الجولة الأولى لم تحسم اختيار الرئيس العراقي والكلمة للثانية

بغداد – بدأ مجلس النواب العراقي الخميس الجولة الثانية على التصويت لاختيار رئيس للدولة، بعدما انتهت الأولى بعدم حصول أي من المرشحين على ثلثي أصوات النواب.
وقال نائب عن تحالف السيادة "المنافسة في تصويت مجلس النواب على منصب الرئيس العراقي (في الجولة الأولى) كانت محصورة بين الرئيس الحالي برهم صالح والمرشح عبداللطيف رشيد".
وبحسب وسائل إعلام محلية، فإن المرشح لرئاسة العراق عبداللطيف حاليا حصل على 157 صوتا، فيما حصل برهم صالح على 99 صوتا.
وفي فرز الأصوات بالجولة الثانية أظهرت صور بثتها قنوات تلغرام تابعة للإطار التنسيقي، تقدم رشيد على صالح.
وسيكون على المرشح الحصول على أغلبية أصوات الأعضاء الحاضرين بتصويت نصف عدد الأعضاء زائد واحد للفوز بمنصب الرئيس.
ويعقد مجلس النواب العراقي الخميس جلسته الاعتيادية لانتخاب رئيس للبلاد، في خطوة تهدف إلى إخراج البلاد من مأزق سياسي عميق متواصل منذ عام، وتخللته مراحل من العنف والتوتر، انعكس في قصف صاروخي للمنطقة الخضراء أسفر عن سقوط عشرة جرحى.
وأعلنت الدائرة الإعلامية لمجلس النواب، عقب انعقاد الجلسة، تقديم طلب لسحب ترشيح ريبر أحمد وعمر البرزنجي، لمنصب رئيس الجمهورية إلى رئاسة المجلس.
وانطلقت الجلسة بعد ساعتين على موعدها المقرر بحضور 269 نائبا من أصل 329، ما يعني تحقق النصاب، فيما كانت الكتل السياسية تواصل مفاوضات اللحظة الأخيرة، في بلد متعدد الطوائف والإثنيات ومنقسم إلى حدّ كبير.
وفي انعكاس لحالة التوتر، تعرضت المنطقة الخضراء حيث يقع البرلمان ومؤسسات حكومية وسفارات أجنبية وأحياء مجاورة، لقصف بتسعة صواريخ من نوع كاتيوشا، بحسب بيان لخلية الإعلام الأمني الحكومية.
وسُمع في البرلمان دوي انفجارات، فيما سقط صاروخ قرب المبنى. ولا تتبنى أي جهة هذه الضربات التي تتكرر من حين إلى آخر.
وأصيب عشرة أشخاص بجروح، بينهم ستة من قوات الأمن وحرس النواب، وفق مصدر أمني، كما أصيب 4 مدنيين بجروح عند سقوط صاروخ في حي سكني مجاور للمنطقة الخضراء.
ونددت سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى العراق ألينا رومانوسكي الخميس بشدة بالقصف الصاروخي الذي استهدف المنطقة الخضراء عبر حسابها على تويتر، قائلة "إنني أدين بأشد العبارات الهجمات الصاروخية بالقرب من مجلس النواب العراقي". وذكرت أنه "يجب على الشعب العراقي إيجاد حلول لخلافاته السياسية ولتحقيق مطالبه من خلال الوسائل السلمية فقط".
كما أكدت السفيرة أن "مثل هذه الهجمات تقوض الديمقراطية وتحاصر العراق في دائرة دائمة من العنف".
وأعلن قيادي في التيار الصدري الخميس رفضه استخدام السلاح لعرقلة جلسة مجلس النواب العراقي.
وقال حسن العذاري، عبر حسابه على تويتر، إن "كل من يستعمل السلاح لعرقلة الجلسة فهو يوالي الفاسدين ويريد هيمنته على الوطن والشعب".
وشدد العذاري، وهو رئيس الكتلة النيابية الصدرية المستقيلة، على أن "العراق أكبر من السلاح المنفلت".
ومنذ الانتخابات التشريعية في العاشر من أكتوبر 2021، لا تزال الأطراف السياسية النافذة عاجزة عن الاتفاق على اسم رئيس جديد للجمهورية وتعيين رئيس جديد للحكومة، الأمر الذي أدّى إلى تفاقم الأزمة.
وفي صميم الأزمة الخلاف بين المعسكرين الشيعيين الكبيرين: التيار الصدري من جهة، والإطار التنسيقي الذي يضمّ كتلا عدّة، من بينها دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وكتلة الفتح الممثلة لفصائل الحشد الشعبي.
وتتولى المنصب عادة شخصية من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، فيما يدير الحزب الديمقراطي الكردستاني حكومة إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي. لكن الحزب الديمقراطي الكردستاني بات يسعى كذلك إلى منصب رئاسة الجمهورية.
وأخفق البرلمان ثلاث مرات هذا العام في انتخاب رئيس للجمهورية لعدم تحقق نصاب الثلثين المطلوب لذلك (220 نائبا من أصل 329).
