الجزائر تقر بصوابية الموقف المغربي من أزمة العقارات الدبلوماسية

تؤكد تصريحات وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف بشأن أزمة العقارات الدبلوماسية مع الرباط تخبطا وسوء تقدير، خاصة أن المغرب قدم التوضيحات والأدلة التي لا تقبل الجدل على أنه التزم بالمسطرة القانونية، وأنه حريص على المواثيق الدولية.
الجزائر - أقرت الجزائر بصوابية الحجج والتوضيحات التي قدمها المغرب حول العقارات التابعة للسفارة الجزائرية في الرباط، معلنة عن طي صفحة القضية المفتعلة، والتي بدا أن إثارتها من الجانب الجزائري لم تكن سوى للتوظيف السياسي.
وقال وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف إن “القرارات التي اتخذها المغرب كانت لائقة، والقضية قد انتهت”. واعتبر عطاف خلال مؤتمر صحفي أن بلاغ بلاده التنديدي “جاء بعدما أثار المغاربة الموضوع، ونحن قمنا بالرد عليه”، مضيفا أن “سيادة الجزائر بأيد آمنة”.
وأصدرت الخارجية الجزائرية في وقت سابق من الشهر الجاري بيانا لافتا نددت فيه بما أسمته “مصادرة ممتلكات سفارتها بالمغرب”، معتبرة ذلك “خطوة تصعيدية، تفتح لها مجال الرد بالطرق المناسبة”.
الجزائر تعمد في كل مرة إلى إثارة قضايا مفتعلة مع المغرب، وهو ما تقابله المملكة بحكمة رافضة الانجرار خلف الاستفزازات
وفند مصدر دبلوماسي مغربي مزاعم الجزائر، وأوضح أن مباني السفارة وإقامة سفارة الجزائر السابقة بالرباط غير معنية بأي إجراء، على عكس ما تدعيه الجزائر، مشددا على أن “السفارة ومقر إقامة السفارة الجزائرية السابقة في الرباط واللذين منحت السلطات المغربية مجانا البقعة الأرضية لإقامتهما، لم يكونا موضوع أي مصادرة”.
وقال المصدر “تظل هذه المباني تحظى بالاحترام والحماية من قبل الدولة المغربية، حتى في ظل غياب الامتيازات والحصانات عقب قطع العلاقات الدبلوماسية بشكل أحادي الجانب من قبل الجزائر”.
وتعمد الجزائر في كل مرة إلى إثارة قضايا مفتعلة مع المغرب، في سياق العداء المتأصل للمملكة، في مقابل ذلك تحرص الرباط على التعاطي بحكمة مع مواقف الجارة الشرقية وعدم الانجرار خلف تلك الاستفزازات.
وقال هشام عبود، ناشط جزائري معارض، إن تصريحات عطاف “إقرار جزائري رسمي بخطأ دبلوماسي كبير في معالجة ملف ملكية عقارات السفارة”.
واعتبر عبود، في تصريح لموقع هسبريس المغربي، أن من قام بصياغة بلاغ الخارجية الجزائرية “لم يكن يعلم حتى بوجود مراسلات رسمية بين البلدين حول هذا الموضوع”، مشيرا إلى أن “تقديم الرباط لهاته الوثائق المسربة، جعل الجزائر تتراجع، وعطاف لم يكشف كيف انتهى الموضوع”.
وأشار الناشط الجزائري المعارض إلى أن الطرف الجزائري غير قادر على تنفيذ تهديداته التي جاءت في بيان السابع عشر من مارس، وهو ما يدل على “وجود أطراف في المؤسسات الجزائرية تشتغل في الخفاء باتخاذ قرارات عشوائية”.
وأوضح أن “الدبلوماسية الجزائرية استدركت نفسها، وتيقنت أن من قام بتحرير البلاغ الذي هاجم المغرب لم يطلع على الموضوع. وعليه، عرفت أنها لا تستطيع تقديم أي شيء في هذا الصدد”.
وبالعودة إلى الأدلة التي قدمها مصدر دبلوماسي، فإن الرباط أبلغت، في وقت مبكر من يناير 2022، رسميا وفي مناسبات عديدة، السلطات الجزائرية برغبة الدولة المغربية في شراء مبنى تابع للسفارة ليس مستغلا أساسا.
وأكد المصدر أن “القنصل العام للجزائر في الدار البيضاء استقبل في الوزارة بما لا يقل عن 4 مرات بهذا الخصوص”، كما أحيلت “8 مراسلات رسمية إلى السلطات الجزائرية التي ردت بما لا يقل عن 5 مراسلات رسمية”.
وسجل المصدر ذاته أن السلطات الجزائرية ردت في “اثنتين من مراسلاتها، على العرض المغربي بالإشارة إلى أن تقييما مملوكا للدولة لهذه الممتلكات جار وأنها ستبلغ استنتاجاتها بمجرد الانتهاء منها”، قبل أن تضيف أن “الإفراج عن المبنى وإزالة محتوياته سيتم وفقا للأعراف الدبلوماسية بمجرد الانتهاء من عملية البيع”.
وفي رسالة أخرى، أبلغت السلطات الجزائرية أيضا خطيا أنها “قررت الشروع في إجراء لنزع ملكية بعض الممتلكات في المنطقة القريبة من قصر الشعب للمرافق العامة، وبالتالي استعادة ملكية سفارة المملكة المغربية”.
وسبق أن كشف موقع هسبريس وثائق رسمية تبين “التزاما من السلطات الجزائرية بتحرير مقرات القسم القنصلي وترحيل محتوياته فور انتهائها من عمليات البيع المقررة طبقا للقانون”.
وأكدت وثيقة أخرى “وجود سوابق في سلك مسطرة نزع الممتلكات الدبلوماسية المغربية؛ فقد راسلت القنصلية الجزائرية بالدار البيضاء، في 14 مارس 2022، وزارة الشؤون الخارجية المغربية تخبرها برغبة سلطات العاصمة الجزائر في مصادرة مقر منزل السفير المغربي بالجزائر، لاعتبارات قالت إنها تتعلّق بإعادة تهيئة جماعة سيدي أمحمد، التي يتواجد بها المقر الدبلوماسي المغربي”.
وتشهد العلاقات بين المغرب والجزائر أزمة دبلوماسية متواصلة منذ قطع الجزائر علاقاتها مع الرباط صيف عام 2021، متهمة المملكة بارتكاب أعمال عدائية ضدها، وهو ما رفضته الأخيرة، مبدية أسفها حيال الخطوة الجزائرية.
ويدور نزاع منذ عقود بين الرباط وجبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر حول الصحراء المغربية، وتقترح الرباط التي تسيطر على نحو 80 في المئة من الصحراء منح بوليساريو حكما ذاتيا تحت سيادتها، وهو اقتراح يلاقي تأييدا متزايدا في صفوف المجتمع الدولي، لكن الجزائر تقف حجر عثرة أمام التوصل إلى اتفاق.