الجفاف وسوء الإدارة يوجهان ضربات شديدة لزراعة الأرز في الفلبين

البلد يسير باتجاه تجاوز أكبر المستوردين لهذا المورد في عام 2025.
الاثنين 2024/11/11
لا حياة بلا ماء أو غذاء

تتزايد الأمثلة في الكثير من الدول المنتجة للأرز، بما في ذلك الفلبين، على ما يواجهه المزارعون من محن وصعوبات جراء تأثيرات موجة الاحتباس الحراري وسوء إدارة هذه المشكلة مع قلة الدعم الحكومي اللازم، والتي تفاقم منغصات نشاط هذا المجال المهم لتأمين غذاء الناس.

مانيلا - يركز المزارع الفلبيني أليكس كوينونيس على إنتاج الأرز منذ نحو خمسة عقود، وقد شهد خلال الصيف الماضي جفاف حقله لأول مرة، وأجبر هذا التطور العديد من جيرانه على ترك الحياة الزراعية والتوجه إلى كنس الشوارع.

وقال كوينونيس البالغ من العمر 62 عاما، لمؤسسة تومسون رويترز من مزرعته في مقاطعة مندورو الشرقية بجنوب غرب مانيلا، “لم نتمكن من حصاد أي حبة أرز. كان هذا الجفاف مختلفا عن أي تهديد شهدناه من قبل".

وترى جماعات زراعية أن مزيج الواردات المتزايدة وانخفاض أسعار التجارة وخطة الدعم سيئة التخطيط تسببت في شل قطاع الأرز. ودفعت هذه الأزمة العديد من صغار المزارعين إلى التوقف عن العمل.

ويقود كوينونيس جمعية تشمل 300 مزارع أرز محلي. وقال إن “كثيرين أصبحوا الآن عمال بناء وعمال نظافة وجامعي نفايات حتى يتمكنوا من شراء الطعام أو سداد الديون".

ويعتبر أن أنماط الطقس سريعة التغير وسيل بضاعة الأرز المستوردة قد قوضا المداخيل خلال السنوات الأخيرة. وزادت واردات البلاد بنسبة تبلغ حوالي 60 في المئة منذ عام 2020، كما يشتري التجار الأرز المحلي بمبالغ لا ترتفع كثيرا عن تكاليف الإنتاج.

وتقول الحكومة الفلبينية إن ظاهرة النينيو كلفت القطاع الزراعي نحو 9.5 مليار بيزو (161.7 مليون دولار) من الأضرار حتى مايو الماضي، حيث خفض تغير المناخ إنتاج الأرز.

كاثي إستافيلو: وقت التخلص من القانون الذي خذل المزارعين قد حان
كاثي إستافيلو: وقت التخلص من القانون الذي خذل المزارعين قد حان

ويعمل واحد من كل أربعة فلبينيين في قطاع الزراعة، لكن بيانات وزارة الزراعة الأميركية تؤكد أن البلد الآسيوي أصبح الآن أكبر مستورد للأرز في العالم.

ورفعت البلاد الحد الأقصى لواردات الأرز قبل خمس سنوات لإطعام سكانها البالغ عددهم أكثر من 113 مليون نسمة. كما فرضت رسوما جمركية تتراوح بين 35  و40 في المئة لتخفيف الضربة التنافسية الجديدة.

وتشير التوقعات إلى احتمال أن تستورد البلاد رقما قياسيا قدره 4.7 مليون طن من الأرز هذا العام، لترتفع إلى 4.9 مليون طن في 2025، متجاوزة المستوردين الرئيسيين مثل الصين وإندونيسيا والاتحاد الأوروبي ونيجيريا والعراق.

لكن جماعات المزارعين ترى أن ارتفاع الواردات ونقص المساعدات المقدمة لمكافحة الكوارث تسببا في نزوح المزارعين وتفقير منتجي الأرز وترك البلاد تعتمد على الغذاء الأجنبي.

وقالت كاثي إستافيلو، التي تمثل مجموعة محلية من النساء المزارعات ومجموعة مراقبة الأرز بانتاي بيغاس، إن “وقت التخلص من القانون الذي خذل مزارعي الأرز والمستهلكين خلال السنوات الخمس الماضية قد حان”.

وتسبب الإعصار ياغي (إنتينغ)، وهو خامس إعصار استوائي شهدته الفلبين هذا العام، في أضرار تتجاوز قيمتها 2.2 مليار بيزو (40 مليون دولار) في الزراعة والثروة الحيوانية. وأثر على أكثر من 59 ألف مزارع و37 ألف هكتار من الأراضي الزراعية.

