الجزائر تفتح باب الشراكة العسكرية مع الهند رغم عودة الدفء مع الروس

التقارب مع الهند والصين للتأكيد على عدم التأثر بحالة التوتر في الجوار والإقليم.
الاثنين 2024/11/04
الجزائر تبحث عن تنويع شراكاتها

الجزائر - تتجه الجزائر نحو تنويع تعاونها العسكري خارج الشراكة التقليدية والحصرية مع روسيا، فرغم عودة الدفء إلى محور الجزائر – موسكو خلال الأسابيع الأخيرة، مع إمكانية إبرام صفقات جديدة في هذا المجال، أبرمت اتفاقا مع دولة الهند، الأمر الذي فتح آفاق التعاون والتنويع في الترسانة العسكرية واللوجستية للجيش الجزائري، خاصة في ما يتعلق بالمعدات الحديثة كالطائرات المسيرة.

ووقّع قائد أركان الجيش الجنرال سعيد شنقريحة، ونظيره الهندي أنيل شوهان، بالجزائر العاصمة، على محضر اتفاق تعاون عسكري، ليكون بذلك فاتحة عهد جديد في التعاون العسكري بين البلدين، وتجسيدا لرغبة القيادتين السياسيتين بعد الزيارة التي أدتها رئيسة الهند مورمو دروبادي إلى الجزائر.

وأفاد بيان لوزارة الدفاع الجزائرية بأن “وفدا عسكريا هنديا رفيع المستوى يؤدي زيارة للجزائر، وأن قائد الأركان استقبل نظيره أنيل شاهين في مقر قيادة الأركان، أين استعرض الطرفان مجالات التعاون العسكري الثنائي، وكذلك سبل تطوير وتعزيز التنسيق الأمني في المسائل ذات الاهتمام المشترك”. وأضاف “تبادل الوفدان وجهات النظر حول القضايا الراهنة، والتحديات الأمنية التي يشهدها العالم وسبل التعاون العسكري الثنائي بين الجزائر والهند، وتطويره في مجالات جديدة”.

ولفت إلى أن الفريق أول سعيد شنقريحة أكد أن “الزيارة الرسمية الأخيرة لرئيسة الهند للجزائر أكبر دليل على الإرادة القوية لقيادتي البلدين لإعطاء نفس جديد للعلاقات الثنائية وتطوير آفاق التعاون المشترك، وأنها تكرس متانة العلاقات والروابط التاريخية التي تجمع الجزائر والهند”.

وكان قائد أركان الجيش الهندي واحدا من الشخصيات الدولية التي حضرت احتفالات سبعينية ثورة التحرير، مما يعكس اهتمام الجزائر بالشراكة والتعاون مع الهند، التي تمثل إحدى القوى الدولية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية.

ويأتي ذلك مع تسجيل العلاقات الجزائرية – الروسية عودة للدفء بينهما بعد شهور من الفتور، حيث عرف محور موسكو – الجزائر نشاطا دبلوماسيا للقيادات البرلمانية والعسكرية، فضلا عن رسالة التهنئة التي بعثها الرئيس فلادمير بوتين لنظيره الجزائري بمناسبة سبعينية عيد الثورة، وهي رسالة تريد من خلالها الجزائر التأكيد على أنها لا تعيش عزلة إقليمية وفق دوائر سياسية وإعلامية، وأنها قادرة على إقامة شراكات متنوعة مع قوى كبرى.

◙ رئيسة الهند مورمو دروبادي أعربت عن تطلعها إلى تعزيز التعاون الثنائي مع الجزائر في مختلف المجالات

وترتبط الجزائر في السنوات القليلة الأخيرة بعلاقات تتراوح بين التذبذب والتوتر مع عدة دول في الجوار والإقليم، على غرار المغرب وإسبانيا وحكومات الساحل والجناح السياسي والعسكري في شرق ليبيا، وأخيرا فرنسا التي سحبت سفيرها من عاصمتها، بعد إقرار الإليزيه بدعم مقاربة الرباط في حل نزاع الصحراء المغربية.