ووضعت القوات الأمنية صباح الخميس سواتر أسمنتية وأغلقت جسرين في بغداد أمام حركة السير، ما أثار حالة ازدحام.
وتأتي هذه الجلسة وسط عدم اتفاق الحزبين الكرديين الرئيسين على مرشح واحد لتولي هذا المنصب، بعدما تحدثت مصادر سياسية قريبة من الحزب الديمقراطي الكردستاني خلال الساعات القليلة الماضية عن توافق كردي - كردي على اختيار وزير الموارد المائية السابق عبداللطيف رشيد، البالغ من العمر 78 عاما، مرشحا توافقيا لانتخابات الرئاسة.
لكن الاتحاد الوطني الكردستاني رفض وجود أي توافق بشأن الرئاسة، مؤكدا أن مرشحه لمنصب رئيس الجمهورية هو برهم صالح دون سواه، بعدما أعلنت كتلة ائتلاف دولة القانون التي يرأسها رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي أن حزب بارزاني سحب مرشحه لرئاسة الجمهورية ريبر أحمد، وطرح اسم عبداللطيف رشيد مرشحا توافقيا لتقلّد المنصب.
وقال سوران جمال طاهر، المتحدث باسم الاتحاد الوطني الكردستاني، الأربعاء "نوضح للجميع أن المرشح الرسمي لمنصب رئيس الجمهورية هو برهم صالح".
وأضاف المتحدث أن "الاتحاد الوطني يريد أن يخدم الجميع ويسمي مرشحا من قبله لرئاسة الجمهورية يحمي الدستور والحقوق القومية".
وفجّر عدم توافق الحزبين الكرديين انقساما بين القوى السياسية داخل البرلمان بشأن انتخاب رئيس للجمهورية.
ونقلت وكالة شفق نيوز عن مصدر برلماني قوله "هناك فريقان: الأول كل من حزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة وجزء من الإطار التنسيقي، سيصوتون لصالح لطيف رشيد، والفريق الثاني كل من الاتحاد الوطني والجزء الآخر من الإطار وعدد من النواب المستقلين، سيصوتون لبرهم صالح".
وأعلن حزبان معارضان صغيران يملكان معا 15 نائبا، مقاطعتهما جلسة الخميس.
وفور انتخابه، يمكن للرئيس الجديد تكليف رئيس حكومة، تختاره الكتلة الأكبر في البرلمان. ويقول حمزة حداد الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية إن "محمد شياع السوداني هو الشخصية الأوفر حظا" لهذا المنصب، وهو وزير ومحافظ سابق عمره 52 عاما، اختاره الإطار التنسيقي.
لكن حداد يشير إلى أن "في السياسة العراقية، كلّ شيء يمكن أن يتغير في اللحظة الأخيرة".
ومنذ إسقاط نظام صدام حسين في العام 2003 إثر الغزو الأميركي، تهيمن الأحزاب الشيعية على الحياة السياسية.
وكان ترشيح الإطار التنسيقي لمحمد شياع السوداني في الصيف، شرارة أشعلت التوتر بين الإطار والتيار الصدري الذي اعتصم مناصروه أمام البرلمان نحو شهر.
لكن الإطار التنسيقي الذي يضمّ كتلة نوري المالكي، رئيس الوزراء الأسبق والخصم التاريخي للصدر، لم يتراجع عن مرشحه.
ويعتزم الإطار تشكيل حكومة، وهو يمثّل حاليا الكتلة الأكبر في البرلمان، بعد الانسحاب المفاجئ لنواب التيار الصدري وعددهم 73 نائبا من البرلمان.
ويطالب الصدر، الذي اعتاد على إطلاق المفاجآت السياسية، بحلّ البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.
ولا يزال موقفه بشأن التطورات غير معروف. وكان أثبت في الأسابيع الأخيرة قدرته على زعزعة المشهد السياسي عبر تعبئة عشرات الآلاف من مناصريه للنزول إلى الشارع.
وبلغ التوتر ذروته في التاسع والعشرين من أغسطس، حين قتل 30 من مناصريه في اشتباكات داخل المنطقة الخضراء مع قوات من الجيش والحشد الشعبي، وهي فصائل مسلحة شيعية موالية لإيران ومنضوية في أجهزة الدولة.
ومذاك، لم يعلق الصدر على أي مسألة سياسية. لكنه دعا مطلع أكتوبر إلى استبعاد "الوجوه القديمة وأحزابها وأشخاصها" من الحكومة، معربا عن انفتاحه على "حوار علني".
ونشر الخميس تغريدة يشجع فيها التلاميذ على بدء العام الدراسي الجديد.
وكانت بعثة الأمم المتحدة في العراق قد دعت الاثنين الأطراف السياسية إلى الانخراط في "حوار دون شروط مسبقة"، من أجل إيجاد مخرج لـ"أزمة طال أمدها تنذر بالمزيد من عدم الاستقرار".