الجيش السوداني يسعى لمكافأة إيران على المسيرات بإعادة فتح السفارات

وزير خارجية السودان والقائم بأعمال وزير خارجية إيران يتفقان على تطوير العلاقات في كافة المجالات والارتقاء بها إلى أعلى المستويات.
الأحد 2024/05/26
البرهان يراهن على إيران لمساعدته على الصمود

طهران – تسعى الحكومة السودانية إلى تطوير العلاقات الدبلوماسية مع إيران من خلال إعادة فتح السفارات، بعد أن زودت الجمهورية الإسلامية الجيش بقيادة الجنرال عبدالفتاح البرهان بطائرات مسيرة إيرانية الصنع لمساعدته على تحويل دفة الصراع ووقف تقدم قوات الدعم السريع شبه العسكرية بقيادة الجنرال محمد حمدان دقلو "حميدتي" التي يحاربها واستعادة أراض حول العاصمة.  

اتفق وزير خارجية السودان والقائم بأعمال وزير خارجية إيران، بعد اجتماعهما في طهران بمناسبة ذكرى الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي ومرافقيه، على تسريع عملية إعادة فتح سفارتي البلدين، وفقا لما ذكرته وكالة مهر للأنباء .

وأفادت الوكالة اليوم الأحد، بأن وزير الخارجية السوداني حسين عوض، التقى القائم بأعمال وزير الخارجية الإيراني علي باقري كني، في طهران السبت، واتفق الجانبان على تسريع عملية استئناف أنشطة سفارتي البلدين.

وبحث الجانبان خلال هذا اللقاء سبل تطوير العلاقات بين السودان وإيران في كافة المجالات، واتفقا على الإسراع في استكمال عملية إعادة فتح سفارتي البلدين والمساعدة في الارتقاء بالعلاقات بينهما إلى أعلى المستويات.

ويسعى الجيش السوداني من خلال إعادة فتح السفارات إلى مكافأة طهران على الدعم العسكري الذي قدمته له عبر تزويده بطائرات مسيرة إيرانية الصنع تمكنه من تحقيق نتائج إيجابية في الصراع الدائر منذ أكثر من عام في مواجهة قوات الدعم السريع.

وكان الجيش قد بدأ في استخدام الطائرات الإيرانية المسيرة في يناير الماضي في قاعدة وادي سيدنا العسكرية شمالي الخرطوم، ليتمكن في مارس الماضي بفضل هذه المسيرات من السيطرة على مقر الإذاعة والتلفزيون في أم درمان.

ورغم فقدان الجيش السيطرة على أجزاء واسعة من العاصمة السودانية الخرطوم وغيرها من الولايات ذات الأهمية الاستراتيجية، إلا أنه لا يزال يقدم نفسه على أنه صاحب السلطة الشرعية.

ويحاول السودان من خلال سعيه لترميم علاقاته مع إيران لكسب حليف خارجي جديد، لاسيما أن علاقة الخرطوم مع دول الهيئة الحكومية الأفريقية "إيغاد’ تشهد خلافات وتدهورا منذ مدة". وفي العشرين من يناير الماضي، جمدت الخرطوم عضويتها في الهيئة الأفريقية الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا "إيغاد" التي كانت ترعى جهودا لحل الأزمة عبر محاولة عقد لقاء مباشر بين البرهان وحميدتي.

وأرجعت الخرطوم التجميد إلى ما قالت إنه "تجاهل المنظمة لقرار السودان، الذي نُقل إليها رسميا بوقف انخراطه وتجميد تعامله معها في أي موضوعات تخص الوضع الراهن في السودان". و"إيغاد” منظمة حكومية أفريقية شبه إقليمية، تأسست عام 1996، وتتخذ من جيبوتي مقرا لها، وتضم دولا من شرق أفريقيا هي: السودان وجنوب السودان وإثيوبيا وكينيا وأوغندا والصومال وجيبوتي وإريتريا.

كان السودان قد أعلن في أكتوبر الماضي الاتفاق على استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إيران بعد عدد من الاتصالات رفيعة المستوى بين البلدين، واتخاذ الإجراءات اللازمة لفتح سفارتيهما، وتبادل الوفود الرسمية لبحث تطوير التعاون بينهما.

وفي يناير 2016، وخلال حكم الرئيس السوداني السابق عمر البشير (1989 – 2019)، قطع السودان علاقاته الدبلوماسية مع إيران، ردا على اقتحام محتجين لسفارة السعودية في طهران وقنصليتها بمدينة مشهد (شرق)، بعد أن أعدمت الرياض رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر مع مدانين آخرين، بتهمة الإرهاب.

