الجزائر تلعب أوراق الوقت الضائع للحيلولة دون التدخل العسكري في النيجر

يبدأ وزير الخارجية الجزائري جولة أفريقية في مسعى لثني قادة إيكواس عن خيار التدخل العسكري في النيجر، واعتماد الحلول الدبلوماسية لتجاوز الأزمة القائمة، فضلا عن تجنيب المنطقة انعكاسات الانقلاب الذي حدث في نيامي على باقي دول المنطقة.
الجزائر - أوفد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون وزير خارجيته أحمد عطاف إلى دول من مجموعة إيكواس، وهي بنين ونيجيريا وغانا، على أمل إقناع قادتها بتحييد خيار التدخل العسكري في النيجر، واعتماد الحلول الدبلوماسية، بدعوى إنقاذ المنطقة من ارتدادات خطيرة على أمنها واستقرارها، لكن المهمة تبدو صعبة في ظل انحسار هامش المناورة على الانقلابيين بعد التقارب المسجل بين مجلس الأمن والسلم الأفريقي وأعضاء المجموعة.
وشرع وزير الخارجية الجزائري، الأربعاء، في زيارة تقوده إلى ثلاث عواصم أفريقية من أجل إقناع قياداتها السياسية بتفادي خيار التدخل العسكري في النيجر، بغرض ثني الانقلابيين عن خطوتهم، واستعادة الشرعية الدستورية في البلاد.
وباشر عطاف جولته الأفريقية بتكليف من الرئيس تبون الذي ما انفك يرافع لصالح الحلول الدبلوماسية، والتحذير من مخاطر التدخل العسكري في النيجر على أمن واستقرار المنطقة، مستفيدا في ذلك من تحفظ قوى إقليمية ودولية في أوروبا والولايات المتحدة التي عبرت عن رفضها للخطوة المنتظرة.
وتسارعت وتيرة الاستعداد للتدخل العسكري في النيجر خلال الأيام الأخيرة بعد التقارب المسجل في المواقف بين مجلس الأمن والسلم الأفريقي وبين حكومات مجموعة إيكواس، لاسيما الخيار المذكور المدعوم من طرف فرنسا التي يرجح أن تكون طرفا في التخطيط والتنفيذ للعملية.
وقالت صحيفة “الخبر” الجزائرية الخاصة إن الجيش النيجيري شرع في حشد وحداته ومعداته على الحدود مع النيجر تحسبا لتدخل قريب يرغم الانقلابيين في نيامي على الإذعان لمطالب المجموعات الإقليمية والقارية، وهو ما يقلق الجزائر التي حشدت أوراقها في الوقت الضائع من أجل الحيلولة دون اللجوء إلى القوة العسكرية لاستعادة الشرعية في البلد الجار.
ينتظر أن يلتقي أحمد عطاف بنظرائه في نيجيريا وغانا وبنين من أجل إقناعهم بفسح المجال أمام المساعي الدبلوماسية
وينتظر أن يلتقي عطاف بنظرائه في نيجيريا وغانا وبنين وبمسؤولين سامين من أجل إقناعهم بضرورة فسح المجال أمام المساعي الدبلوماسية، وشرح المخاطر والأضرار التي يخلفها أي تدخل مسلح، سواء على دولة النيجر أو على دول الجوار، قياسا بتعقيدات الوضع الأمني وهشاشة مؤسساتها العسكرية والأمنية، الأمر الذي سيتحول إلى عبء على بلاده والمنطقة عموما، لاسيما في ظل الانفلات الأمني وانتشار السلاح وتعدد المجموعات المسلحة.
وأفاد بيان للخارجية الجزائرية صدر الأربعاء بأن “الوزير أحمد عطاف سيشرع في زيارات عمل إلى كل من نيجيريا وبنين وغانا”، دون أن يقدم توضيحات أخرى حول التوقيت الذي تستغرقه الجولة، أو سبب اختيار تلك العواصم دون غيرها، ولو أن التكهنات تذهب إلى ثقلها في صناعة القرار داخل مجموعة إيكواس.
وذكر بأنه “بتكليف من رئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون سيزور وزير الخارجية تلك الدول لإجراء مشاورات مع نظرائه، وأن المشاورات ستتمحور حول أزمة النيجر وسبل حلها عبر الإسهام في بلورة حل سياسي يجنب البلد والمنطقة بأسرها تداعيات التصعيد المحتمل للأوضاع”.
