الجيش السوداني يتخذ من المساعدات سلاحا في حربه ضد الدعم السريع

البرهان يظهر من خلال تعطيل مرور الإغاثة أنه مستعد للذهاب إلى مدى بعيد في الحرب التي يخوضها ضد الدعم السريع.
الاثنين 2024/02/19
المدنيون من يدفعون ثمن حرب عبثية

الخرطوم- تحولت المساعدات إلى سلاح جديد في الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، الأمر الذي يهدد بكارثة إنسانية، في ظل تحذيرات من شبح مجاعة تهدد المدنيين.

وكانت الأمم المتحدة تأمل في جمع طرفي الصراع على طاولة مفاوضات للتوافق حول سبل إيصال المساعدات للمتضررين من الحرب، لكن قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان أعلن عن رفضه السماح بتمرير أي مواد إغاثية لمناطق سيطرة الدعم السريع.

وتسيطر قوات الدعم السريع على مناطق واسعة في السودان بما في ذلك العاصمة الخرطوم، ومعظم إقليم درافور الواقع غرب البلاد. وقال البرهان “لن نسمح بدخول الإغاثة إلا بعد وقف الحرب ودحر هؤلاء المتمردين من بيوت المواطنين والمؤسسات الحكومية والخدمية، ومن كل المدن التي قاموا باحتلالها في نيالا والجنينة ومدني والخرطوم”.

◙ الجهود الدبلوماسية لم تفلح حتى الآن في إنهاء الحرب الأهلية في السودان التي تدور رحاها بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع شبه العسكرية

وترى منظمات مدنية ونشطاء حقوقيون وقانونيون أن رفض قائد الجيش وصول المساعدات للمدنيين هي جريمة ضد الإنسانية، وانتهاك فاضح للقانون الدولي.

ودعت منظمات المجتمع المدني السبت الدول الأفريقية للضغط من أجل انسياب مواد الإغاثة للمتضررين.

جاء ذلك خلال اجتماع تشاوري عقد على هامش قمة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، وقالت المنظمات إنهم كمجتمع مدني يكثفون ضغوطهم حتى يسمع صوت آنات السودان داخل القمة خاصة في ظل تواصل الأزمات الإنسانية والضرر الواسع الذي يصيب المواطن السوداني جراء استمرار الحرب.

وطالبت المنظمات بضرورة الإسراع في اتخاذ تدابير فورية لضمان إنشاء ممرات إنسانية لإيصال مواد الإغاثة الضرورية إلى السكان المحتاجين دون تأخير، خاصة في دارفور.

وقال الخبير في القانون الدولي والباحث بالجامعة الأميركية في واشنطن معتصم علي إن رفض البرهان السماح بمرور الإغاثة مخالفة للأعراف الدولية وانتهاك لحقوق الإنسان باعتبار أن المدنيين في المناطق الواقعة تحت سيطرة أي من الطرفين لديهم الحق في الحماية وإيصال المساعدات.

وحث علي في تصريحات صحفية المجتمع الدولي على ممارسة المزيد من الضغوط لإدخال الإغاثة ودفع الطرفين إلى عدم استغلال المدنيين خلال حربهما.

وأوضح أن مجلس الأمن يمكن أن يفرض عقوبات على أي طرف يعرقل وصول قوافل الإغاثة، معرباً عن الأسف لوصول قضية منع الجيش دخول الإغاثة إلى هذه الدرجة.

وكان قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو أبدى تجاوبا مع مقترح الأمم المتحدة لعقد لقاء مع خصمه البرهان لبحث أزمة المساعدات، وأعرب دقلو أيضا عن استعداده للتنسيق مع المنظمات والوكالات الأممية لإدخال الإغاثة لمناطق النزاع.

معتصم علي: رفض البرهان السماح بمرور الإغاثة مخالفة للأعراف الدولية وانتهاك لحقوق الإنسان
معتصم علي: رفض البرهان السماح بمرور الإغاثة مخالفة للأعراف الدولية وانتهاك لحقوق الإنسان 

ويقول مراقبون إن الجيش السوداني أظهر أنه مستعد للذهاب إلى مدى بعيد في الحرب التي يخوضها ضد الدعم السريع، متجاوزا في ذلك جميع الخطوط الحمراء، لافتين إلى المشاهد المروعة لعناصر الجيش وهم يحملون رؤوس مقطوعة، قيل إنها لعناصر من الدعم السريع.

ويشير المراقبون إلى أن هناك حاجة ماسة اليوم إلى تحرك دولي حازم حيال ما يجري، حيث أن الاكتفاء بإعلان عن حزمة عقوبات بحق أفراد أو شركات ليس كافيا. وناشد بابا الفاتيكان الأحد طرفي الصراع في السودان إلى إنهاء الحرب التي تلحق الكثير من الضرر بالشعب ومستقبل البلاد.

وقال البابا فرنسيس “دعونا نصلي من أجل إيجاد سبل السلام قريبا لمستقبل السودان الحبيب”.

ولم تفلح الجهود الدبلوماسية حتى الآن في إنهاء الحرب الأهلية في السودان التي تدور رحاها بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، منذ عشرة أشهر.

وشدد البابا “أينما يوجد قتال، يكون السكان منهكين، لقد سئموا من الحرب، التي تكون دائما عديمة الفائدة وغير حاسمة ولن تجلب سوى الموت والدمار ولن تؤدي أبدا إلى حل المشكلة”.

وأدت الحرب المستمرة في السودان إلى مقتل ما لا يقل عن 20 ألف شخص، وتشريد أكثر من 9 ملايين مدني، وجعل أكثر من 25 مليون شخص يعانون من الجوع.

وحذر بيتر غراف القائم بأعمال منظمة الصحة العالمية في السودان الأسبوع الماضي من خطر مجاعة في السودان تجتاح البلاد كما العاصفة، وقال خلال مؤتمر صحفي عقده عقب زيارة له للاجئين السودانيين في تشاد جنوب السودان إن الوضع كارثي والناس يعيشون ظروفا قاسية.

2