الجولاني يدعو إلى إرساء عقد اجتماعي ويعد بإدماج الفصائل المسلحة

دمشق - تعهّد أبومحمد الجولاني، قائد "هيئة تحرير الشام" التي تولّت السلطة في سوريا إثر فرار الرئيس المخلوع بشار الأسد، "حلّ الفصائل" المسلّحة في البلاد، داعيا إلى "عقد اجتماعي" بين الدولة وكل الطوائف ومطالبا برفع العقوبات المفروضة على دمشق.
وفي بيان باسم تحالف الفصائل المسلّحة التي تقودها الهيئة، قال الجولاني الذي بات يستخدم اسمه الأصلي وهو أحمد الشرع، إنّه "يجب أن تحضر لدينا عقلية الدولة لا عقلية المعارضة (...) سيتمّ حلّ الفصائل وتهيئة المقاتلين للانضواء تحت وزارة الدفاع وسيخضع الجميع للقانون".
وأضاف أنّ "سوريا يجب أن تبقى موحّدة، وأن يكون بين الدولة وجميع الطوائف عقد اجتماعي لضمان العدالة الاجتماعية".
وبحسب البيان فقد أدلى الجولاني بتصريحه هذا خلال اجتماع مع عدد من أبناء الطائفة الدرزية في سوريا.
ونقل البيان عن الجولاني قوله إنّ "ما يهمّنا هو ألا تكون هناك محاصصة"، مؤكّدا أنّه "لا توجد خصوصية تؤدّي إلى انفصال".
وخلال لقائه دبلوماسيين بريطانيين في دمشق، شدّد الجولاني على ضرورة رفع العقوبات الدولية المفروضة على بلاده لتسهيل عودة اللاجئين الذين فرّوا بسبب الحرب.
وقال زعيم هيئة تحرير الشام إنّ "دور بريطانيا الهامّ دوليا وضرورة عودة العلاقات"، مؤكدا كذلك على "أهمية إنهاء كافة العقوبات المفروضة على سوريا حتى يعود النازحون السوريون في دول العالم إلى بلادهم".
ورحّبت دول ومنظمات عديدة بسقوط الأسد، لكنّها قالت إنها تنتظر لترى كيف ستتعامل السلطات الجديدة مع الأقليات في بلد متعدد الطوائف والإثنيات.
وخلال لقائه الوفد البريطاني أكّد الجولاني أنّ نظام الأسد "دمّر كلّ شيء، حتى مؤسسات الدولة، واستهدف كلّ الطوائف".
وتقول هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) إنّها لم تعد تعتنق الفكر الجهادي وهي تسعى للظهور بمظهر الحركة الإسلامية المعتدلة، لكنّ دولا غربية عديدة ما زالت تصنّفها "تنظيما إرهابيا".
وبعد هذا الوفد الدبلوماسي البريطاني، من المقرر أن تصل إلى دمشق الثلاثاء بعثة دبلوماسية فرنسية في خطوة غير مسبوقة منذ 12 عاما.
من جهته، وبعد مرور أكثر من أسبوع على إطاحته، خرج الرئيس السابق بشار الأسد عن صمته الاثنين، مؤكدا أنه لم يفر من سوريا إلا بعد سقوط دمشق بأيدي مسلّحي المعارضة، واصفا قادة البلاد الجدد بـ"الإرهابيين".
وبعد هجوم خاطف استمرّ 11 يوما، تمكّنت فصائل معارضة بقيادة هيئة تحرير الشام من دخول دمشق في 8 ديسمبر، وإنهاء حكم عائلة الأسد الذي استمرّ أكثر من نصف قرن وعُرف بالقمع الوحشي. وفر الأسد إلى روسيا.
وأكد مسؤول المساعدات الإنسانية في الأمم المتحدة الاثنين أثناء زيارته دمشق أن سوريا تحتاج إلى "تدفق كبير للدعم".
وقال توم فليتشر إن "سبعة من كل عشرة سوريين يحتاجون إلى المساعدة حاليا"، موضحا أن الأمم المتحدة مستعدة لتكثيف نشاطها.
واحتفل السوريون بسقوط بشار الأسد في أنحاء سوريا، بعد قرابة 14 عاما على بدء الحرب الأهلية التي اندلعت عام 2011 بسبب قمع التظاهرات المطالبة بالديمقراطية، وقد خلف النزاع نصف مليون قتيل ودفع ستة ملايين سوري إلى خارج البلاد.
وبعد حرب أهلية استمرت 13 عاما ودمّرت سوريا وقسّمتها وهجّرت الملايين من أبنائها، تبدو إعادة توحيد هذا البلد اليوم تحديا أساسيا أمام حكّام سوريا الجدد.
وكانت هيئة تحرير الشام أعلنت فك ارتباطها مع تنظيم القاعدة عام 2016، لكنّ العديد من الدول ومن بينها الولايات المتحدة لا تزال تصنّفها "منظمة إرهابية".
وتعمل السلطات السورية الجديدة على طمأنة المجتمع الدولي الذي يجري اتصالات تدريجية مع قادتها، ولا سيّما الجولاني.
وفي هذا الصدد، أعلن الاتحاد الأوروبي إيفاد ممثل رفيع المستوى إلى دمشق للقاء السلطات الجديدة.
واعتبرت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس أنه "يجب ألا يكون هناك مكان" في سوريا لروسيا وإيران.
من جهته، شدد المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسن خلال لقائه الشرع الأحد على "الحاجة إلى انتقال سياسي شامل وذي مصداقية".