشير، وعلى رأسها "إسقاط الشراكة مع العسكريين، ووضع السلطة بيد قوى الثورة، ورفض الانقلابات، وتصفية النظام البائد (البشير)، وتحقيق السلام الشامل، وتكوين المجلس التشريعي (الانتقالي) من قوى الثورة، وتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، وإجازة قانون موحد للنقابات".
ويواصل أنصار قوى الحرية والتغيير "مجموعة الميثاق الوطني" اعتصامهم أمام القصر الجمهوري لليوم الخامس على التوالي.
وحث الميثاق الوطني أنصاره على الخروج في تظاهرات الخميس لدعم الاعتصام للمطالبة بتنحي الحكومة الانتقالية، وتوسيع قاعدة المشاركة في الفترة الانتقالية، والالتزام بتنفيذ بنود الوثيقة الدستورية، وتشكيل حكومة كفاءات.
كما خرج متظاهرون في أحياء مختلفة بالخرطوم وأم درمان، مطالبين بمدنيّة الدولة وإبعاد العسكريين عن الحكم.
وكانت مجموعات سياسية عدة أبرزها قوى الحرية والتغيير (مجموعة المجلس المركزي)، دعت إلى هذه المظاهرات.
وعقدت قيادات الشرطة الأربعاء اجتماعا طارئا ناقشت فيه خطة تفصيلية لحماية مظاهرات الخميس.
وقالت الشرطة في بيان إن "هدف الخطة تأمين المواقع السيادية والاستراتيجية والخدمية الحيوية والمنشآت والمرافق والبعثات الدبلوماسية والأسواق ومراكز المال وسجون ولاية الخرطوم"، مشيرة إلى "وضع قوات الشرطة بمختلف إداراتها في حالة الاستعداد القصوى".
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تغريدة على تويتر "إن واشنطن تدعو الشعب السوداني إلى ممارسة حقه في التجمع الخميس بسلام ودون عنف، بما يتماشى مع الفترة الانتقالية".
ودعت السفارة الأميركية في الخرطوم القادة المدنيين والعسكريين في السودان إلى العمل معا في شراكة، للتغلب على خلافاتهم واتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ المعايير الأساسية للوثيقة الدستورية.
وقالت السفارة على صفحتها في فيسبوك إنها تشجع المتظاهرين على السلمية، وتذكرهم بالدعم الأميركي القوي للانتقال الديمقراطي لتحقيق الحرية والسلام والعدالة.
واتهم مني أركو مناوي حاكم إقليم دارفور القيادي في مجموعة الميثاق الوطني، تحالف قوى الحرية والتغيير - مجموعة المجلس المركزي، بتعطيل مبادرة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك لحل الأزمة السياسية، وذلك بعدم تسمية ممثليهم في اللجنة السباعية المقترحة لحل الأزمة.
وقال القيادي في مجموعة الميثاق الوطني إسماعيل جلاب إن رئيس الوزراء ليس محايدا في الأزمة الحالية، لأنه يساند تحالف قوى الحرية والتغيير (مجموعة المجلس المركزي). ووصف جلاب في مؤتمر صحافي الأربعاء الأزمة بالكارثة، وقال إن مجموعة المجلس المركزي لا تتجاوز معرفتها بالسودان المقار الحكومية في الخرطوم.
وقال رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبدالفتاح البرهان إن القوات المسلحة والمكون المدني حريصان على إنجاح الفترة الانتقالية، وصولا إلى تشكيل حكومة مدنية منتخبة تلبي تطلعات الشعب السوداني.
وشدد البرهان خلال لقائه في الخرطوم وزيرة الشؤون الأفريقية بالخارجية البريطانية فيكي فورد، على الالتزام بالوثيقة الدستورية، والحفاظ على الشراكة بين المكونين العسكري والمدني.
وقال حمدوك إن السودانيين هم الأحرص على المضي بأهداف الثورة إلى نهايتها، وذلك خلال لقائه في الخرطوم بايتون نوف نائب المبعوث الأميركي للقرن الأفريقي.
وقال مكتب رئيس الوزراء في تغريدة إن حمدوك شكر نائب المبعوث الأميركي على الدعم المتواصل الذي توفره واشنطن لعملية الانتقال المدني الديمقراطي في السودان.