الجوع يتغلب على مخاوف الغزيين من منظمة إغاثة مدعومة إسرائيليا

غزة - اقتحم الآلاف من الفلسطينيين الثلاثاء مواقع توزيع المساعدات التي تقدمها مؤسسة إغاثة غزة المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، إذ تغلبت الحاجة الماسة إلى الغذاء على المخاوف المتعلقة بإجراءات الفحص بالمقاييس الحيوية التي قالت إسرائيل إنها ستطبقها.
وبدأت المؤسسة، التي تم إنشاؤها حديثا، عملها في إيصال المساعدات الغذائية إلى القطاع الفلسطيني المدمر، وسط انتقادات أممية وتحديات على الأرض.
وينظر إلى المؤسسة التي تتخذ من جنيف مقرا لها على أنها لصيقة بالأجندة الإسرائيلية، وأن الهدف من إنشائها هو تجاوز القنوات التقليدية، عبر الأمم المتحدة لإيصال المساعدات، ومنح المهمة إلى القطاع الخاص بغرض إضعاف قبضة حماس، من دون الإيفاء بالحد الأدنى من احتياجات السكان.
كما تلاحق المؤسسة الإغاثية شكوك بأنها مجرد غطاء لتمرير التهجير القسري للفلسطينيين في غزة، خصوصا وأن عملها ينحصر في نقاط معينة بجنوب القطاع ووسطه.
وتوافد الآلاف من الفلسطينيين، ومنهم نساء وأطفال، على أحد مواقع توزيع المساعدات في مدينة رفح جنوب قطاع غزة التي تخضع بالكامل لسيطرة الجيش الإسرائيلي، لاستلام الطرود الغذائية بعضهم سيرا على الأقدام وبعضهم على عربات تجرها الحمير.
حماس حذرت السكان من التوجه إلى مواقع مؤسسة إغاثة غزة، قائلة إن إسرائيل تستخدم هذه المؤسسة لجمع معلومات
وأظهرت لقطات طوابير لأشخاص يسيرون عبر ممر تحيطه أسلاك شائكة إلى منطقة كبيرة مفتوحة تتكدس فيها المساعدات.
وفي وقت لاحق، كشفت صور نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي أجزاء كبيرة من السياج مهدمة بينما كان الناس يتدافعون لدخول الموقع.
وقالت إسرائيل ومؤسسة إغاثة غزة، دون تقديم أدلة، إن حركة حماس حاولت منع المدنيين من الوصول إلى مركز توزيع المساعدات. ونفت الحركة هذا الاتهام.
ولفت إسماعيل الثوابتة، مدير مكتب الإعلام الحكومي في غزة، الذي تديره حماس، إلى أن “السبب الحقيقي للتأخير والانهيار في عملية توزيع المساعدات هو الفوضى المأساوية التي وقعت بفعل سوء إدارة الشركة نفسها التي تتبع لإدارة الاحتلال الإسرائيلي ذاته لتلك المناطق العازلة، وما نتج عن ذلك من اندفاع الآلاف من الجائعين تحت ضغط الحصار والجوع، ثم اقتحامهم مراكز التوزيع والاستيلاء على الطعام، تخلله إطلاق نار من الاحتلال الإسرائيلي.”
وكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية أورين مارمورستين على إكس أن 8000 “طرد غذائي” سُلمت إلى الفلسطينيين الثلاثاء، وهو اليوم الأول لما وصفه بمبادرة أميركية.
وعرض بعض الأشخاص محتويات الطرود الغذائية التي تضمنت بعض الأرز والدقيق والفاصوليا المعلبة والمعكرونة وزيت الزيتون والبسكويت والسكر.
إسرائيل تقول إن مؤسسة إغاثة غزة هي مبادرة مدعومة من الولايات المتحدة وإن قواتها لن تشارك في نقاط توزيع المواد الغذائية
وفي المقابل يبدي عدد من الغزيين ترددهم، وقال أبوأحمد (55 عاما) وهو أب لسبعة أبناء “على قد ما أنا بدي أروح لأني جوعان وأطفالي جوعانين كمان على قد ما أنا خايف برضه.”
وأضاف في رسالة على تطبيق واتساب للتراسل “أنا خايف لأنه بيقولوا الشركة إسرائيلية ومرتزقة، وكمان المقاومة حكت أنه ما نروح.”
وتقول إسرائيل إن مؤسسة إغاثة غزة هي مبادرة مدعومة من الولايات المتحدة وإن قواتها لن تشارك في نقاط توزيع المواد الغذائية.
وذكر الجيش الإسرائيلي أن أربعة مواقع للمساعدات أقيمت في أنحاء القطاع خلال الأسابيع الماضية، وأن العمل بدأ في اثنين منها بمنطقة رفح الثلاثاء “وهما يوزعان طرودا غذائية على الآلاف من الأسر في قطاع غزة”.
وقالت مؤسسة إغاثة غزة إن عدد طالبي المساعدات في أحد مواقع التوزيع كان كبيرا جدا في وقت ما الثلاثاء، إلى درجة أن فريقها اضطر إلى التراجع للسماح للناس “بأخذ المساعدات والخروج بأمان” وتجنب الإصابات. وأضافت أن العمليات استؤنفت بشكل طبيعي منذ ذلك الحين.
وأشار مسؤولون إسرائيليون إلى أن إحدى مزايا نظام المساعدات الجديد هي إتاحة الفرصة لفحص المستفيدين لاستبعاد أي شخص يتبين أنه على صلة بحماس.
وتقول منظمات إنسانية أُطلعت على خطط المؤسسة إن أي شخص يحصل على المساعدات سيتعين عليه الخضوع لتقنية التعرف على الوجه التي يخشى الكثير من الفلسطينيين أن ينتهي بها المطاف في أيدي الإسرائيليين لاستخدامها في تعقبهم وربما استهدافهم.
ولم يتم الكشف عن التفاصيل المتعلقة بكيفية عمل النظام على وجه التحديد.

وقاطعت الأمم المتحدة وغيرها من منظمات الإغاثة الدولية المؤسسة الجديدة قائلة إنها تقوض المبدأ الذي ينص على أن المساعدات الإنسانية يجب توزيعها بصورة مستقلة عن أطراف الصراع وعلى أساس الحاجة.
وقال كريستيان كاردون، كبير المتحدثين باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، “يجب عدم تسييس أو عسكرة المساعدات الإنسانية.”
وحذرت حماس السكان أيضا من التوجه إلى مواقع مؤسسة إغاثة غزة، قائلة إن إسرائيل تستخدم هذه المؤسسة لجمع معلومات.
وتواجه حماس منذ شهور احتجاجات من الكثير من الفلسطينيين الذين يريدون إنهاء الحرب المدمرة.
ويأتي إطلاق النظام الجديد بعد أيام من تخفيف إسرائيل لحصارها على غزة، مما سمح بدخول عدد قليل من شاحنات المساعدات من الوكالات الدولية إلى غزة الأسبوع الماضي، ومنها مركبات برنامج الأغذية العالمي التي نقلت الدقيق إلى مخابز محلية.
لكن كمية المساعدات التي دخلت إلى الجيب الساحلي المكتظ بالسكان ليست سوى قدر ضئيل من عدد يتراوح بين 500 و600 شاحنة تقول وكالات الأمم المتحدة إن من الضروري دخولها كل يوم.