الجزائر تلجأ إلى استيراد القمح رغم زيادة الإنتاج المحلي

الجزائر - اضطرت الجزائر مرة أخرى إلى زيادة مشترياتها من القمح هذا العام رغم أن البلاد تتجه إلى إنتاج محلي أكبر هذا الموسم قياسا بالسابق، الأمر الذي يعكس مدى التحديات التي تواجه البلد لإطعام سكانه.
وأكد متعاملون أوروبيون الأربعاء لرويترز أنه من المعتقد أن الديوان الجزائري المهني للحبوب اشترى ما يتراوح بين 810 و840 ألف طن من قمح الطحين في مناقصة دولية الثلاثاء الماضي.
وهذا أعلى من التقديرات التي توقعها متعاملون مساء الثلاثاء بأن البلاد اشترت 800 ألف طن. ووصلت بعض التقديرات إلى 900 ألف طن. وتحدث المتعاملون عن أن الأسعار تتراوح في الغالب بين 279 و279.50 دولار للطن تشمل الكلفة والشحن. ووصلت بعض تقديرات الأسعار إلى 278 دولارا للطن شاملا تكاليف الشحن.
ورغم أن المنشأ اختياري فقد توقع المتعاملون توريد كميات كبيرة من منطقة البحر الأسود بما يشمل أوكرانيا ورومانيا وبلغاريا وربما روسيا. والجزائر زبون مهم للاتحاد الأوروبي وخاصة فرنسا عندما يتعلق الأمر بالقمح، لكن مُصدرين من روسيا وغيرها من دول منطقة البحر الأسود يتوسعون بقوة في السوق الجزائرية.
ومع ذلك، اعتبرت إمدادات البحر الأسود غير الروسية هي الأفضل كمناشئ. ويعود ذلك جزئيا إلى ما قيل مِن أن المصدرين الروس تعرضوا لمشاكل بسبب الحد الأدنى غير الرسمي لأسعار التصدير الذي فرضته موسكو لتقييد الصادرات وتهدئة الأسعار محليا.
وقيل أيضا إن سعر التصدير غير الرسمي أبقى العروض الروسية مرتفعة عند حوالي 285 دولارا للطن شاملا تكاليف الشحن في مناقصة قمح مصرية الثلاثاء.
ومن المتوقع أيضا توريد بعض الكميات من فرنسا وربما ألمانيا. وتعكس التقارير تقييمات من متعاملين. وقد تتوافر المزيد من التقديرات للأسعار والكميات في وقت لاحق.
وتم طلب القمح للشحن على فترتين من مناطق الإمداد الرئيسية بما في ذلك أوروبا، والفترتان هما من الأول إلى 15 أغسطس ومن 16 إلى 31 أغسطس. وإذا كان المنشأ من أميركا الجنوبية أو أستراليا فسيتم الشحن قبل ذلك بشهر.
وسبق أن وردت أنباء في الثالث من مايو الماضي عن أن الجزائر اشترت ما بين 240 و300 ألف طن من قمح الطحين بسعر حوالي 249 دولارا للطن شاملا الكلفة والشحن.
ومنذ ذلك الحين ارتفعت الأسعار إلى أعلى مستوياتها في عشرة أشهر وسط مخاوف من أن تتسبب ظروف المناخ في إلحاق أضرار بمحصول روسيا المُصدر الرئيسي للقمح.
وتأتي هذه المشتريات لتؤكد أن البلد البالغ تعداد سكانه نحو 45 مليون نسمة لا يزال يعتمد على الاستيراد لتغطية الطلب المحلي، الذي يتجاوز سبعة ملايين طن سنويا، بسبب عدم قدرته على تحقيق كفايته من هذه الحبوب عبر الإنتاج المحلي.
وتوقعت وزارة الزراعة الجزائرية مع بدء موسم الحصاد بداية مايو الماضي أن يتراوح إنتاج القمح خلال الموسم 2023 - 2024 ما بين 5 و5.5 مليون طن مقارنة مع 3.5 مليون طن في الموسم السابق.
وبغض النظر عن الجفاف وتأثيراته على الزراعة، فإن لجوء البلد إلى المزيد من الاستيراد يعطي دليلا على ضيق خيارات الحكومة لاسيما وأن المسؤولين منذ 2019 ما فتئوا يؤكدون أنهم سيستغلون المساحات المهملة لزيادة المحاصيل دون أن يحرزوا تقدما يذكر.
ويقول خبراء إن اللافت للانتباه هو أن بلدا مثل الجزائر يفترض أن فيه مساحات زراعية شاسعة على بعد مرمى حجر من فرنسا، التي تعد من أكبر منتجي القمح في العالم، عاجز عن زراعة أراضيه بما يكفي احتياجات سكانه.
وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية المخصصة للحبوب في البلاد أكثر من 3.3 مليون هكتار، منها نحو 450 ألف هكتار فقط تعتمد على الري، ولكن الجفاف قلص المساحات المزروعة.
وتشتد حاجة البلد النفطي إلى تأمين الإمدادات بشكل مستدام مع استغلال فرصة انخفاض الأسعار في الأسواق العالمية وذلك مقارنة بالمستوى القياسي في العام الماضي، ما قد يقلّص قدرا من تأثير منغصات الجفاف.
وتجمع أوساط الزراعة المحلية على أن بلدها أمام حتمية اعتماد إستراتيجية شاملة وواضحة المعالم لسد العجز في إنتاج الحبوب، والذي تفاقم خلال السنوات القليلة الماضية، وزادت من تعقيداته الأزمة في شرق أوروبا.
وتصطدم خطط الحكومة للحفاظ على الأمن الغذائي واستدامته بعراقيل كثيرة تعيق بناء قدراتها ورفع جاهزيتها لمواجهة التحديات المتزايدة مثل زيادة الدعم وتطوير الأنظمة الزراعية التي يبدو أنها لم تتغير لعقود.
وعلى مدار سنوات وحتى قبل بروز مشكلة تغير المناخ شكل ملف الحبوب صداعا مزمنا للحكومات المتعاقبة من خلال إنتاج محلي لا يسد الطلب، وارتفاع كبير ومتواتر في فاتورة الاستيراد.