وجاءت هذه الخطوة لتجسّد الانشغال العميق للجزائر حول تطورات الوضع في دولة النيجر، ويعكس مدى اهتمامها بالمسألة، عبر حشد جميع إمكانياتها وأوراقها حتى ولو كانت عشية ميلان الكفة لصالح الخيار العسكري في محاولة لتدارك تأخرها في بلورة مقاربة لحل الأزمة، بعدما ظلت تكتفي إلى وقت قريب بإدانة الانقلاب والمطالبة باستعادة الشرعية الدستورية ورفض التدخل العسكري.
ورغم تحفظ بعض أعضاء مجموعة إيكواس على خيار التدخل العسكري، إلا أن نيجيريا التي ترأس في الوقت الراهن المجموعة الأفريقية، وبنين وغانا تعد من الدول المتحمسة للتدخل العسكري ضد قادة الانقلاب في النيجر، وقد سبق لوفد نيجيري أن زار الجزائر في الأسابيع الأخيرة من أجل بحث مسألة انخراطها في الخطوة، غير أن رفض الجزائر كان علنيا وصريحا.
جولة رئيس الدبلوماسية الجزائرية إلى أفريقيا راكمت المخاوف الجزائرية من التطورات المتسارعة في النيجر
وراكمت جولة رئيس الدبلوماسية الجزائرية إلى أفريقيا المخاوف الجزائرية من التطورات المتسارعة في النيجر، فالجولة جاءت غداة رفض جزائري لطلب فرنسي من أجل استغلال مجالها الجوي للطيران العسكري، بحسب ما أوردته الإذاعة الجزائرية الحكومية.
وجزم تقرير للإذاعة المذكورة بأن “فرنسا تستعد لتنفيذ تهديداتها الموجهة إلى المجلس العسكري في النيجر والمتعلقة بتدخل عسكري في حال عدم إطلاق سراح الرئيس محمد بازوم”.
وأكدت نقلا عن مصدر “موثوق” أن “التدخل العسكري بات وشيكا وأن الترتيبات العسكرية جاهزة”، ليضاف إلى ما تم تداوله حول حشد نيجيريا لقوات عسكرية ومعدات على الحدود مع النيجر تحسبا للشروع في تنفيذ الخطوة.
وأضافت أن “الجزائر التي كانت دائما ضد استعمال القوة لم تستجب للطلب الفرنسي بعبور الأجواء الجوية الجزائرية من أجل الهجوم على النيجر، وردها كان صارما وواضحا”.
وبين رفض وتحفظ دول أوروبية كإيطاليا وألمانيا لخيار التدخل العسكري، وعدم حسم الولايات المتحدة في توصيف عمل الجيش النيجري بالانقلاب، تفاديا للترتيبات التي تفرضها تشريعات البلاد في التعاطي مع الوضعية، تحاول الجزائر الاستفادة من تلك المواقف لتجنيب النيجر والمنطقة عموما تداعيات عسكرية وأمنية يسهل إشعالها لكن إطفاءها سيكون صعبا.
وأبرزت سفيرة الولايات المتحدة بالجزائر إليزابيث مور أوبين في تصريح لقناة “النهار” الخاصة “أهمية اللجوء إلى الحوار السياسي في نيامي، وأن الجزائر شريك هام للنيجر باعتبارها بلد جار وتفهم البلد جيدا”.
وشددت على “ضرورة تشجيع السلطات النيجرية على اللجوء إلى الحوار السياسي من أجل العودة إلى النظام الدستوري، وأن واشنطن تقدر بشدة موقف الجزائر وستستمر في التشاور معها حول هذه القضية المهمة للغاية”.
ولفتت المتحدثة إلى “أننا نسجل تطابقا تاما في المواقف بين الجزائر والولايات المتحدة بخصوص الأوضاع في النيجر، ونود أن نرى عودة النظام الدستوري ونأمل أن يسمح الحوار السياسي بالإفراج عن الرئيس بازوم وعائلته من الاعتقال، على أن يعود البلد إلى وضع مستقر وأن يكون قادرا على تلبية احتياجات النيجريين”.