الجزيرة تعيد تموضع خطابها لصالح إيران باتفاق مع وكالة إرنا

لندن – توجت قناة الجزيرة القطرية سياستها التحريرية التحريضية ودعوات الفتنة والفوضى التي انطلقت من قنواتها المتعددة، بإعلان تعاون مع وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا”، المعروفة بتقاريرها العدائية والطائفية في المنطقة، وتحديدا ضد دول الخليج العربي.
وأفادت وكالة الأنباء إرنا الثلاثاء بأن مديرها العام محمد خدادي التقى بمدير عام قناة الجزيرة القطرية مصطفى سواق وبحثا تعزيز التعاون المشترك. وذكرت أنهما أكدا أهمية دور الإعلام في إرساء السلام والمودة والتعاون بين الحكومات والشعوب.
ونقلت الوكالة أن خدادي حذر من مساعي عرقلة النشاطات الإعلامية، وقال إن “وسائل الإعلام في إيران تعمل، وبشكل جاد، على تمهيد أرضية التعاون بين مختلف الشعوب”.
واعتبر متابعون أن خطوة الجزيرة لا تحتاج إلى محللين كبار واختصاصيين في الإعلام لإظهار أنها استفزازية وعدائية وموجهة في المقام الأول لاستهداف الدول الخليجية بالدعاية المضللة التي دأبت عليها وسائل الإعلام الإيرانية العاملة داخل إيران، وتلك الناشطة خارجها وتسير وفق الأهواء الإيرانية بلغة عربية.
الاتفاق يعكس اعترافا قطريا بفشل الجهود التي قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه قام بها لإيجاد تسوية للأزمة القطرية الحالية
وقالت الوكالة الإيرانية إن مدير عام قناة الجزيرة أشاد خلال اللقاء بالتاريخ الإيراني العريق، وأعلن عن استعداد القناة لتعزيز التعاون مع الوكالة، وأشار إلى حرص القناة “على ترسيخ التعاون مع وسائل الإعلام ونقل المعلومات بشأن إيران”.
ورأى مراقبون إعلاميون أن أهمية الاتفاق لا تكمن في فحواه، فمن الطبيعي أن تتبادل وسائل الإعلام المعلومات في ما بينها وتتفق على إرساء تعاون بينها، وإنما تكمن في الإعلان عنه في هذا التوقيت وهذه الظروف بما يمثل رسالة جديدة ترسلها الدوحة من خلال قناة الجزيرة بشأن مضيّها في الاقتراب من طهران على الرغم من موقف الدول المقاطعة كما موقف المجتمع الدولي من تطوير علاقات مع إيران التي تتهمها واشنطن وحلفاؤها بأنها دولة راعية للإرهاب.
واعتبرت مصادر صحافية أن الإعلان عن الاتفاق يعكس اعترافا قطريا بفشل الجهود التي قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه قام بها لإيجاد تسوية للأزمة القطرية الحالية.
وأرادت الدوحة من خلال الإعلان عن اتفاق تقني يجري بين وسيلتين إعلاميتين قطرية وإيرانية تأكيد “التطبيع” في علاقات البلدين، خصوصا أن قناة الجزيرة كان بإمكانها توقيع هذا الاتفاق خلال السنوات الماضية وليس خلال الساعات الماضية.
ويؤكد الاتفاق أن طهران لم تعد ترى قناة الجزيرة قناة معادية، وأن تعاونها مع القناة القطرية يرسم ملامح لإعادة تموضع خطاب الجزيرة لصالح أجندة إيران في المنطقة.
جدير بالذكر أن المتابعين العرب لا يثقون بالأخبار والتقارير التي تنشرها الوكالات الإخبارية الرسمية الإيرانية، رغم تداولها بتركيز من فضائيات ووسائل إعلام عربية محسوبة على إيران في توجهها.
|
وتسعى طهران إلى اختراق المجتمعات العربية عبر العشرات من المواقع الإلكترونية والقنوات والصحف ناقلة خطابا طائفيا في أغلب الأحيان، فضلا عن إثارة مسائل تاريخية ملتبسة تثير الاحتقان والتفرقة بين المسلمين.
وكانت إيران بادرت بإعلان استعدادها لدعم قطر تجاريا فور مقاطعة كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر للدوحة في يونيو الماضي. ومن بين المطالب التي كانت الدول المقاطعة قدمتها لقطر، كشرط للعدول عن قرار المقاطعة، إعلان خفض التمثيل الدبلوماسي مع إيران.
وعلق أحد الصحافيين المتابعين للانقلاب الجذري في خط قناة الجزيرة منذ إعلان الدول العربية مقاطعة قطر بسبب دعمها للإرهاب، قائلا إن “تعزيز التعاون بين منبرين للفوضى والفتنة في المنطقة العربية يبدو واضحا إلى أي طريق سيسير”.
وأضاف الصحافي الذي فضل عدم ذكر اسمه أن “منهج الجزيرة كان واضحا منذ بداياتها، رغم نجاحها في خداع الكثير من الناس، لكن اليوم وبمجرد إلقاء نظرة سريعة على تقاريرها الإخبارية وعناوين مواضيعها، يبدو واضحا انعدام المهنية ولغة التشفي واختلاق الأكاذيب ضد كل من يخالف السياسة القطرية”. وتابع ساخرا “ويا للمصادفة كل ذلك يصب لصالح إيران وأهدافها وأجندتها في المنطقة العربية”.
وهاجم المذيع الأميركي جو سكاربورو مؤخرا قطر واستغلالها قناة الجزيرة لدعم الإرهاب، ونشر الفوضى. واتهم في حلقة من برنامج “مورنينغ جو”، الشبكة الإخبارية القطرية بالدعاية ونشر التضليل ودعم الإرهاب. وأصبحت، وفق تعبيره، منصة لدعم ومساعدة المنظمات الإرهابية.
وقال سكاربورو إن “الأمر يجعل بلدانا مثل السعودية والإمارات محقة في اتهاماتها وتحفظاتها حول القناة”.
وجاء إعلان التعاون بين قناة الجزيرة والوكالة الإيرانية خلال زيارة خدادي دولة قطر بدعوة من “لجنة حقوق الإنسان” القطرية للمشاركة في ملتقى “حرية التعبير نحو مواجهة المخاطر”، الذي نظمته الدوحة في إطار حملتها الدعائية لمظلوميتها، وتجميع الأصوات لنصرة حرية الصحافة المزعومة، والتي تتستر وراءها قناة الجزيرة في تحريضها ضد الدول العربية.
وتحاول قطر حشد التعاطف معها بزعم أنها ضحية لحملة تشويه تستهدف سمعتها. وذكر العديد من الصحافيين أن تغطية قناة الجزيرة القطرية شهدت تحولا كبيرا منذ بدء الأزمة الخليجية مع قطر وإقصائها من التحالف، ولا سيما في تغطيتها للحرب في اليمن.
وبدأت توحي بشرعية الحوثيين وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح، بما يتوافق مع المصالح الإيرانية وما تروج له وسائل الإعلام التابعة لها. وعلق ناشطون يمنيون على مواقع التواصل؛ إذا كان شعار القناة هو “الرأي.. والرأي الآخر” فإن تحولها في تغطية اليمن يأتي تحت شعار “الوجه.. والوجه الآخر”.
واستثمرت قطر أموالا كثيرة في قناة الجزيرة كمنبر للحكومة، بحيث إنها يمكن أن تتوقف عن تمويلها إذا تعرضت للضغط من دول الخليج ومصر.