وكان الرئيس الجزائري قد تلقى رسالة تهنئة من رئيسة جمهورية الهند بمناسبة الذكرى السبعين لاندلاع الثورة التحريرية، أكدت له فيها على “التاريخ المشترك الذي يجمع البلدين في نضالهما ضد الاستعمار، والعزم على تعزيز العلاقات العريقة بين الجزائر والهند”. كما أعربت عن “تطلعها إلى تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، وحرص بلادها على توسيع العلاقات متعددة الجوانب بما يخدم مصالح البلدين في المستقبل”.

وأدت رئيسة الهند زيارة للجزائر وصفت بـ”النادرة” في منتصف الشهر الماضي دامت أربعة أيام، فكانت هي الأولى من نوعها منذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في مطلع ستينات القرن الماضي، مما أضفى عليها أهمية إستراتجية تعكس نوايا الهند للدخول على خط صراع النفوذ في القارة الأفريقية مرورا بالجزائر، فضلا عن محاولة اقتناص فرصة شراكة وتعاون مكثف في ظل الموازنة الضخمة التي أعدتها الحكومة الجزائرية للعام القادم، واستغلال مساعيها لتنويع شراكاتها الإقليمية والدولية.

ويرتبط البلدان بعلاقات صداقة تاريخية، تأسست منذ استقلال الجزائر في صيف العام 1962، وعلاوة على ماضيهما في التحرر من الاستعمار، يعدان من مؤسسي حركة عدم الانحياز، إلا أن الفتور خيّم عليها في السنوات الأخيرة، فحتى الرئيس الجزائري لم يكن يراهن على الهند في دعم ملف بلاده للانضمام إلى مجموعة البريكس، قبل أن يتم خذلانه من طرف من كان يصفهم بـ”الشركاء الموثوقين”.

ويفتح محضر الاتفاق الباب أمام إبرام صفقات عسكرية بين البلدين، تكون بداية لتنويع مصادر تسليح الجيش الجزائري، بعد عقود من حصرية السوق الروسية، خاصة وأن وزارة الدفاع استحوذت على الحصة الأكبر في توزيع الموازنة السنوية للبلاد، والتي بلغت 25 مليار دولار من مجموع 126 مليار دولار.

وينتظر أن تساهم فرص التعاون العسكري في زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين الذي بلغ خلال السنوات الماضية 2 مليار دولار، وشمل قطاعات البنى التحتية والصناعات الثقيلة والصناعة الميكانيكية والمحروقات والكهرباء والمناجم والسكك الحديدية، والصناعة الصيدلانية والنسيج والزراعة والبتروكيمياء وإنتاج الأسمدة وتحويل الفوسفات والحديد، وكذلك تحلية مياه البحر وتكنولوجيات الإعلام والاتصال.

ومن جانب آخر، استقبل شنقريحة، نائب وزير الدفاع لفيدرالية روسيا ألكسندر فومين، على هامش الزيارة التي يؤديها إلى الجزائر في إطار دعوته لحضور احتفالات سبعينية الثورة التحريرية. وصرح شنقريحة لنظيره الروسي “يجب التذكير بمواقف أصدقائنا الروس تجاه بلدنا، سواء إبان كفاحنا من أجل التحرر، أو أثناء مراحل البناء والتشييد في جزائر ما بعد الاستقلال، أو خلال كفاحنا ضد الإرهاب الهمجي، وكذلك في ما تعلق ببناء مقدراتنا الدفاعية والردعية”.

أما المسؤول الروسي فقد أشاد بـ”المستوى الراقي الذي طبع الاستعراض العسكري الجزائري، خاصة على مستوى التنظيم أو جودة تنفيذ وانسجام التشكيلات البرية والجوية والبحرية المشاركة”، وأعرب عن العلاقات المتينة والتاريخية بين بلاده والجزائر، خاصة في المجال العسكري. 

4