الجيش الإلكتروني: يد طولى لتنفيذ حملات تستنكف السعودية عن خوضها

السعودية تزيد من نفوذ جيشها الإلكتروني لمواجهة الحسابات الإرهابية والمعارضة المعادية للمملكة.
الجمعة 2023/01/13
التجسس السعودي على تويتر أدى إلى عدد غير معروف من الاعتقالات

الرياض- بات الجيش الإلكتروني المنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي ورقة قوية بيد السعودية للدفاع عن نفسها بعد أن تضررت سمعتها في السابق من حملات إعلامية مركزة من خصوم إقليميين خلال الأزمة مع قطر في 2017 وخاصة بعد مقتل جمال خاشقجي في 2018.

وقبل ذلك كان التأثير السعودي على مواقع التواصل الاجتماعي متعثرا، شأنه في ذلك شأن أداء إعلامها التقليدي.

وليست الحكومة السعودية وحدها التي زادت نفوذ جيشها الإلكتروني على مواقع التواصل، وخاصة على تويتر، فالمعارضة أيضا حضورها كبير وذبابها الإلكتروني مؤثّر، وهو محسوب على السروريين والإخوان المسلمين، وفي الغالب مدعوم وموجه خارجيّا، ويصعّد ويهدّئ حسب أجندة الداعمين مثلما جرى قبل مونديال قطر وخلاله.

ونجح الجيش الإلكتروني السعودي في التجسس على أنشطة الكثير من المعارضين واختراق هواتفهم.

وفي الشهر الماضي أُدين موظف سابق في تويتر بالولايات المتحدة بتهمة التجسس على المستخدمين لحساب السعودية وحُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات ونصف السنة.

◙ الجيش الإلكتروني ينشر هذه الأيام في الغالب تغريدات عن إنجازات الدولة وريادتها ويدعم المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي ويروّج الحملات الإعلامية المدعومة من الدولة

وأدى التجسس السعودي على تويتر إلى عدد غير معروف من الاعتقالات وغيّر كيفية وصول السعوديين إلى الإنترنت نهائيا.

ويبرز الآن أن الحساب المجهول الذي لا يعتمد ميزات التعريف لم يعد آمنا بما يكفي عندما يتمكن جاسوس داخل شركة وسائط اجتماعية من إعادة تشغيل هذه الميزات ببساطة وتمرير الموقع الجغرافي والبيانات الأخرى إلى المباحث.

ولا يعني الاتصال بأمان اليوم إعداد حساب مجهول مع تعطيل جميع ميزات التعريف، بل يتطلب هاتفا فارغا برقم هاتف أوروبي أو أميركي بالإضافة إلى اتصال عبر الشبكة الخاصة الافتراضية (في بي إن).

وهذه التكنولوجيا متاحة على نطاق واسع في المملكة وتحظى بشعبية متزايدة. وللمشاركة في محادثة صوتية، مثل خدمة “المساحات” على تويتر حيث تتواجد المعارضة بشكل كبير، يتم اعتماد برنامج لتغيير الصوت من أجل منع تحديد الهوية. وتتوفر عدة تطبيقات يمكن تنزيلها بسهولة للتمتع بهذه الخاصية.

وكلما خطت المعارضة خطوة صغيرة إلى الأمام، لحق النظام بسرعة. وكان أحدث ابتكاراته هو تطبيق “كلنا بأمان” المتوفر على أبل وأندرويد، والذي تشجع الحكومة جميع السعوديين على تنزيله.

◙ التأثير السعودي على مواقع التواصل الاجتماعي كان متعثرا، شأنه في ذلك شأن أداء إعلامها التقليدي

ولكن مثلما يتجسس النظام على المعارضة، تتجسس المعارضة على النظام والجيش بحيث تضم بعض المتعاطفين الذين يتحدثون سرا عن أنشطتها، وعن عملية مراقبة ضخمة مع اعتقال العديد من الأشخاص بشكل مستمر.

ويتألف الجيش الإلكتروني السعودي وفقا لمصادر داخله من 7 آلاف عنصر. ويتقاضى هؤلاء “الجنود” راتبا ابتدائيا قدره 13 ألف ريال سعودي (حوالي 2900 جنيه إسترليني) شهريا، وهو أعلى بكثير من المعدل الوطني، بينما يعمل الكثيرون في مقر الجيش الإلكتروني ضمن مركز اعتدال لمكافحة التطرف، وهو مبنى حكومي يقع بالقرب من الديوان الملكي في الرياض.

كما يعمل معظمهم عن بعد باستخدام أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة الممنوحة من الحكومة والمتصلة بالآلاف من أرقام الهواتف الأميركية التي تشتريها الحكومة بكميات كبيرة.

وتفيد مصادر بأن لكل جندي عشرين حسابا على تويتر وأن كل حساب مرتبط برقم هاتف أميركي، وهذا ما يعني أن الجيش يدير ما يقرب من 140 ألف حساب بشري حقيقي على تويتر، دون أي مساعدة من الروبوتات.

◙ ليست الحكومة السعودية وحدها التي زادت نفوذ جيشها الإلكتروني، فالمعارضة حضورها كبير، وذبابها الإلكتروني مؤثّر

ويتمثل أبرز نجاح للجيش الإلكتروني السعودي في قيادة حملة شعبية واسعة لمقاطعة المنتجات التركية، وبلغت ذروتها في 2020 بانتشار وسم “قاطعوا تركيا” عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تحت شعار”توقف عن شراء أي منتج تركي.. (أردوغان) يحارب بلادنا بأموالنا”.

وفي 2018 كان وسم “قاطع منتجات أمازون” الأكثر انتشارا على وسائل التواصل الاجتماعي في السعودية، اعتراضا على السياسة التحريرية لصحيفة واشنطن بوست المملوكة لصاحب أمازون جيف بيزوس، والتي قادت حملة قوية ضد المملكة بعد مقتل خاشقجي الذي كان يكتب عمودا على صفحاتها.

وتداول مغردون سعوديون مقاطع فيدو تظهرهم وهم يلغون تطبيق أمازون من هواتفهم ويدعون الناس إلى مقاطعة الشركة. وتمت مشاهدة أكثر من 16 ألف وسم باللغتين العربية والإنجليزية خلال 6 ساعات.

وتم تعليق حساب تويتر الخاص بالجيش الإلكتروني منذ فترة طويلة بسبب مشاركته السابقة في العديد من حملات التأثير، لاسيما أثناء مقاطعة قطر (2017 – 2021) وأحداث ريتز كارلتون في نوفمبر 2017.

وينشر الجيش هذه الأيام في الغالب تغريدات عن إنجازات الدولة وريادتها ويدعم المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي ويروّج الحملات الإعلامية المدعومة من الدولة، كما يضمّ فريقَ إبلاغ إلكترونيًّا مهمته الإبلاغ عن حسابات الإرهابيين المعادية للوطن والقيادة والشعب.

1