الجزائر تلجأ للمقايضة مع دول أفريقيا لتخفيف أزماتها المزمنة

الحكومة الجزائرية تخطط لإلغاء الرسوم الجمركية مع 3 دول أفريقية في خطوة لتخفيف الضغوط الاقتصادية.
الأربعاء 2019/02/06
رحلة طويلة لتخفيف الأزمات المالية

وجهت الجزائر أنظارها نحو أسواق أفريقيا بعد أن أجبرتها الأزمة النفطية على البحث عن منافذ تجارية جديدة لإنعاش اقتصادها المتعثر والظفر بمكاسب تدعم بها خزائنها التي تقلصت عوائدها جراء السياسات المرتبكة للحكومات المتعاقبة.

الجزائر – تخطط الحكومة الجزائرية لإدخال تعديلات على قانون المقايضة الصادر في ستينات القرن الماضي يسمح لتجار أربع ولايات جنوب البلاد بممارسة أعمالهم مع ثلاث دول مجاورة دون سداد تعرفة جمركية.

ويتوقع أن يتم ضم موريتانيا للقائمة، التي تشمل حاليا كلا من مالي والنيجر حتى يتمكن التجار في ولايات تمنراست وإليزي وتندوف وأدرار من توسيع أنشطتهم.

ويؤكد اقتصاديون أن هذه الخطوة المتأخرة تأتي في سياق دعم الجزائر للصناعات المحلية وتطوير المبادلات التجارية مع جيرانها الأفارقة وتخفيف الضرر الناجم عن تراجع عائداتها من النفط.

ويسمح قانون المقايضة بصيغته الحالية للجزائر الحصول على منتجات زراعية ومواش من مالي والنيجر مقابل منحهما سلعا تشمل التمور والفواكه والخضر والمعجنات الغذائية والدهون والزيوت وبعض مواد البناء والتبغ.

السعيد جلاب: نستورد من مالي والنيجر منتجات بقيمة 5 ملايين دولار سنويا فقط
السعيد جلاب: نستورد من مالي والنيجر منتجات بقيمة 5 ملايين دولار سنويا فقط

ويقول عيدي سيد أحمد، صاحب شركة استيراد وتصدير تعمل بالمقايضة في ولاية تمنراست المتاخمة للحدود مع النيجر، إن العمل بقانون المقايضة بدأ في 1968 وأدخلت الحكومة عليه تعديلات عامي 1994 و1999.

ونسبت وكالة الأناضول لأحمد تأكيده بأن القانون الحالي يمنع نقل البضائع المستوردة من كل من مالي والنيجر إلى خارج الولايات المعنية.

ووفق بيان أصدرته وزارة التجارة الجزائرية الشهر الماضي، تشمل التعديلات المتوقع إقرارها في القانون ضم موريتانيا إلى الدول المسموح بالمقايضة معها، إضافة إلى توسيع السلع المحلية المستخدمة في المقايضة لتضم منتجات صناعية.

ومن الواضح أن التعديلات المقترحة على قانون المقايضة تأتي في إطار محاولات السلطات الجزائرية رفع المبادلات التجارية مع مالي والنيجر، التي لا تزال دون الطموحات.

وقال وزير التجارة الجزائري السعيد جلاب في وقت سابق إن “المبادلات التجارية مع تلك البلدان لا تزال دون المأمول فالجزائر تستورد منها منتجات بقيمة 603 ملايين دينار (5 ملايين دولار) سنويا فقط”.

ومطلع العام الحالي، صدرت الجزائر أول شحنة أسمنت إلى النيجر، ما يؤكد نية الحكومة تطوير المبادلات التجارية مع الدول الأفريقية المجاورة من أجل فتح أسواق جديدة للصناعات المحلية.

كما كشفت الحكومة عن خطط للدخول في مفاوضات مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (سيداو) لإبرام اتفاق تجاري تفاضلي بين الجانبين.