وأكدت جماعة حقوقية في منطقة بيكول في الجزء الشمالي من البلاد تضرر حوالي 90 في المئة من مزارع الأرز التي كانت جاهزة للحصاد بسبب إعصار سبتمبر. وتؤكد إستافيلو أن المزارعين الذين تضرروا من هذه السلسلة من الكوارث المناخية لم يتلقوا أي تعويض حكومي بعد.

وكان من المفترض أن يساعد قانون تعريفة الأرز، الذي اعتمد في فبراير 2019، المزارعين الفلبينيين على توجيه ضرائب الاستيراد إلى صندوق تعزيز القدرة التنافسية للأرز بقيمة تصل إلى 10 مليارات بيزو (1.7 مليار دولار) سنويا. ويهدف الصندوق إلى تمويل الآلات الزراعية الجديدة، وتطوير البذور وإكثارها، كما يشمل مبادرات أخرى.

لكن بيانات من الاتحاد الوطني للمزارعين في الفلبين تبرز أن المزارعين الفلبينيين خسروا حوالي 90 مليار بيزو (1.53 مليار دولار) خلال السنة الأولى من القانون الجديد، حيث دفع التجار الأسعار إلى الانخفاض مع توفر الواردات الجديدة.

ولم يحقق المزارعون خلال هذه الفترة نصف كلفة المعيشة. وكانت منطقة نويفا إيسيا سلة الأرز في البلاد، لكن الكثير من مزارعيها أفلسوا بسبب انخفاض الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة.

◙ 1.53 مليار دولار خسائر المزارعين في السنة الأولى من تطبيق قانون تعريفة الأرز في 2019

وسجّلت الحكومة الفلبينية في 2023 رقما قياسيا قدره 30 مليار بيزو (510 مليون دولار) من الرسوم الجمركية على الأرز المستورد. ويقول محللون إن هذه الأموال لم تساعد المزارعين الفلبينيين المتضررين. وتخصص مانيلا بموجب القانون 5 مليارات بيزو (9 ملايين دولار) سنويا للتعاونيات والجمعيات والوحدات الحكومية المحلية لشراء المعدات الزراعية.

وبحسب المعطيات، فإن مانيلا سلمت أكثر من 26 ألف وحدة من المعدات الزراعية إلى حدود شهر مارس الماضي، واستفاد منها مليون مزارع. لكن إستافيلو قالت إن “العديد من صغار المزارعين لم يكونوا جزءا من التعاونيات أو المجموعات، وهو ما تسبب في استبعادهم من التوزيع”.

ولا يزال عدد أكبر من المزارعين يستأجرون الجرارات والحصادات، وترى إستافيلو أن 10 مليارات بيزو في السنة لا تكفي لخفض كلفة إنتاج الأرز إلى 50 في المئة. كما اشتكى المزارعون من عدم كفاية معونات الأسمدة، ومن توزيع البذور بعد موعد زراعتها أو لأن أثمانها مرتفعة جدا.

وقالت إستافيلو إن "عائدات الأداءات الجمركية التي كان ينبغي توجيهها إلى المزارعين في شكل آلات وأسمدة ومبيدات حشرية لم تُوجّه لخفض تكاليف إنتاجهم ولم تكن كافية لمساعدتهم على المنافسة".

وعلى سبيل المقارنة، قررت تايلاندا في العام الماضي تخصيص 55 مليار بات (1.6 مليار دولار) لدعم مزارعي الأرز. وشكّل هذا سبعة أضعاف المبلغ الذي تعهدت به الحكومة الفلبينية لنظرائهم. وذكرت إستافيلو أن "حوالي 100 ألف مزارع وقّعوا على عريضة تحث الحكومة على إلغاء القانون وتعزيز إنتاج الأرز ومساعدة المزارعين على كسب دخل محترم".

ويكافح المزارعون مثل كوينونيس، الذين لم يجدوا ما يحصدونه، من أجل الحصول على قروض لتمويل الموسم الزراعي المقبل في يونيو. ويعرّض هذا جميع أرباحهم المستقبلية للخطر. وقال كوينونيس إن "الحكومة وعدت بإقراضنا 35 ألف بيزو لكل منتج. ولم نتلق حتى الآن أي شيء منها ولا نعرف كيف نبدأ من جديد".

10