الجنينة نموذج للانفلات الأمني المزعج للسلطة في السودان

الدمار يعم المدينة بعد جولة اقتتال قبلي دامية خلفت المئات من القتلى والجرحى.
الجمعة 2021/04/16
إجراءات عاجلة لمعالجة الوضع المضطرب

الجنينة (السودان) - تسارع السلطة الانتقالية في السودان الزمن لإثبات قدرتها على استعادة الأمن والقانون في مناطق التوتر في إقليم دارفور، بعد انسحاب القوة الأممية وإحلال قوة محلية مكانها، لكن المعارك الدامية الأخيرة سلطت الضوء أكثر على مدى نجاح الخرطوم في إطلاق حوار مجتمعي بالتوازي مع عملية فرض الأمن والقانون.

وأنهى عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان الأربعاء جولة استمرت يومين في مدينة الجنينة، أعقبها إعلانه لقرارات يتضمن بعضها خطة لـ“ترسيخ الأمن” في المنطقة المضطربة.

وكانت مشاهد الدمار والتخريب ظاهرة للعيان في عيون الكاميرات التي واكبت جولة رئيس مجلس السيادة إلى مدينة الجنينة. ويقول مراقبون إن هذا الأمر يدفع بالسلطة الانتقالية إلى تعزيز عملها لمنع تجديد أعمال العنف لأنها ستكون مقياسا لمدى نجاحها في فرض الأمن بعد التوقيع على اتفاق جوبا وفرض الترتيبات الأمنية.

عزالدين الشيخ: هدفنا بسط هيبة القانون وتعزيز قيم السلم الاجتماعي
عزالدين الشيخ: هدفنا بسط هيبة القانون وتعزيز قيم السلم الاجتماعي

وأوكل البرهان لوزير الداخلية في الحكومة الانتقالية السودانية مهمة التباحث مع مختلف القوى السياسية والمجتمعية في منطقة الجنينة التي شهدت أعمال عنف دامية.

والتقى الفريق أول عزالدين الشيخ بلجنة خماسية من قبيلة المساليت التي كانت محور الاشتباكات الأخيرة مع قبيلة “الرزيقات”.

وأكد الوزير السوداني على الالتزام التام بكافة القرارات التي اتخذتها السلطة الانتقالية لـ“بسط هيبة القانون وتعزيز قيم السلم الاجتماعي بين مكونات المجتمع”.

وأشار إلى ضرورة التعاون الكامل مع الأجهزة المختصة لصد المنفلتين والقبض عليهم ومكافحة أوكار الجريمة ومنع الظواهر السالبة، فضلا عن جمع السلاح.

وشهدت الجنينة أحداث عنف قبلية أدت إلى مقتل أكثر من 144 شخصا وإصابة نحو 233 بحسب إحصاءات لجنة أطباء السودان غير الحكومية.

ويعد انتشار السلاح العائق الأبرز في طريق السلطة الانتقالية التي تستعد لإرسال 12 ألف جندي للقيام بالمهام الأمنية في دارفور.

ويقول مراقبون إن من الضروري على السلطة الانتقالية العمل على معالجة الجوانب النفسية والاجتماعية للمواطنين في دارفور، فاشتباكات مدينة الجنينة قديمة ومتراكمة، وتحتاج للبحث في جذور الأزمة وبناء جدار الثقة بين أصحاب المصلحة في المنطقة.

وكشف وزير الداخلية أن السلطة الانتقالية تستعد لطرح مبادرة مجتمعية لمساعدة المتضررين والمتأثرين بالحرب من كل الأطراف المتصارعة في مدينة الجنينة.

وتبحث السلطة الانتقالية كيفية تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة للمتضررين جراء الأحداث الدامية في الجنينة عبر منظمات إنسانية محلية ودولية.

وقال عمر عبدالكريم مفوض المساعدات الإنسانية في غرب دارفور، إنه شرح الوضع الإنساني للسلطات والحاجة إلى تقديم يد العون للنازحين البالغ عددهم 95 ألف نازح يتوزعون على المؤسسات الحكومية من بينهم النساء والأطفال وكبار السن.

وأكد عبدالكريم على ضرورة نبذ العنف والاحتراب ورتق النسيج الاجتماعي وتعزيز قيم المصالحة والسلم في مدينة الجنينة.

ودعا القيادي في حركة “تحرير السودان” مصطفى تمبور الحكومة الانتقالية لإغلاق الحدود مع تشاد وأفريقيا الوسطى وليبيا وجنوب السودان “للحد من انتشار السلاح وإيجاد سد منيع لعابري هذه الحدود من المتفلتين والميليشيات”.

واعتبر تمبور أن حسم حالة الانفلات “يتطلب من الحكومة التحرك لغلق الحدود الإقليمية مع دارفور”.

وتحتاج مهمة فرض الأمن في مناطق مختلفة من دارفور إلى جمع السلاح، حيث تفيد تقارير غير رسمية بأن القبائل تمتلك مئات الآلاف من قطع السلاح بينها أسلحة ثقيلة ومتوسطة.

ودعا تمبور إلى “تشكيل آلية القوة المشتركة التي قوامها 12 ألف جندي بأسرع ما يكون في إطار الترتيبات الأمنية لاتفاق السلام، لتنتشر في إقليم دارفور من أجل توفير الأمن على الأرض”. وعزا التأخر في تشكيل تلك الآلية لأسباب لوجستية في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور الذي تعاني منه البلاد.

وكان مجلس الوزراء السوداني قد أعلن في يناير الماضي عن تشكيل قوة حماية المدنيين في ولايات دارفور تتكون من 6 آلاف جندي من قوات الشرطة والجيش والدعم السريع والمخابرات، حيث ينتظر انضمام 6 آلاف جندي إضافي من الحركات الموقعة على اتفاق السلام في جوبا لتعزيز مهمة القوة.

وانضمت حركة تحرير السودان إلى اتفاق السلام مع الحكومة السودانية المعروف باتفاق سلام جوبا في السادس والعشرين من مارس الماضي.

2