وقبل قطع العلاقات بين البلدين كانت العلاقات بين الخرطوم وطهران وثيقة، وكانت الأخيرة مصدرا وموردا للأسلحة إلى الخرطوم منذ تسعينات القرن الماضي، كما تضمنت العلاقات آنذاك اتفاقيات تعاون عسكرية ودفاعية بالإضافة إلى مشاريع مشتركة.

وبدأ جبل القطيعة بين البلدين في الذوبان بعد نحو 3 أشهر على تعرض السودان لحرب مدمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، إثر خلافات بشأن دمج قوات الأخيرة في المؤسسة العسكرية الرسمية.

وفي يوليو 2023، التأم أول لقاء بين وزيري خارجية السودان وإيران على هامش اجتماع وزراء خارجية دول"حركة عدم الانحياز” بالعاصمة الأذرية باكو، وأعلن الوزيران في ذلك اللقاء “استئنافا وشيكا للعلاقات بين البلدين”، ليعلنا رسميا في التاسع من أكتوبر من العام ذاته، قرار استئناف علاقاتهما الدبلوماسية بعد قطيعة 7 سنوات.

وبعد ذلك الوقت، وعلى هامش القمة المشتركة الاستثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية بالرياض في نوفمبر 2023، التقى الرئيس الإيراني برئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان وبحثا تعزيز العلاقات بين البلدين.

ويرى مراقبون أن الخرطوم بتقاربها مع طهران "تريد الضغط على المجتمع الدولي واستخدام طهران ورقة ضغط، بجانب الاستفادة كذلك من القوة الإيرانية العسكرية في الحرب الدائرة في السودان ضد قوات الدعم السريع". وفي الآونة الأخيرة، تداولت تقارير صحفية دولية أنباء عن تزويد طهران الجيش السوداني بطائرات مسيرة قتالية جرى استخدامها في الحرب ضد قوات الدعم السريع.

وأوردت وكالة بلومبرغ أن إيران تقوم بتزويد الجيش السوداني بشحنات من الأسلحة الإيرانية وبطائرات مسيّرة من طراز “مهاجر 6” التي تصنع في إيران. واستعان الجيش في المعارك في أم درمان والخرطوم بالأسلحة الجديدة “في محاولة لإحداث تغييرا في إستراتيجيته بالتحول من الدفاع إلى الهجوم”.

ذكر موقع "سيمافور" نقلا عن مسؤولين أميركيين وعرب في مارس الماضي أن طهران تخطط لاستخدام علاقاتها مع الجيش السوداني لتعزيز تحالفاتها الإقليمية لممارسة المزيد من القوة في الممرات المائية الاستراتيجية في البحر الأحمر.

ويحظى السودان بإطلالة على البحر الأحمر بطول يقارب 800 كلم، وهو ما جعله محورا للتنافس الإقليمي والدولي على تشغيل موانئه. وبالسيطرة على الموانئ السودانية، ستحصل إيران وحلفاؤها على موطئ قدم في ممر تجاري بالغ الأهمية بالقرب من اليمن والمملكة العربية السعودية وإسرائيل.

وبالعودة إلى اللقاء الذي جمع وزير خارجية السودان والقائم بأعمال وزير خارجية إيران في طهران، فقد قدم حسين عوض تعازي حكومة وشعب السودان في وفاة الرئيس رئيسي، ووزير الخارجية السابق حسين أمير عبداللهيان ومرافقيهما، وأكد على "تضامن حكومة وشعب بلاده مع حكومة وشعب إيران في هذا الحادث الأليم وفقدان الرئيس وأحد قادتها الذين تميزوا بالحكمة والمعرفة، فضلا عن وزير خارجية إيران القدير"، متمنيا أن "تتغلب إيران بسرعة على هذه الكارثة من خلال الاعتماد على بنيتها التحتية السياسية القديمة".

كما شكر القائم بأعمال وزير الخارجية الإيراني دعم السلطات السودانية عقب هذا الحادث الأليم، وذلك من خلال إرسال رسالة تعزية ومواساة أو زيارة وزير الخارجية إلى طهران، الأمر الذي أظهر عمق العلاقات الأخوية بين البلدين .

وأعلنت إيران، الاثنين الماضي، وفاة رئيسي وعبداللهيان وعدد من المرافقين لهما جراء تحطم هليكوبتر كانت تقلهم خلال عودتها من خودافرين إلى تبريز وسط ظروف جوية سيئة.