الجيش السوداني يستعيد مواقع استراتيجية في الخرطوم

الخرطوم – أكدت مصادر ميدانية ووسائل إعلام محلية أن الجيش السوداني حقق تقدما ملحوظا في عملياته العسكرية في العاصمة الخرطوم، حيث استعاد السيطرة على مواقع استراتيجية هامة، من بينها المقر الرئيسي للبنك المركزي ومقر رئاسة المخابرات العامة، وذلك بعد معارك عنيفة مع قوات الدعم السريع.
وقال مصدر عسكري، إن قوات الجيش السوداني استعادت السيطرة مقر رئاسة المخابرات العامة بحي المطار بالخرطوم (جنوبي مقر قيادة الجيش) وبرج الفاتح (مبنى شاهق على شارع النيل)، ورئاسة البنك المركزي بمنطقة المقرن.
وأضاف المصدر، مفضلا عدم الكشف عن هويته، أن قوات الجيش واصلت التقدم واستعادة السيطرة على جسر توتي من الناحية الشمالية، الرابط بين جزيرة توتي ووسط الخرطوم على النيل الأزرق.
ونشر عناصر من الجيش السوداني مقاطع فيديو لانتشارهم داخل برج الفاتح والبنك المركزي ومدخل جسر توتي.
كما أعلن الجيش السوداني أن قواته حققت مزيدا من النجاحات وقضت على مئات العناصر من قوات الدعم السريع، واستعادة السيطرة على عدة مواقع بمنطقة المقرن ووسط الخرطوم.
وقال المتحدث باسم الجيش نبيل عبدالله في بيان حققت قواتنا مزيدا من النجاحات، حيث قضت على المئات من عناصر الميليشيا (الدعم السريع) التي حاولت الهروب من خلال جيوب بوسط الخرطوم".
وأوضح أن قوات الجيش السوداني "أحكمت سيطرتها على أبراج زين وبنك السودان (البنك المركزي) ومصرف الساحل والصحراء، وبرج التعاونية وكلية البيان والمتحف القومي وجامعة السودان وقاعة الصداقة"، بمنطقة المقرن وسط الخرطوم.
وأكد أن قوات الجيش في وسط الخرطوم تواصل الضغط على عناصر الدعم السريع.
وأضاف "وسيطرت قواتنا على فندق كورنثيا (برج الفاتح) و إدارة المرافق الاستراتيجية بمنطقة المقرن، كما تم تطهير مباني رئاسة جهاز المخابرات" بحي المطار.
وقال متحدث الجيش إن "عناصر الدعم السريع يحاولون الهروب أمام قواتنا بكل مكان في هذه اللحظات".
ويأتي هذا التقدم بعد يوم من سيطرة الجيش لأول مرة منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023على القصر الرئاسي، الذي يُعتبر رمز السيادة الوطنية، بعد معارك عنيفة دارت في وسط الخرطوم، واستمرت لعدة أسابيع.
وتتكون العاصمة السودانية من 3 مدن هي الخرطوم (جنوب شرق)، وبحري (شمال شرق)، وأم درمان (غرب)، وترتبط بينها جسور على نهري النيل الأزرق والنيل الأبيض.
وبسيطرة الجيش على هذه المواقع الهامة تزداد سيطرة الجيش على قلب الخرطوم، وتتقلص مساحة سيطرة الدعم السريع.
ويسيطر الجيش السوداني على كامل مدينة بحري، ومنطقة شرق النيل، ومدينة أم درمان، باستثناء أجزاء من غربي وجنوبي أم درمان.
ومُني الجيش بانتكاسات لفترة طويلة لكنه حقق مكاسب في الآونة الأخيرة واستعاد أراض في وسط البلاد من القوات شبه العسكرية.
وبينما يعتقد البعض أن القوات الجيش تقترب من تحقيق السيطرة الكاملة على العاصمة الخرطوم، مع بقاء بعض الجيوب في مناطق محدودة، أكدت قوات الدعم السريع في بيانها الصادر الجمعة أنها لا تزال متواجدة داخل العاصمة، مشددة على أن المعركة لم تنته بعد.
وقالت قوات الدعم السريع إنها موجودة في محيط القصر الرئاسي وإنها شنت هجوما أسفر عن مقتل العشرات من جنود الجيش في داخله.
وفي سياق آخر من القتال في ولاية الخرطوم، أفادت تنسيقية مقاومة كرري بأن القوات المسلحة السودانية وقوات العمل الخاص قد حققت تقدما كبيرا الجمعة، حيث تمكنت من فتح جبهات جديدة في محلية أمبدة بمدينة أم درمان، وصولا إلى تخوم سوق ليبيا.
وفي سياق الأحداث الراهنة، تمكنت قوات الدعم السريع من تعزيز نفوذها في المناطق الغربية من السودان، مما يشير الى تقسيم البلاد بشكل فعلي، حيث تسعى الدعم السريع إلى إقامة حكومة موازية في المناطق التي تسيطر عليها، على الرغم من التوقعات بعدم حصولها على اعتراف دولي واسع النطاق.
وهذا الوضع يعكس تصاعد التوترات السياسية والعسكرية في البلاد، حيث تتزايد الانقسامات بين الفصائل المختلفة.
وأفادت مصادر عسكرية بأن مقاتلي الدعم السريع يقتربون من مواقع الجيش بمسافة تقدر بنحو 400 متر، مما يزيد من حدة الاشتباكات. كما تعرضت قوات الجيش لهجوم بواسطة طائرة مسيرة، أسفر عن مقتل عدد من الجنود بالإضافة إلى مجموعة من العاملين في التلفزيون الرسمي.
وتشير هذه التطورات إلى تصاعد حدة الصراع في السودان، وتثير تساؤلات حول مستقبل الأوضاع في البلاد، في ظل تمسك طرفي النزاع بالحرب ورفض الجيش أي مفاوضات مع قوات الدعم السريع.
ونقلت وكالة الأنباء السودانية عن قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، قوله إن هذه المعركة ماضية ولن تتوقف، مؤكدا أن "القوات المسلحة تستمد روح الاستمرار في هذه المعركة من المواطنين والشعب السوداني".
وأضاف "لن نتراجع ولن نتأخر، وسنقف مع المواطن حتى النهاية".
وفي وقت متأخر الخميس، أعلنت قوات الدعم السريع أنها تمكنت من السيطرة على قاعدة عسكرية رئيسية تابعة للجيش في شمال دارفور، وهي منطقة استراتيجية تقع في غرب البلاد.
وتأتي هذه التطورات في ظل استمرار القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والذي أدى إلى ما تصفه الأمم المتحدة بأنه أكبر أزمة إنسانية في العالم، حيث تسببت النزاعات في تفشي المجاعة والأمراض في مختلف أنحاء البلاد، التي يقدر عدد سكانها بنحو 50 مليون نسمة.
ويخوض الجيش وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023 صراعا داميا أسفر، وفقا للأمم المتحدة والسلطات المحلية، عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص ونزوح ولجوء حوالي 15 مليون آخرين.
وحسب دراسة أجرتها جامعات أميركية، قد يصل عدد القتلى إلى نحو 130 ألفا.