الجزائر تنظم "أغرب" انتخابات رئاسية في العالم

تتجه السلطة الجزائرية إلى تنظيم “أغرب” انتخابات رئاسية في العالم، يتنافس فيها خمسة مترشحين وسادسهم “الأوفر” حظا، مختف عن الأنظار. ويدير أطوار حملته الدعائية بواسطة وكلاء يختلفون في كل شيء ولا يتفقون إلا على مرشّحهم.
إذا كانت الاستحقاقات الانتخابية هي حلول لمشاكل الشعوب والحكومات، فإن الانتخابات الرئاسية الجزائرية لا يختلف عليها اثنان، بأنها وجه من وجوه الأزمة، وسبب من أسباب نفق لا أحد يعلم نهايته، ولا كيف يكون وضع الجزائر صبيحة 18 من الشهر الجاري.
لم تعرف الجزائر المستقلة انتخابات رئاسية بهذا الشكل وبهذا المضمون، فرغم هيمنة الحزب الواحد قبل نهاية الثمانينات، ورغم وطأة الأزمة السياسية والأمنية التي انفجرت مع مطلع التسعينات، إلا أنّ البلاد لم تكن في أي استحقاق بهذا الشكل من العبثية والسخرية. ولم يحدث أن عمّر رئيس جزائري أكثر من 13 عاما في منصبه، أمّا في العام 2014 فإن الجزائر تتجه إلى تأكيد 20 عاما من الحكم للرئيس بوتفليقة أو لرئيس مدى الحياة، في صورة كاريكاتورية طمستها أبجديات الديمقراطية والحريات في ربوع العالم بما فيها أفريقيا، ولم يبق النموذج إلا في الجزائر.
المترشح "الشبح"
رغم حالة الجدل والانتقادات التي أثارها مشروع العهدة الرئاسية الرابعة، إلاّ أن عبدالعزيز بوتفليقة قرر رغم المتاعب الصحية، الترشح لرابع انتخابات رئاسية منذ استلامه مفاتيح قصر المرادية في 1999.
ولد الرئيس المترشح في الثاني من مارس 1937 والتحق في نهاية دراسته الثانوية بصفوف جيش التحرير الوطني. وفي عام 1961 انتقل بوتفليقة سريا إلى فرنسا في إطار مهمة الاتصال بزعماء الثورة التاريخيين المعتقلين بمدينة أولنوا. وبعد الاستقلال، تقلد بوتفليقة منصب نائب في أول مجلس تأسيسي وطني، ثم عين وزيرا للشباب والرياضة والسياحة ضمن أول حكومة للجزائر المستقلة.
|
وفي العام 1963 تقلد عضوية المجلس التشريعي ثم عين في السنة نفسها وزيرا للشؤون الخارجية. لكن الرجل أرغم على الابتعاد عن الجزائر لعدة سنوات ليعود إليها سنة 1987. وشارك في مؤتمر حزب جبهة التحرير الوطني في 1989 حيث انتخب عضوا في اللجنة المركزية. في 1994 اعتذر بوتفليقة عن اقتراح بتعيينه رئيسا للدولة في إطار الفترة الانتقالية، ليعلن سنة 1998 عن نيته دخول المنافسة الانتخابية مرشحا حرا لرئاسيات أبريل 1999 ويتسلم بعدها مقاليد الحكم من الرئيس اليامين زروال في27 أبريل 1999 ليصبح بصفة رسمية رئيسا للجزائر.
ابن النظام يريد تجديد النظام
ولـد المترشح عـلي بن فليـس في 1944 بـباتنـة عاصمة الأوراس. بـدأ مساره المهني بصفته قــاضيا، ثم تولّى خلاله مهام وكيل الجمهورية بباتنة ونائبا عاما لدى مجلس قضاء قسنطينة، بالإضافة إلى العديد من المسؤوليات بوزارة الـعـدل.
وفي أعقاب أحداث 5 أكتوبر 1988، عُـيِّـن علي بن فليـس وزيــرا للـعـدل في حكومة قـاصدي مـرباح، وهي المهمة التي استمـر في تـولّيـها في حكومتين متتاليتين. وفي يوليو 1991 استقـال من الحكومة تعبيرا عن اعتراضه على إجراءات الاعتقال الإداري.
وبعد صمت دام 15 عاما، عاد ابن فليس إلى الواجهة وأعلن ترشحه لرئاسيات 17 أبريل 2014 كمرشح مستقل، وتمكّن من جمع 170 ألف توقيع للمواطنين و2300 توقيع للمنتخبين. ويحظى ابن فليس بدعم عدة أحزاب منها الفجر الجديد الذي يقوده الأمين العام السابق للأرندي الطاهر بن بعيبش، وجبهة الجزائر الجديدة، التي يرأسها جمال بن عبدالسلام، وحركة الإصلاح الوطني الإسلامية، التي يقودها مرشح رئاسيات 2009 جهيد يونسي.
