الجولة المغاربية لولي العهد السعودي تربك حسابات التنظيمات الإخوانية

الجزائر - أربكت الجولة التي قادت ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى دول شمال أفريقيا التيارات الإخوانية التي بدت خارج السرب تماما في ضوء الترحيب الرسمي بالضيف السعودي في كل من تونس وموريتانيا والجزائر، وكذلك الترقب الشعبي لأن تكون الزيارة بوابة لتعاون اقتصادي مثمر.
وكان الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبدالعزيز، في استقبال ولي العهد السعودي الأحد في نواكشوط. وسبقه إليها وزير الخارجية عادل الجبير لترتيب جدول أعمال الزيارة ولقاء نظيره الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد.
وسبقت الزيارة حملة داعمة لها بين المثقفين والإعلاميين والسياسيين في مقابل حملة مضادة سعى تجمع “تواصل” الإخواني لتوظيفها لحسابه الخاص في صراعه مع الحكومة التي قامت في الفترة الأخيرة بالتضييق على أنشطته بسبب شكوك حول ارتباطاته المالية والتنظيمية الخارجية.
وعقد عدد من المثقفين والإعلاميين والبرلمانيين وشخصيات حزبية ندوة فكرية عن العلاقات الموريتانية السعودية وآفاق تطويرها، وحضرها جمهور من الشباب والطلبة، فيما سعى الإخوان إلى تنظيم احتجاجات محدودة أمام المساجد.
وفي الجزائر، أطلق تحالف مثير للاستغراب بين أطراف علمانية وإخوانية عريضة ضد الزيارة وقعتها أسماء متنافرة أيديولوجيا على غرار الروائيين الغريمين رشيد بوجدرة وكمال داوود، ورئيس جمعية علماء المسلمين الجزائريين عبدالرزاق قسوم، المحسوب على تيار الإخوان.
لكن الموقف الرسمي بدد هذه المساعي، فقد ذكرت برقية لوكالة الأنباء الرسمية أن “الجزائر والعربية السعودية تسعيان إلى إعطاء دفع جديد للتعاون الثنائي، وفتح آفاق للمستثمرين من أجل رفع حجم التبادل التجاري، وذلك بتجسيد مشاريع الشراكة والاستثمار التي تم الاتفاق عليها خلال الزيارات المكثفة لكبار المسؤولين في البلدين خلال السنوات الماضية”.
وأضافت أن “زيارة ولي العهد السعودي للجزائر، على رأس وفد عالي المستوى يضم أعضاء في الحكومة ورجال أعمال وشخصيات بارزة، تكرس العلاقات المتميزة التي تربط البلدين والإرادة المشتركة لقيادتيهما في توسيع الشراكة الاقتصادية بينهما”.
وقالت أوساط جزائرية إن الإخوان سعوا للتخفي وراء العريضة كونها تضم علمانيين لتمرير حقدهم على السعودية التي تصدت في السنوات الأخيرة لأفكارهم وحاصرت أنشطتهم، وبدا لهم أن الإصلاحات التي بدأها الأمير محمد بن سلمان تستهدف نفوذهم في المنابر الدينية والتعليمية والإعلامية.
والأمر نفسه حصل في تونس، حيث هاجم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، ثم حرص أنصار الحركة على التخفي وراء الاحتجاجات المحدودة حتى لا يظهروا في الصورة كطرف معاد للرياض.
ولم يخف رئيس حركة مجتمع السلم الإخوانية عبدالرزاق مقري، معارضته لزيارة الأمير محمد بن سلمان، معتبرا أن “استقبال ولي العهد السعودي في هذه المرحلة لا يخدم صورة الجزائر”، زاعما أن الأمير محمد بن سلمان “استجاب لدعوة ترامب بإسقاط أسعار النفط، وهو يعلم أن هذا سيضر الجزائر كثيرا ويضعها على حافة الانهيار”.
وفي نفس السياق ذهب القيادي ورئيس الكتلة النيابية لـ”حمس″ في البرلمان ناصر حمدادوش، إلى القول إن حركته “ليست ضد العلاقات الجزائرية السعودية، لكن توقيت زيارة ولي العهد السعودي غير مناسب”.
وأبدى ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي استغرابهم لحملة الرفض التي تشنها بعض الأوساط لإرباك زيارة ولي العهد السعودي للجزائر، وأشار بعضهم إلى ما أسموه بـ”الخلفيات المشبوهة” لتلك الأوساط، التي ترحب دوما بزيارة رؤساء أوروبا وعلى رأسهم رؤساء فرنسا.
وكانت الخارجية الجزائرية، قد أكدت ثقتها في الأمن والقضاء السعوديين في الوصول إلى الحقيقة في قضية خاشقجي، بعيدا عن المزايدات السياسية.