واعتبر بلخير عبدالسلام أستاذ الاقتصاد في جامعة وهران أن الحكومة تأخرت في تطوير علاقاتها الاقتصادية مع الدول المجاورة، سواء تعلق الأمر ببلدان المغرب العربي أو الدول الأفريقية، وتحاول الآن استدراك تطوير التبادل التجاري.

وأشار إلى أن السوق في الدول المغاربية تضم الآن 100 مليون نسمة وإذا أضيفت لها دول الساحل والصحراء، فسيرتفع عدد المستهلكين إلى أكثر من 130 مليون نسمة وهي سوق تجارية مهمة لأي دولة تبحث عن التصدير وهذا هو هدف الإجراءات الجديدة.

وتكبدت الدولة العضو في منظمة أوبك خسائر كبيرة منذ بداية تراجع أسعار النفط في منتصف 2014، ما تسبب في تقلص عوائد الطاقة بشكل لم تكن تتوقعه وأثر بالتالي على الموازنة واضطرها في نهاية المطاف إلى طباعة المليارات من الدولارات في إطار التمويل غير التقليدي.

ويرى علي درقام جمال المسؤول السابق في وزارة التجارة أن تعديل قانون المقايضة لكي يشمل منتجات مختلفة، والسماح للشركات الصناعية المحلية بالدخول إلى الدول الأفريقية، سيحقق عائدا ماليا لها وللاقتصاد الجزائري.

وقال إن “الدافع لتغيير أو تعديل قانون المقايضة هو المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد الجزائري، جراء تراجع عائدات تصدير النفط منذ عدة سنوات”.

وحاليا، تنتج الجزائر نحو 1.2 مليون برميل يوميا من النفط الخام، وفق الاتفاق المبرم بين منظمة أوبك والمنتجين خارجها، لكن العوائد لا تزال ضئيلة مع بقاء الأسعار في الأسواق العالمية متذبذبة عند هامش 60 دولارا للبرميل.

الحكومة الجزائرية تنوي ضم موريتانيا إلى قائمة الدول التي تتعامل معها بالمقايضة وتشمل حاليا مالي والنيجر
الحكومة الجزائرية تنوي ضم موريتانيا إلى قائمة الدول التي تتعامل معها بالمقايضة وتشمل حاليا مالي والنيجر

وعادة ما يؤكد رئيس الوزراء أحمد أويحيى أن بلاده ستعمل على تطوير قدراتها في مجال تصدير منتجات مختلفة للتقليل من آثار الأزمة الاقتصادية.

ووفقا للبيانات الرسمية؛ بسبب تراجع أسعار النفط، تراجعت الاحتياطيات النقدية لبنك الجزائر المركزي من 194 مليار دولار قبل الأزمة النفطية، إلى 82.12 مليار دولار في نوفمبر الماضي.

ويعاني الاقتصاد الجزائري منذ عقود من تبعية مفرطة لإيرادات الطاقة، التي تمثل أكثر من 93 من صادرات البلاد. ولم تتحرك الحكومات المتعاقبة لتنويع مصادر الدخل.

وحسبما يرى الصحافي المتخصص في الشأن الاقتصادي رزقي إسماعيل، هناك دافع آخر لتعديل القانون، حيث يعتقد أن الحكومة تتجه أكثر إلى تحسين أداء الصناعات المحلية، غير القادرة على المنافسة في الأسواق الأوروبية، وحتى في بعض دول الجوار مثل تونس والمغرب.

وقال إن بلاده “ترغب في دخول الدول الأفريقية القريبة التي تستطيع المنافسة فيها بشكل جيد، ومن ثم تحسين قدرات الشركات الصناعية الجزائرية على المنافسة في المستقبل”.

وأضاف أن “تعديل قانون المقايضة يسمح للصادرات السلعية الجزائرية المرور عبر دولتي مالي والنيجر، إلى دول أفريقية أخرى، وبالتالي المزيد من الأسواق والمستهلكين”.

وتخوض الجزائر منذ سنوات معركة لكبح فاتورة الواردات التي تتجاوز نحو 40 مليار دولار سنويا، وتقليص نزيف النقد الأجنبي، من خلال فرض قيود على السلع المستوردة.

10