الجنرال تياني يتّهم فرنسا بالسعي لزعزعة استقرار النيجر

حدة تصريحات الجنرال تياني تظهر توترا كبيرا بين باريس ونيامي وأن القطيعة بينهما أصبحت أمرا واقعا يصعب تلافيه.
الأحد 2024/08/04
تياني يدفع نحو قطيعة نهائية مع فرنسا

نيامي (النيجر) - اتّهم قائد المجلس العسكري الحاكم في النيجر الجنرال عبدالرحمن تياني السبت فرنسا بالسعي إلى “زعزعة استقرار” بلاده، وذلك بعد مرور سبعة أشهر على طرد الجنود الفرنسيين المشاركين في عملية مكافحة الجهاديين. وتظهر حدة التصريحات توترا كبيرا بين باريس ونيامي وأن القطيعة بين فرنسا والنيجر أصبحت أمرا واقعا يصعب تلافيه، وهي قطيعة آخذة في التوسع ضد الفرنسيين ومصالحهم في منطقة الساحل.

ومنذ انقلاب السادس والعشرين من يوليو 2023 الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد بازوم وأوصل تياني إلى السلطة، يوجّه الأخير إلى باريس انتقادات لاذعة، ويندّد بالاتفاقات العسكرية المبرمة معها، ما أفضى إلى خروج القوات الفرنسية. والسبت خلال مقابلة أجراها معه التلفزيون الرسمي النيجري استمرت ساعتين بمناسبة الذكرى 64 لاستقلال البلاد، قال قائد المجلس العسكري إن “هذه الإرادة المريضة الساعية لزعزعة استقرار النيجر توسّعت من خلال إعادة تموضع كل عملاء أجهزة الاستخبارات الفرنسية الذين طردناهم من أراضينا”.

وأضاف تياني "أعادوا التموضع في نيجيريا وبنين"، مشيرا إلى "تحرك من أجل زعزعة الاستقرار” لـ”مجموعة من العملاء المخربين الذين يتحركون باللباس المدني” و”عناصر من القوات المسلحة البنينية (يتحركون) هم أيضا باللباس المدني”. وتتّهم النيجر بانتظام كوتونو بإيواء “قواعد فرنسية”. هذه الاتهامات أفضت إلى خلافات دبلوماسية قائمة منذ أشهر مع بنين التي اتّخذت موقفا متشددا في إطار عقوبات صارمة فرضتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس) على نيامي إثر الانقلاب.

◙ منذ انقلاب السادس والعشرين من يوليو 2023 الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد بازوم وأوصل تياني إلى السلطة، يوجّه الأخير إلى باريس انتقادات لاذعة

لكن على الرغم من أن العقوبات رُفعت في فبراير الماضي ترفض نيامي إعادة فتح الحدود وقد أوقفت ضخ النفط الخام عبر خط للأنابيب إلى ميناء بنين. إلا أن بنين وفرنسا لطالما نفتا هذه الاتهامات. والسبت شدّد تياني على أنه “في اليوم الذي نقتنع فيه بعدم وجود أي تهديد من جانب بنين، سنتّخذ التدابير المناسبة لإعادة فتح الحدود”.

وفي حين تشهد العلاقات بين النيجر وبنين تأزما، تقرّبت الأولى من بوركينا فاسو ومالي المجاورتين. والبلدان يحكمهما أيضا مجلسان عسكريان استوليا على السلطة بانقلابين. والدول الثلاث منضوية في “تحالف دول الساحل”، ويمكن أن تستفيد قريبا من النفط النيجري، وفق تياني.

وشدّد تياني على أن تكرير النفط محليا من شأنه أن “يلبي الاحتياجات” الوطنية ولـ”شعوب الاتحاد”، مشيرا إلى بناء مصفاة ومنشأة للبتروكيماويات في دوسو الواقعة على بعد نحو مئة كيلومتر من نيامي. وجعل رؤساء دول الساحل الثلاث من السيادة المحور الرئيسي لحكمهم. وابتعدوا عن فرنسا، القوة المستعمرة السابقة، وطردوا تدريجيا القوات الفرنسية. واتجهت الدول الثلاث إلى بلدان أخرى مثل روسيا وتركيا وإيران، واصفة هذه الدول بأنها “شريكة صادقة”.

ودعا عدد من رؤساء غرب أفريقيا في الأسابيع الأخيرة إلى إيجاد حل لمعاودة الحوار بين الطرفين. ومن بينهم رئيس السنغال باسيرو ديوماي فاي الذي رأى في مايو أنه من الممكن إحلال مصالحة بين دول سيدياو ودول الساحل الثلاث. وفي يونيو دعا نظيره الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، بعد مرور زمن قليل على إعادة انتخابه، دول غرب أفريقيا إلى التحالف مجددا لمواجهة توسع الحركات الجهادية. وفي مطلع مارس الماضي أعلنت مالي وبوركينا فاسو والنيجر إنشاء قوة مشتركة لمكافحة الجهاديين، من دون تحديد معالمها وعتادها وعدتها.

وينتظر سكان المنطقة أن تصدر عن القمة الثلاثية قرارات مهمة تتعلق بتوحيد الجهود الأمنية والعسكرية لمواجهة الإرهاب، والدفع نحو التكامل الاقتصادي، وتكريس رؤية مشتركة للعلاقات مع دول الجوار والمنظمات الإقليمية وعلى رأسها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا التي أعلنت الدول الثلاث في 28 يناير الماضي انسحابها منها اعتبارا من عام 2025، وهو ما يفقد المجموعة ثقلا كبيرا، لاسيما أن الدول الثلاث تمثل حوالي 12 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي و16 في المئة من السكان.

3