الجولاني يرد 'الجميل' لأردوغان: لتركيا الأولوية في إعادة اعمار سوريا

أنقرة – قال رئيس هيئة تحرير الشام أحمد الشرع المعروف باسم أبومحمد الجولاني في مقابلة مع صحيفة 'يني شفق' التركية المقربة من الحكومة، إن الأولوية لإعادة اعمار سوريا ستكون لتركيا التي عرضت اللجوء لملايين السوريين خلال الحرب الأهلية، سيكون لها الأولوية.
وتحدث في مقابلة مع ياسين أقطاي عن انهيار نظام بشار الأسد وعملية إعادة إعمار سوريا وعن علاقة الحكومة السورية الجديدة بتركيا ورسالته للشعب التركي.
وقال إن أنقرة احتضنت واحترمت السوريين الفارين من الحرب أكثر من أي دولة أخرى، مضيفا "آمل أن لا تنسى سوريا هذا اللطف"، مضيفا أن تركيا سيكون لها الأولوية في إعادة بناء الدولة السورية الجديدة بما في ذلك العلاقات التجارية المتبادلة.
وتابع "إننا نثق في قدرة تركيا على تقاسم تجربتها التنموية الاقتصادية مع سوريا وسنحافظ على الروابط الاجتماعية... هذا النصر ليس للشعب السوري فقط، بل للشعب التركي أيضا، لأنه انتصار للمظلوم على الظالم".
ومنذ اندلاع الحرب الأهلية السورية في عام 2011، أصبحت تركيا الدولة المضيفة لأكبر عدد من اللاجئين السوريين، حيث بلغ عددهم نحو 3.6 ملايين لاجئ. كما قدمت دعما سخيا للفصائل المسلحة ولعبت المخابرات التركية دورا كبيرا في بناء قدراتها العسكرية وحتى في هيكلتها وتنظيمها.
وفي ما يتعلق بخطة الحكومة الجديدة لعودة اللاجئين خاصة المتواجدين في تركيا، قال الجولاني إنه يجب تهيئة البيئة المناسبة لعودة النازحين إلى مناطقهم لحل هذه الوضعية، مضيفا "علينا أن نبني مساكن عالية الجودة ونقدم الخدمات، ثم نركز على تنمية الاقتصاد. وأعتقد أن الناس، نصفهم على الأقل، سيعودون إلى سوريا بأعداد كبيرة".
وقال إن القيادة الجديدة تركز على إعادة بناء سوريا، وإن الأولوية العاجلة ستكون استعادة الاستقرار وتوفير الخدمات الأساسية، مثل الأمن والكهرباء والغذاء والوقود للشعب.
وفي المقابلة الصحفية، تحدث الجولاني كذلك عن أهوال سجن صيدنايا، حيث نفذ النظام عمليات إعدام جماعية وتعذيب وفظائع أخرى. وأكد على ضرورة توثيق هذه الجرائم لمنع تكرارها وتقديم المسؤولين عنها، وخاصة الجلادين، إلى العدالة. كما اقترح تحويل سجن صيدنايا إلى متحف، قائلا إنه يجب الحفاظ عليه باعتباره "نصبا تذكاريا لجرائم النظام ضد الشعب السوري".
وتطرق زعيم هيئة تحرير الشام أيضا إلى السقوط السريع لنظام الأسد، عازيا انتصار الهيئة والفصائل المتحالفة معها إلى التخطيط الاستراتيجي وتصميم الشعب، موضحا أنه لم تكن هناك أي اتفاقات خارجية مع دول مثل روسيا أو إيران.
وأكد على الأساس الأخلاقي للثورة قائلا "لقد قاتلنا من أجل رفع الظلم وليس من أجل الانتقام"، مشيرا إلى أن الرحمة هي مفتاح انتصارهم.
ولعبت تركيا دورا حاسما في الهجوم المباغت الذي شنته هيئة تحرير الشام وفصائل متحالفة معها على العاصمة دمشق حتى اطاحة النظام وتعمل حاليا على حشد المجتمع الدولي للاعتراف بالسلطة الجديدة وقد طلبت علانية منحها فرصة للحكم.
وكانت أول من بادر بإرسال وفد رفيع المستوى بعيد اسقاط بشار الأسد قاده رئيس المخابرات المستشار السابق للرئاسة التركية إبراهيم كالين وأول من بادر أيضا بتعيين بعثة دبلوماسية في سوريا.
ولتركيا صلات قوية مع الجماعات السورية المسلحة التي انحسر نفوذها في شمال سوريا لسنوات بعد أن نجح الأسد بدعم إيراني روسي في قلب موازين القوى لصالحه قبل أن تنقلب الأمور رأس على عقب في الأشهر القليلة الماضية.
ولم تكن أنقرة وهيئة تحرير الشام على وفاق تام خاصة بعد أن أبدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انفتاحه على مصالحة مع النظام السوري وسعى إلى مصالحة قالت حكومة الأسد حينها إنها لن تتحقق قبل انسحاب القوات التركية وحل ملف الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا.
وخلال تلك الفترة شهدت المناطق التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام أكبر الفصائل الإسلامية المسلحة، مظاهرات حاشدة تنديدا بمحاولات التقارب التركي السوري. ووصف قادة منها مساعي المصالحة التركية مع الأسد بأنها "طعنة في الظهر".
لكن بعد تعنت النظام السوري ووضعه شروطا لم يكن من الممكن لتركيا تنفيذها، عمل الأتراك على معادلة جديدة للضغط على الأسد من خلال تحريك الفصائل التي سيطرت على حلب ومنها زحفت الى حماة وصولا إلى دمشق من دون أن يكون مخططا أن تُسقط النظام، إلا أنها تفاجأت بانسحابات مريبة للجيش السوري، ما سهل سيطرتها على العاصمة ودفع بشار الأسد للفرار إلى موسكو بترتيبات روسية أعدت على ما يبدو بشكل مسبق.
وبدا واضحا أن أكبر من سيكون مستفيدا من الوضع الجديد في سوريا هي تركيا باعتبار دورها في تشكيل الفصائل المسلحة التي يمسك جزء كبير منها الآن بمقاليد السلطة.
وطبيعي أن تلعب أنقرة على هذا الوتر لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وعسكرية، إذ إلى جانب ظفرها المحتمل جدا بعقود إعادة الاعمار، سيكون لها دور كبير في تشكيل الجيش السوري الجديد وتسليحه.
ولا تهدأ جهود أنقرة في فتح سوق أسلحتها على الخارج، لكن بالنسبة لسوريا أصبح الوضع أسهل بكثير لتصدير أسلحتها وستكون لها الأولوية أيضا في عقود التسليح.
كما ستعمل على الاستفادة من حلفائها من الفصائل السورية في كبح نفوذ المسلحين الأكراد وقد أطلقت بالفعل حملة عسكرية تشارك فيها الميليشيات المحلة وتحشد عسكريا لتنفيذ هجوم كبير على قوات سوريا الديمقراطية بعد أن سيطر حلفاؤها على عدة مناطق بينها منبج.