الجيش الإسرائيلي يحول جنين إلى مدينة أشباح

الأونروا تحذر من أن عمليات الهدم في جنين تقوض وقف إطلاق النار الهش الذي تم التوصل إليه في غزة.
الأربعاء 2025/02/05
ليس بالإمكان رؤية شيء سوى الجنود الإسرائيليين

جنين (الضفة الغربية) - حولت العملية العسكرية الإسرائيلية في جنين بالضفة الغربية مخيم اللاجئين بالمدينة إلى ما وصفه سكان وبعض المسؤولين بأنه مدينة أشباح، إذ لحق به دمار على نطاق لم تشهده المنطقة منذ ما يزيد عن 20 عاما.

ويقول الجيش الإسرائيلي إن الهجوم واسع النطاق يهدف إلى القضاء على الفصائل المسلحة المدعومة من إيران في جنين الواقعة في شمال الضفة الغربية المحتلة.

وبعد أسبوعين على بدء العملية العسكرية، صارت جنين شبه مهجورة بعد أن غادر الآلاف من الفلسطينيين منازلهم، وليس معهم سوى ما تيسر حمله، تنفيذا لأمر إسرائيلي بالمغادرة عبر طائرات مسيرة مزودة بمكبرات صوت.

وبعد تدمير الطرق ومرافق البنية التحتية الأخرى، هدمت القوات الإسرائيلية العديد من المباني مطلع هذا الأسبوع فيما أحدث انفجارات مدوية.

كمال أبوالرب: الوضع في المخيم أسوأ مما جرى في عام 2002
كمال أبوالرب: الوضع في المخيم أسوأ مما جرى في عام 2002

وقال خليل حويل (39 عاما)، وهو أب لأربعة أطفال يسكن في مخيم جنين هو ووالده وإخوته في بيت من خمس شقق، “ظلينا في البيت إلى حين ما إجت الدرون (الطائرة المسيرة) علينا وصارت تنادي أخلوا البيت وأخلوا الحي لأنه بدنا نفجر.”

وأضاف “طلعنا في ملابسنا الشخصية ما قدرنا نحمل شيء. ممنوع تحمل شيء… ولا حد ظل في المخيم… المخيم خالي من السكان بتاتا.”

وتابع أن بعد نشر الجرافات والمركبات المدرعة بالقرب من منزله، سار السكان بصعوبة على طرق يلمؤها الركام إلى نقطة تجمع كانت تنتظرهم فيها سيارات تابعة للهلال الأحمر.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه دمر 23 مبنى وإنه “سيواصل العمل من أجل القضاء على الإرهاب حيثما كان ذلك ضروريا.”

ومن أعلى تل يطل على المخيم، لم يكن بالإمكان رؤية شيء سوى سحب الدخان والجنود وهم يتحركون بين جدران المنازل المحترقة.

وبدأت العملية، وهي المرحلة الأحدث من هجوم بدأ الشهر الماضي، في أعقاب دخول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحركة حماس حيز التنفيذ.

وحذرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من أن عمليات الهدم في جنين “تقوض وقف إطلاق النار الهش الذي تم التوصل إليه في غزة، وتهدد بتصعيد جديد.” وذكرت أن جنين “أصبحت مدينة أشباح.”

وتعرض مخيم جنين لللاجئين، الذي كان لفترة طويلة معقلا للفصائل المسلحة بما في ذلك حركتا حماس والجهاد الإسلامي، لمداهمات متكررة على مر السنين، ليس فقط من الجيش الإسرائيلي، وإنما من الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية.

الجيش الإسرائيلي قال إنه دمر 23 مبنى وإنه سيواصل العمل من أجل القضاء على الإرهاب حيثما كان ذلك ضروريا

وفي أثناء الانتفاضة الثانية عام 2002، هدمت القوات الإسرائيلية المئات من المنازل، مما أدى إلى تهجير نحو ربع سكان المخيم.

وقال محافظ جنين كمال أبوالرب إن العملية الأحدث لم تترك في المخيم سوى نحو 100 شخص من أصل 3490 أسرة كانت موجودة فيه قبل العملية.

وأضاف أبوالرب في تصريح لوكالة رويترز “الوضع أسوأ مما جرى في عام 2002 لأن عدد النازحين كان أقل.”

وتواصل إسرائيل أيضا اجتياح مناطق أخرى من الضفة الغربية، بما في ذلك مدينتا طوباس وطولكرم.

وفي بداية عملية جنين، صرح يسرائيل كاتس وزير الدفاع الإسرائيلي بأن الجيش سوف يطبق الدروس المستفادة من الحرب في قطاع غزة الذي يبعد أكثر من 100 كيلومتر إلى الجنوب.

وقال أبوالرب عن الدمار في جنين “لو أنه ما كتبنا أنه هذا مخيم جنين على الصور هذا المشهد بنفكره في قطاع غزة. نفس الصورة ولكن المكان يختلف.”

وأبرز هجوم على موقع عسكري إسرائيلي بالقرب من طوباس الثلاثاء حالة التوتر في الضفة الغربية حيث قُتل المئات من الفلسطينيين، منهم مسلحون ومدنيون، والعشرات من الإسرائيليين منذ بدء الحرب في غزة.

وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن 70 فلسطينيا قُتلوا في الضفة الغربية هذا العام، بما في ذلك 38 قتيلا في جنين.

Thumbnail

ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن الضفة الغربية جزء من حملة متعددة الجبهات تنفذها إيران على إسرائيل عن طريق حلفائها مثل حماس في غزة وحزب الله في جنوب لبنان. ودأب المسؤولون الإسرائيليون على القول إن جنين تواجه خطر التحول إلى “غزة مصغرة”.

ويرى الفلسطينيون أن العملية الإسرائيلية، والتي بدأت بعد أن حظرت إسرائيل عمل الأونروا في مقرها في القدس الشرقية، هي محاولة لتهجير الفلسطينيين من الأراضي التي يرون أنها أساس الدولة المستقبلية في تكرار لأحداث “نكبة” عام 1948.

وقال نبيل أبوردينة، المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، إن العملية جزء من جهود أوسع تهدف إلى “تهجير المواطنين والتطهير العرقي”، اكتسبت زخما جديدا منذ أن اقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن تستقبل مصر والأردن الفلسطينيين.

وما زال سكان جنين الذين أُجبروا على مغادرة المخيم صامدين.

وصرح خليل حويل “رح نرجع على بيتونا لن ترجع النكبة لن نتهجر إلى منطقة ثانية، (سواء) هدوا البيت (أو) قصفوا إحنا رح نرجع على بيوتنا.”

2