ذراع السلطة في المعارضة
ولدت لويزة حنون في 7 أبريل 1954 بعنابة في أقصى الشرق الجزائري .نالت حنون شهادة الثانوية العامة سنة 1975 وتابعت دراساتها الجامعية وهي موظفة بمطار عنابة. بدأت العام 1979 نشاطها السياسي النسوي خارج جبهة التحرير (الحزب الحاكم) فانتقلت إلى مدينة الجزائر في 1980 لتنشط في مجال الدفاع عن حقوق المرأة بمحاربتها قانون الأسرة المثير للجدل آنذاك.
|
اعتقلت في ديسمبر 1983 مع مجموعة من النساء وحكمت عليها محكمة أمن الدولة بتهمة المساس بالمصالح العليا للدولة. ولم يصدر حكم ضدها حتى أفرج عنها في مايو 1984. ألقي القبض عليها مجددا خلال 5 أكتوبر 1988 ثم أفرج عنها بعد ثلاثة أيام.
وتتقدم لويزة حنون إلى الانتخابات الرئاسية للمرة الثالثة بعد 2004 و2009 وكانت المرأة المرشحة الوحيدة لكنها حصلت في انتخابات 2004 على نسبة 1 بالمئة من الأصوات وارتفعت نسبتها الى 4.22 بالمئة في 2009.
وتعتبر حنون رئاسيات 2014 "مفصلية للأمة ومحطة مصيرية يجب أن تخرج منها الجزائر سالمة ومنتصرة".
ابن الشهيد المتمرد
ولد علي فوزي رباعين العام 1955، استشهد والده أثناء الثورة الجزائرية وانخرطت والدته في صفوف المجاهدين. ظل يرفض إلى اليوم نعته بـ “أرنب” السباقات. في فبراير 1985 أسس مع مجموعة من الشباب الجزائري منظمة مستقلة تحت اسم "جمعية أبناء وبنات شهداء ولاية الجزائر".
كان عضوا مؤسسا لأول رابطة جزائرية لحقوق الإنسان التي تأسست في يونيو 1985 وهو عضو مؤسس للجنة الوطنية لمناهضة التعذيب التي تأسست في أكتوبر 1988. شغل رباعين منصب الأمين العام للجمعية الوطنية الجزائرية في 1983. واعتقل وسجن من 23 سبتمبر 1983 إلى غاية 4 نوفمبر 1984 بتهمة المساس بأمن الدولة، قبل أن يتم الإفراج عنه ويعتقل مرة ثانية بتهمة تأسيس تنظيمات غير معترف بها في 5 يوليو 1985.
الانتخابات الرئاسية الجزائرية لا يختلف عليها اثنان بأنها وجه من وجوه الأزمة في البلاد
وصدر في حقه حكم بالسجن لمدة 13 عاما لكن تم الإفراج عنه مجددا في 26 أبريل 1987 بعفو رئاسي زمن حكم المرحوم الشاذلي بن جديد. وفي 27 مارس 1991 أسس رباعين حزبا جديدا تحت اسم حزب ” عهد 54 ” تخليدا لتاريخ ثورة التحرير الجزائرية “1954 – 1962″ .
ترشح رباعين في الانتخابات الرئاسية عام 2004 لكنه لم يحصل إلا على 0.63 بالمئة من الأصوات، وهو في نظر المراقبين أقل المرشحين حظا في كسب أصوات الناخبين.
مرشح الفقراء
يعد رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، موسى تواتي، من بين السياسيين القلائل الذين طالبوا بضرورة الاحتفال باليوم الوطني للشهيد وتخليده. ولد في 1953 بمدينة بني سليمان ولاية المديّة، جنوبي العاصمة، ودرس في سوريا وليبيا.
ويتبنى تواتي، في جميع خطاباته الدعوة إلى بناء دولة العدل والمساواة في الحقوق والواجبات، وهي المبادئ التي يقول إنه يناضل من أجلها في حزبه الذي أسسه سنة 1999. ويبدي تواتي حرصا شديدا على تقديم نفسه في صورة المناضل الذي يسعى إلى التغيير والدفاع عن حقوق الفقراء والفئات المهمشة و”المحقورة “.
لم يحدث أن عمّر رئيس جزائري أكثر من 13 عاما في منصبه
ويسعى تواتي في مختلف برامج حزبه الانتخابية إلى الحديث عن مشاكل وهموم المواطن البسيط والأكثر حاجة لمساعدة الدولة، بدعوى أنه تربى في ملاجئ أبناء الشهداء التي تكوّن فيها إلى غاية سنة1971 تاريخ انضمامه إلى صفوف الجيش الوطني الشعبي، كمجند عامل، لمدة أربع سنوات، قبل أن يلتحق بصفوف الأمن الوطني، ثم الجمارك الجزائرية إلى جانب عمله في وزارة البناء والتعمير وشركة الأبحاث المنجميّة.
الشاب المتمرد عن جبهة التحرير
ولد المترشح الشاب، عبدالعزيز بلعيد سنة 1963 ببلدية مروانة ولاية باتنة، متزوج وأب لأربعة أطفال يقطن بالجزائر العاصمة.
انضم إلى صفوف الكشافة الإسلامية في طفولته وترقى إلى صف إطار وطني ثم دولي ومثّل الجزائر في عدة تجمعات كشفية دولية. وكان الشاب مناضلا بارزا في صفوف الاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين. تردد اسمه كأمين عام مستقبلي للحزب، لكن الصراعات التي عاشها الحزب العتيد دفعته للاستقالة وتأسيس حزبه جبهة المستقبل، مدعوما بإطارات في اتحادي الشبيبة والطلبة الجزائريين.
وشاركت جبهة المستقبل في الانتخابات التشريعية في 2012 وانتزعت مقعدين في الانتخابات التشريعية.