الجزائر توسع قاعدة المنتسبين إلى الجيش لتشمل الشباب والنساء

الجزائر- تواصل القيادة السياسية والعسكرية الجزائرية ترسيخ توجهاتها الجديدة للمؤسسة العسكرية، من خلال إعطاء طابع أفقي للرتب السامية في صفوف الجيش، بتوسيع الاعتماد على الطاقات الشابة وعلى المرأة، بغية إضفاء بعد احترافي على المؤسسة وتقليص نفوذ كبار الجنرالات.
وبعد عملية الترقية التي شملت العشرات من الضباط الشباب والنساء في العام الماضي يتم الاستمرار في النمط نفسه بترقية نحو مئة ضابط سامي إلى رتبة عميد ولواء، ومن بينهم أربع نسوة.
وانضم نحو ثلاثين لواء وسبعين عميدا إلى سلك الجنرالات، بعد عملية الترقية التي أجراها الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون بمناسبة ذكرى الاستقلال، وشملت العشرات من الضباط السامين، واللافت هو التحاق دفعة جيل جديد من الشباب العسكري بمصاف الرتب السامية، فضلا عن حضور مميز للمرأة.
وتمت ترقية ثلاث عقيدات إلى رتبة عميد، ويتعلق الأمر بكل من لعرج نزيهة ولامية بدار وصونيا بن داود، وترقية عميدة إلى رتبة لواء، ويتعلق الأمر بسامية رزيق، الأمر الذي يكرس نية القيادة السياسية والعسكرية في البلاد إضفاء حالة من التنويع والتجديد على المؤسسة العسكرية، بعدما ظلت الرتب العليا حكرا على نخبة معينة مما يعرف بالحرس القديم.
وانطوت عملية الترقية من جانب آخر على رسالة رد الاعتبار، من خلال ترقية العميد تاج خالد إلى رتبة لواء، بعدما تعرض خلال السنوات الماضية للسجن والتوقيف عن العمل، بسبب خلافه مع قائد الجيش السابق الجنرال الراحل أحمد قايد صالح.
وكان المدير الجديد للأمن الداخلي أحد ضحايا الحقبة التي عادت فيها قيادة المؤسسة إلى جناح قايد صالح، واضطر للفرار إلى إسبانيا عام 2019، خشية وقوعه في الموجة التي أطاحت بعشرات الضباط من مختلف الرتب وتم الزج ببعضهم في السجن لأسباب مختلفة، غير أنه تمت استعادته بعد التحول الذي أطاح بجناح أحمد قايد صالح.
وأشرف الرئيس الجزائري بحضور قائد أركان الجيش الفريق أول سعيد شنقريحة، وضباط سامين في المؤسسة العسكرية، ومسؤولين في الدولة، على تقليد رتب جديدة لعشرات الضباط، كصف العقداء والعمداء والألوية، حيث قدر عدد هؤلاء بأكثر من 100 ضابط. وذلك بمناسبة احتفالات عيد الاستقلال المصادفة للخامس من يوليو.
وتمت ترقية نحو 70 عقيدا إلى رتبة عميد، وهو عدد سيضاف إلى نحو 90 عقيدا تمت ترقيتهم إلى الرتبة نفسها العام الماضي، إلى جانب نحو 30 عميدا تمت ترقيتهم إلى رتبة لواء، فضلا عن عشرات الضباط ذوي الرتب الأقل، الأمر الذي يوحي بتحول لافت في المؤسسة يقوم على تزكية الشباب والكفاءات، وإدراج المرأة كمكون أساسي في المجتمع يستوجب أن تفتح أمامه جميع الوجهات، بما فيها المناصب والرتب السامية في الجيش، والتي ظلت لعقود حكرا على من يعرفون بـ”الحرس القديم”.
وتراوحت أعمار الجيل الجديد من العمداء بين الـ45 والـ55 عاما، ما يوحي بأن القيادة السياسية والعسكرية بصدد تشبيب المؤسسة التي هيمن عليها المسنون في المناصب الحساسة طيلة العقود الأخيرة، وهو ما يطرح فرضية تغييرات أخرى في هرم المؤسسة تجسيدا للإصلاحات التي تعهد بها الرئيس تبون خلال حملته الانتخابية.
ويبدو أن المؤسسة العسكرية في الجزائر عادت إلى تقليدها السنوي المتعلق بترقية وتقاعد وتكريم المنتسبين إليها، بعد سنوات من الحركة المفتوحة على مدار السنة حيث كان يتم الاستغناء عن خدمات الضباط أو التحقيق معهم في أوقات غير مضبوطة، ما أضفى حالة من عدم الاستقرار والترقب الدائم.
وأكد شنقريحة في احتفالية المؤسسة على “أنه يتم العمل على مواصلة عصرنة وتطوير المنظومة العسكرية في المعدات وتأهيل العنصر البشري لمسايرة التكنولوجيات المتطورة والتحكم فيها”.
وقال “الهدف من تطوير وعصرنة المنظومة العسكرية هو حماية أمن الجزائر ومصالحها الحيوية وحدودها البرية والبحرية والمجال الجوي”.
وأوضح أنه “لا شك أن عظمة ذكرى الاستقلال تملي علينا اليوم بإلحاح أن نوليها بعضا من حقها على سبيل التذكير بهذه المحطة التاريخية التي تصنف ضمن أعظم إنجازات القرن الـ20 برجالها وما حملته من قيم تمثل أرقى التضحيات وأخلاق عالية وقدوة لمن أحب هذا الوطن العزيز وأراد خدمته”.
وأضاف “تقليد الرتب وإسداء الأوسمة لعدد من الضباط والمستخدمين بهذه المناسبة هما بمثابة تكريم مستحق لهم نظير الجهود المبذولة من طرف هؤلاء الإطارات”.
وعمدت المؤسسة العسكرية في السنوات الأخيرة إلى استقطاب عناصر النخبة من الجامعات لإلحاقهم بمدارسها المتخصصة في مختلف القطاعات العسكرية، ما أفرز نخبة من الضباط والكفاءات كانت تسرح في سن مبكرة الأمر الذي أثار انتقادات طالبت بإرساء قاعدة التداول في المناصب والرتب السامية والسماح لفئة الشباب والكفاءات بأداء دورها خلفا لعناصر المدرسة القديمة.