الجيش الجزائري يستحضر العشرية السوداء لتطويق الاحتجاجات

الجزائريون يتحملون نظاما سياسيا لا يترك مساحة تُذكر للاختلاف كثمن يدفعونه مقابل الأمن والاستقرار النسبيين.
الأربعاء 2019/03/06
غضب من الصعب احتواؤه

الجزائر – انخرط الجيش الجزائري لقائمة المدافعين عن ترشيح الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، وهو ما عكسته تصريحات رئيس الأركان الفريق أحمد قايد صالح الذي استحضر خلالها مرحلة العشرية السوداء، لتطويق الاحتجاجات المشتعلة في البلاد منذ أكثر من أسبوع.

وقال الفريق أحمد قايد صالح، الثلاثاء، إن الجيش سيبقى ممسكا بمكسب إرساء الأمن والاستقرار بالبلاد، معتبرا أن الشعب لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يفرط في نعمة الأمن وراحة البال.

جاء ذلك في كلمة له أمام قيادات عسكرية بأكاديمية شرشال العسكرية غرب العاصمة نقل مضمونها التلفزيون الحكومي، بالتزامن مع تصاعد حراك شعبي رافض لترشح الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لولاية خامسة في انتخابات 18 أبريل المقبل.

وقال قايد صالح وهو نائب وزير الدفاع أيضا “الشعب الذي أفشل الإرهاب وأحبط مخططاته ومراميه هو نفسه مطالب اليوم في أي موقع كان أن يعرف كيف يتعامل مع ظروف وطنه”.

وأضاف “ندرك أن هذا الأمن المستتب وهذا الاستقرار سيزداد تجذّرا وترسيخا، وسيبقى الشعب الجزائري يعيش في ظل هذه النعمة، وسيبقى الجيش الوطني الشعبي ماسكا بزمام إرساء هذا المكسب الغالي الذي به استعاد الوطن طيبته”.

وحسب قائد أركان الجيش فإن انتهاء الأزمة الأمنية التي عاشتها البلاد في تسعينات القرن الماضي “لم يُرض بعض الأطراف (لم يسمها) الذين يزعجهم بأن يروا الجزائر آمنة ومستقرة”. واسترسل “بل يريدون العودة بها (الجزائر) إلى سنوات الألم والجمر التي عايش خلالها الشعب كل أشكال المعاناة وقدّم خلالها ثمنا غاليا”.

Thumbnail

وخاطب الجزائريين بالقول “هذا الشعب الأصيل والأبي الذي عاش تلك الظروف الصعبة وأدرك ويلاتها لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يفرّط في نعمة الأمن وراحة البال”.

وتظاهر الآلاف من الجزائريين في العاصمة ومدن أخرى الثلاثاء، مطالبين الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة بالتنحّي.

وتمثّل المظاهرات الحالية أكبر تحدّ حتى الآن للزعيم المريض والنخبة الحاكمة، في دولة ما زال يهيمن عليها المحاربون القدامى في حرب الاستقلال عن فرنسا التي استمرت من عام 1954 حتى عام 1962.

وكان عشرات الآلاف من المتظاهرين قد احتشدوا في مدن بأنحاء الجزائر في أكبر احتجاجات منذ الربيع العربي في 2011، مطالبين بوتفليقة (82 عاما) بعدم الترشح في الانتخابات المقررة في 18 أبريل. وقدمّ عبدالغني زعلان مدير الحملة الانتخابية لبوتفليقة الأحد، ملف ترشح الرئيس الجزائري. والثلاثاء تظاهر المئات من الطلاب في العاصمة ومدن أخرى، منها قسنطينة وعنابة والبليدة.

وكُتب على إحدى اللافتات “انتهت اللعبة”، بينما حملت أخرى عبارة “ارحل يا نظام”.

وراقبت الشرطة الاحتجاجات، مثلما فعلت في الأيام الماضية، وأغلقت شوارع رئيسية لاحتواء المسيرات. ولم تقع أي اشتباكات حتى الآن، ولا تزال المظاهرات حتى الآن سلمية إلى حدّ بعيد.

وفي عام 1991 ألغى الجيش انتخابات كان من المتوقع أن يفوز بها حزب إسلامي. وأعقب ذلك عنف استمر لعشر سنوات وأودى بحياة 200 ألف شخص إثر سحق قوات الأمن لهذا التمرد.

ويتحمّل الجزائريون نظاما سياسيا لا يترك مساحة تُذكر للاختلاف كثمن يدفعونه مقابل الأمن والاستقرار النسبييْن.

ويتصدّر الشبان الجزائريين مشهد الاحتجاجات ويريد جيلا جديدا من الزعماء لا تربطه صلات تذكر بالحرس القديم المؤلف من الحزب الحاكم وأباطرة الأعمال والجيش وأجهزة الأمن. وغالبية سكان الجزائر من الشبان الذين تقلّ أعمار 70 بالمئة منهم عن 30 عاما.

Thumbnail

ويطالب الشبان بوظائف وخدمات أفضل ووضع حد للفساد المستشري في دولة تعدّ واحدة من أكبر الدول المنتجة للنفط في أفريقيا.

ولم يظهر بوتفليقة، الذي يتولى السلطة منذ 20 عاما، في أي مناسبة عامة منذ إصابته بجلطة دماغية عام 2013.

ويقول معارضوه إنه لم يعد لائقا للقيادة، مشيرين إلى اعتلال صحته وعدم وجود إصلاحات اقتصادية لمعالجة نسبة البطالة المرتفعة التي تجاوزت 25 بالمئة بين من تقل أعمارهم عن 30 عاما.

وفي أول ردّ فعل على الاحتجاجات دعت المفوضية الأوروبية الثلاثاء إلى احترام “حرية التعبير والتجمع” في الجزائر.

وقالت مايا كوشيانتشيتش المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية خلال مؤتمر صحافي في بروكسل “عندما نتكلم عن التظاهر، نذكر بأن حرية التعبير والتجمع مدرجة في الدستور الجزائري”. وأضافت “ننتظر التحقق من ممارسة هذه الحقوق سلميا وأن تضمن في إطار دولة القانون”.

وشدّدت على “أهمية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر” وعلى تعهد بروكسل العمل على “مواصلة ترسيخ علاقاتنا، بهدف إنشاء قضاء مشترك من الاستقرار والديمقراطية والازدهار”.

وتابعت “قدم مرشحون عديدون ترشيحهم. على المجلس الدستوري الجزائري الآن تأكيد تطابقها مع الدستور والقانون الانتخابي”.

4